
المشهد السياسي.. عصاء ترامب وجزرة السلام (1)
بقلم: مجدي عبد القيوم (كنب)
هل فشلت الحرب بالوكالة
السياسة الخارجية في عهد ترامب
هل تقصي أمريكا الاسلاميين عن المشهد؟
الحوار السوداني وضرورة إعادة الدولة لمنصة التأسيس
لم يكن يخالجنا أدنى شك منذ بدء اندلاع الحرب في بلادنا أنها لا تخرج عن السيناريو المعلومة لجل المشتغلين بالسياسة، والتي وضعتها المراكز البحثية المرتبطة بالدوائر الاستعمارية الغربية من لدن حرب الجيل الرابع التي تعتمد على الحرب بالوكالة وتستهدف تفكيك الدول بغية نهب مواردها عبر تفكيك القوة الصلبة للدولة وتدمير ينيتها التحتية وكل مؤسسات الدولة في الخدمة المدنية بشكل ممنهج، ويتم ذلك تحت غطاء شعارات براقة وعزيزة كمحاربة الجماعات الإسلامية والحكم المدني والتحول الديمقراطي وما نحوه من مطالب الجماهير التي وسمت الثورات الملونة التي تنتهج اللاعنف، وانطلاقا من هذه الخلفية تشكل موقفنا من حرب السودان ولم نأبه لجدلية الدجاجة أم البيضة، فاصابع المخابرات الدولية التي تحيك المؤامرات تتقن لعبتها ولا تعجز عن وضع اصابع كل الاخوة كارامازوف على الزناد ولا يهم بعد ذلك من يطلق الرصاصة الاولى، ولم نعر سردية اشعال فلول الاسلاميين للحرب لقطع الطريق على الثورة كثير اهتمام، فمبلغ علمنا أن الدعم السريع ليس مليشيا تنتهج الحرب الثورية انطلاقا من المفهوم اللينيني الثورة ولا قادتها من رفاق توماس سنكارا أو يقتفون اثر جيفارا، ولا أن الامارات كشغل ترفرف رايات الديمقراطية علي ساريات قصور الحكم فيها ومن قبل لمعرفتنا العلاقة العضوية بين الإسلام السياسي بمختلف مسمياته وامريكا عبر التنظيم الدولي للاخوان واذرع الإدارة الأمريكية.
لذلك ابتدرنا كتاباتنا بثلاثة مقالات بعنوان (انتبهوا أيها السادة ..السودان..حكم مدني أم سيناريو يوغسلافيا) ثم ثلاث اخري تحت عنوان (حرب السودان..تطبيق عملي لحروب الجيل الرابع التي تستهدف إخضاع الدول) وغيرها من المقالات التي تناولت موضوع الحرب تتاسس علي ذلك واستعرضنا في السياق نصوص من تلك السيناريوهات.
ومع ذلك ياتي متنطع ليطرح علينا السؤال ما هو موقفك من الحرب؟ وفي التقدير أنه وعلاوة علي التعبير عن الجهل بخفايا السياسة ودهاليزها فهو لا يخرج عن نهج الابتزاز السياسي الذي ينتهجه بعض النشطاء من “مشجعي السلك السياسي” ولا ندري اي موقف هذا الذي يستفسر عنه وفي عناوين المقالات لوحدها إجابة كافية.
هذه المقالات نشرت في صحيف مداميك والراكوبة والتغيير وبعض المواقع الالكترونية.
أي متابع لصيق بالمشهد السوداني يتخذ من الموضوعية التي تبتعد عن الرغائبية منطلقا لم يكن بحاجة إلى كثير جهد ليدرك أن ما تفعله المليشيا لا علاقة له لا بالحكم المدني ولا بالديمقراطية، وكان واضحا من خلال استهداف مؤسسات الدولة والبنية التحتية ومناطق الإنتاج الزراعي ومن قبل المواطن نفسه أنه تنفيذ حرفي لحروب الجيل الرابع التي تبدأ بتكسير وتفكيك الجيوش الوطنية للدول بواسطة الفصائل المسلحة الموازية علي مسارين عسكري بالتمرد وشن الحرب على الدولة ومدني يتأسس على دعاوى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وابعادها عن الحكم وفي ثنايا هذا تشن الحملات الممنهجة التي تستهدف الجيوش الوطنية التي يرسم اطارها العام الاستراتيجين في مراكز البحوث ويسوق لها البعض وكل يغني علي ليلاه ويرقص علي ايقاع الطبال الياتكي محتفيا بجهله وكأن تجارب حل الجيش العراقي والليبي ثم السوري لم تعلمه درسا.
الآن يطرح السؤال نفسه هل فشلت الحرب بالوكالة التي شنتها الإمارات كوكيل اقليمي لامريكا علي بلادنا واستخدمت فيها المليشيا كذراع عسكري وبعض القوي المدنية في متحور قحت كغطاء سياسي ؟ وهل يعزي هذا الفشل لنجاح الجيش السوداني والقوات الحليفة من أطراف سلام جوبا مسنودا بالمقاومة الشعبية المسلحة والتفاف جماهيري غير مسبوق في إفشال وإحباط المؤامرة الدولية علي بلادنا التي أوكلت للامارأت تنفيذها فقط أم أن استراتيجية الحرب بالوكالة نفسها فشلت علي مستوي التطبيق علي مستوي العالم مما حدا بالمخططين إلي انتهاج تاكتيكات اخرى؟.
في تقديرنا ومن خلال متابعة المشهد العالمي أن الامران متداخلان مع جذر المسالة مقاومة الشعوب لاشكال الاستعمار الجديد.
حرب اسرائيل ضد إيران أجبرت أمريكا علي التدخل المباشر بعد فشل إسرائيل والحرب الأوكرانية الروسية تراوح مكانها في ظل تصاعد الموقف بين دول حلف الناتو وروسيا وعنتريات ترامب وتصريحاته النارية حول مواقف بوتين.
بدأ واضحا أن السياسة الخارجية لامريكا في عهد ترامب وكما يري معظم الخبراء تجنح إلي فرض السلام بالقوة أو من خلال القوة ولا تأبه كثيرا بالدبلوماسية وتاخذ طابع الصفقات تاسيسا علي خلفية ترامب كرجل اعمال يعرف ما يريد وماذا يقدم نظير ذلك.
الملاحظ أن الخطاب السياسي الامريكي فيما يتعلق بمعالجة القضايا الساخنة لم يعد يركز كثيرا في مسائل متصلة بالديمقراطية والحكم المدني وان ركز علي ما يسميه القضايا الانسانية وقطعا هو مجرد قول تكذبه الوقائع المحضة كما يري ويشاهد كل العالم ما يجري في غزة وما تفعله المصيدة البشرية المسماة الوكالة الإنسانية الأمريكية التي تطحن الأطفال والصبايا وهم يقفون في طوابير البحث عن الطحين.
الآن فيما يتصل بالحرب في السودان تبدو أمريكا وقد توصلت إلي قناعة بفشل مشروعها لنهب موارد السودان بالحرب فلجأت الي تغيير تاكتيكاتها علي غرار ما فعلت في النزاع الكنغولي الرواندي ومن قبل في إيران بعد الحرب وفي الحالتين كانت الموارد والثروات هي المحفز ولعل تصريح ترامب بعيد حربه مع إيران (يمكن ان تكون إيران دولة تجارية عظيمة) يشف عن أهداف الحرب.
في الملف السوداني أعلنت أمريكا عن بحث الأزمة في نهاية الشهر في واشنطون بواسطة الرباعية التي تحولت بعيد الإعلان عن تأجيل الاجتماع إلي نهاية يوليو إلي سباعية باضافة تركيا وقطر وبريطانيا.
ولعل هذا التعديل في تركيبة الدول يجيب علي السؤال في صدر المقال هل تقصي امريكا الاسلاميين عن الترتيبات الجارية لحل الأزمة السودانية ؟
في تقديرنا أن ذلك لن يحدث كما يتوهم البعض.
كيف ذلك؟ هذا ما نتناوله في المقال الثاني
قبل أن نتطرق في الثالث لما جاء في التسريبات بشأن الموقف الامريكي وماهو شكل جذرة الرئيس ترامب وكيف يمكن أن نعيد بلادنا الي منصة التاسيس التي تعالجط القضايا التي لازمت الدولة منذ النشاة.
التعليقات مغلقة.
الصحيح عصاة