‫الرئيسية‬ مقالات ما بين (تقدُّم) أديس 2024 و(تأسيس) نيروبي 2025.. أنْ تكونَ داخل قارب الخطاب وخارجه في ذات الآن !!
مقالات - 19 مايو 2025, 18:21

ما بين (تقدُّم) أديس 2024 و(تأسيس) نيروبي 2025.. أنْ تكونَ داخل قارب الخطاب وخارجه في ذات الآن !!

 

صلاح الزين

والآن، اكتمل قوس خطاب حرب أبريل 2023 المشدود بين تغايرات الأمكنة والجغرافيا وتغاير الشخوص والتحالفات المحمولة على طواحين الهواء التي تُوزِّعُ البذور، ذات البذور على ذات الحقل والظهيرة.

هكذا في فبراير 2025 قفزَتْ (تأسيس) من زورق (تقدُّم) من غير أن تخطو خارج ماءِ ما يطفو فوقه مركب الأخيرة. الماء ذات الماء، الأشرعة ذاتها والسارية والبوصلة وما تقتضيه الرحلة من تبديل الوجوه التي تَرى ذات المرسى بذات العين وبأنف يشم ذات العطر وبه ينتشي.

بين يناير، أديس أبابا، 2024 (اتفاق تقدم وحميدتي) وفبراير، نيروبي، 2025 (إعلان ميلاد تأسيس) اختلافٌ في الجغرافيا والروزنامة، رائحة المدينة وسحناتها من غير تمايز أو اختلاف في جغرافيا الخطاب، خطاب حرب أبريل 2023، أو ما صمتت عنه كُتَلُ المواثيق النصية المتوالية التي لم تمل يوماً افتراع نصوصٍ ومواثيقَ تقول نفس القول بصياغات ممهورة ومُذَيَّلة بإمضاءات متغايرة: ذات ما سكت عنه النص وإنْ تَبدَّلَ مكان الميلاد والقاعة والشخوص: القول والرؤية لحرب أبريل كحربٍ بين رأسَيْ “جانيوس” الفلولي والجنجويدي، كما أَبِنّا في عدة كتابات سابقة منشورة ومبذولة في الفضاء الرقمي.

خرجتْ بعض مكونات (تقدم) من عباءتها ونَسَجَتْ ما أسمته بـ(تأسيس)، معية مكونات أخرى، من غير أن تخرج من عباءة الأولى ونسيج خيوطها ومهارة النساج ودِرْبة إبَرِهِ وحذاقة أصابعه.

مَن بَقوا في ذات القارب، قارب (تقدُّم)، أَصدَروا شهادةَ ميلادٍ جديدة باسم (صمود)، بينما مَن ترجَّلوا عن القارب اِلتحفوا نسخةَ ميلادٍ معدَّلة تواضعوا على تسميتها بـ(تأسيس). وظلت قابلة الولادة ذات القابلة والمِشرط ذات المشرط والجنين ذاته وإنْ اختلفَ اسْمُهُ المرقون في شهادة الميلاد المودَعة في أضابير “مستشفي التاريخ للولادة” !! ذاك المستوصف المُوزَّع بين مدن العالم وقاراته.

ترجَّلَ مَن ترجَّل وبَقِيَ مَن بقي على مركب الأوديسة المحمول على ذات الماء وتَنفخُ شراعَهُ ذات الريح ويمخر تجاه ذات الشاطيء والمرساة، فقط تبدَّلَ الربّان وِفقاً لساعات عمل الوردية، ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءً، فالبرتقالة وإنْ شُطِرَتْ إلى قسمين تُسمَّى بنصفها ولا تبحث عن مسمىً آخر !!

هكذا انشطرت برتقالة خطاب حرب أبريل إلى نصفين يساكنان بعضهما البعض من غير الخروج على برتقالة خطاب حرب أبريل 2023 وطيِنِ بستانها وسقياه وعصاة حارس البستان ومهمازه.
فكان أنْ أضحت (تأسيس) غصناً جديداً نَبَتَ من جذع شجرة (صمود) بذات الجينات والجذور يجمعهما، وإنْ لم يتمايزا، النظرُ إلى خطاب الحرب كحرب بين رأسَيْ الإله “جانيوس” الفلولي والجنجويدي كما أشَرنا عاليه وفي مقاربات سابقة.

تميزَتْ (تأسيس) عن شطرها الآخر (صمود) بجرأةٍ لم تتوفر عند (صمود) أوان أنْ كانت باِسم (تقدُّم). فقد صدحت الأولى بما خرست الثانية عن إبانته والإفصاح عنه: انحيازها السافر إلى رأس “جانيوس” الجنجويدي، بينما بقيت (صمود)، في حياءٍ، تخوض في ماء رؤيتها الصمدية لخطاب حرب أبريل: حربٌ طرفاها الجنجويد والفلول وإنْ، بمقدارٍ قليل، تقاصر ثوب حيائها عندما وقَّعَتْ على مذكرة تفاهم مع “حميدتي” في أديس أبابا في يناير 2024 وما أعلنته، لاحقاً، عن حق (تأسيس) في الدعوة لتكوين حكومة موازية لحكومة الأمر الواقع والقول بوحدة “الهدف” واختلاف “الوسائل” كما أشرنا في مقاربةٍ سابقة بعنوان “الطبيعة البنيوية لتناسل خطاب حرب أبريل 2023: انشطار رأسَيْ الإله “جانيوس” “الفلولي” و”الجنجويدي” وبقاء الجسد كما هو!”.

هكذا جلسَتْ (تأسيس) ومكوناتها، المعلن منها والمستتر، على سَرجِ دابة الكفيل الإقليمي (الإمارات) الذي يزود الرأس الجنجويدي بما يحتاجه من أسباب البقاء والأموال وعدة الحرب بشهادة منظمات دولية وإقليمية.

تحاول (تأسيس) في سفورٍ وغير موارَبة في خلع عباءة الدم، دفن الضحايا وقبر الذاكرة وستر عورة الرأس الجنجويدي بإلباسِهِ معطفاً سياسياً يخفي عورة القتل والعنف والنهب والتهجير وصوت المغتصبات منذ ما يقارب ربع قرن من الزمان في براري دار فور وما تلى في ولاية الجزيرة والخرطوم. بل يمكن القول إن حرب أبريل 2023 دُفِنتْ بذرتُها في بلولة طين دار فور وربوعها قبل ما يربو عن عقدين من الزمان: مرابع طفولتها هناك، في دار فور، بينما بلغت رشدها وشَبَّت عن الطوق في الخرطوم وولاية الجزيرة. ويظل الحبل السري في كل ذلك الكفيل الإقليمي، دولة الإمارات، التي بدورها تعمل وكيلاً ومخلب قط لرأس المال المعولَم وبوابته الموارَبة للقارة الأفريقية، كما أشار الأستاذ حسام محجوب في دراسة مستفيضة ومعمقة في هذا الشأن والمبذولة على صفحته https://www.facebook.com/share/1ETvc9wwTp/

تَعِبَ وأُنهِكَ مركب الأوديسة في إبحاره، في الزمان والمكان، بين أديس أبابا 2024 ورسوِّهِ على يابسة نيروبي 2025. في الأولى أوصى لقاء حميدتي و(تقدُّم) بإنشاء مجالس محلية للخدمات والأمن في مناطق سيطرة الجنجويد في ولاية الجزيرة والذي لم يصمد أمام شراهة شغيلة (كِسِّيبة) البندقية المستأجَرة للنهب والتقتيل كعقيدةٍ بها يتقاضون أجرهم وما يسمونه بالتغنيم. وكانت مدينَتا الهلالية ورفاعة ساحةً لفشل ذاك الاتفاق. بينما في الثانية، نيروبي 2025، دعت (تأسيس) إلى إنشاء حكومة موازية، باِسم حكومة “السلام”، لحكومة “الأمر الواقع” في مناطق سيطرة حِلفِهِم العسكري تحت قيادة مليشيا الجنجويد والمزمع الإعلان عنها.

هكذا أَلقى مركب الأوديسة، بعد إبحارِ عامٍ كاملٍ، مرساتَهُ على الشواطئ الكينية معلناً عن “تغريبةٍ نيروبيّةٍ” تبحث عن أرضٍ لإعلان حكومة “السلام” الموازية التي يُرجَى أن تتفوق، هيكلةً ومأسسةً، وتتسامى على رديفتها في مدينتَيْ الهلالية ورفاعة في ولاية الجزيرة!!

أفصحَتْ (تأسيس) فيما ارتدته من زيٍّ جديد، مغايرٍ لزيِّ صنوها (صمود)، عن استراتيجية تحالفاتٍ جديدةٍ بها يمكن توسيع تغريبتها النيروبية حتى شملت في ما شملت الحركة الشعبية/شمال ليكون مهرجاناً أحد طرفيه دعاةُ السودان الجديد وطرفه الآخر رأس “الإله جانيوس” الجنجويدي، توأم الرأس الآخر الفلولي، والمعقودة سُرّتُهُما على ذات المشيمة ويتقاسمان ذات الثدي والحليب، أقول مهرجاناً لانمساخ ربوبية ذات الإله إلى إلهٍ برأسٍ واحدٍ على خشبة فُرجةٍ عبثيةٍ تتعالى الآلهة وقداستها عن الانحطاط لدركها.

الآلهة تمكر وتدري أنّ التاريخ أشد الماكرين!! لكنه رأس المال في عولمتِهِ وصناعة وكلائه الإقليميين، والقابعين خلف البحار يتحفزون على الانقضاض.

وهِنَتْ أَقدامُ يناير 2024 الإثيوبية فكان لا بد مما ليس منه بد: استلال قَدَمٍ بنعال من السودان الجديد!! والرأس الجنجويدي، في استحالةِ انسلاخِهِ عن توأمِهِ الفلولي وعرش ربوبية الإله “جانيوس”، يرفل في ذات ما استُحْدِثَ من أجله: بندقية مستأجرة للقتل والنهب منذ ما يقارب ربع قرن من الزمان وبقابليةٍ، ككل عمل مأجور، لا تحده حدود الجغرافية والتاريخ وتبدلات الزمكان ولعناته.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 3.4 / 5. Total : 5

كن أول من يقيم هذا المقال

تعليقان

  1. تحياتي يا صلاح؛
    أول حاجة يا بخت الكتابة بيك وبي نصوصك!
    تساءلت وأنا بقرأ بين السطور يا تُري هل تجرأت “دولة ٥٦” وتسللت فيك لمن وصفت فضّ الشراكة بين جناحيّ تقدم “صمود” و”تأسيس” علي إنه “إنسلاخ” من قبل تأسيس (كما جرت العادة في ذاكرتنا المركزية) وحفظت ل”صمود” حق أنها تبقي هي “تقدم-الأصل” وما تسمية “صمود” إلّا مجرد تغيير جلد! وبقيت “تأسيس-الجناح” هي الطرف المنسلخ والمتمرد علي الأصل؟ وقلت ليه دائماً ما يكون المتمرد من “هناك” والمبادر “هنا”؟ وقلت أكيد العنف الرمزي بتاع “بورديو” فعل فعله فينا وبقي ماشي يتخفي “براهو” بيناتنا!؟ قراءتي تختلف قليلاً في حكاية فضّ الإسم دي، وأعتقد (والله يقلع الإعتقاد) انه كان بسبب عدم توريث طرف ما “إرث” تقدم وما حدث “زي ما قلت” طلاق “فريندلي” بس وز بينيفتس!
    تحياتي دائماً يا مبدع!
    سلام…

‫التعليقات مغلقة.‬