صلاح الزين
‫الرئيسية‬ ثقافة سلسلة المُهمَلات: المخدة (6)
ثقافة - 20 فبراير 2022, 6:51

سلسلة المُهمَلات: المخدة (6)

هذه النصوص هي مشروع كتابة، قيد التنفيذ بعنوان “المهملات”، عن أشياء تبدو لا قيمة لها من فرط تواجدها وبداهتها وعاديتها، رغم انها اكتسبت جدارتها من فرط وجودها! لا أحد يساءل لون بشرته ببساطة لأنها هناك كصبح وصلاة تتكرر فنغفر لها ترددها مثلما نغفر للشمس مغبيها وطلوعها !!اقصد مؤانسة المكرور والذي به أدمنا الحياة والوجود من غير ان نقول ليهو شكراً من فرط تكراره!! هي كتابة تحاول ان تقول ما نجهله عن العادي الذي أوجد الأساسي فينا!! سأنشر هذه النصوص في حلقات عن العادي لاهب شهادة للأساس اليتيم!

صلاح الزين

المخدة راوٍ مقدود من غابات الحكي والهمس ولها نسب مع شهرزاد، تحكي وتحكي وتحكي.

درب الليل إلى الأرق من غير غسله عند الصباح كإسفنجة تكتفي بذاتها، سيان إن كانت محشوة بريش الغمام أو حجارة القفر. كأسنان المشط، تهوي إليها رؤوس البشر فتتخالف طول أسنانها فيصاب الصحو بالأرق ويكون حارس المنام.

بستان يستضيف الفراشات ولسع النحل مصاص الرحيق من غير أن يؤذي بوصلة الوردة!

في تميزها لا فرادة لها فقد تكون كل ما يسند رأس النعاس، إن كان يداً أو نعال. فالتعيين لا يستوعبها، كبحيرة مجهولة النسب.

المخدة سليلة الخواتيم وإن حملت سفاحاً من شهوة الأول، الأول الأخير من تعب وضنك، لينام. قاضٍ بلا مُحلَّفين وشهود عيان. تُسامرُ الحُلمَ والمحلوم به في غياب الحالم المُضنَى بلسع نحل الأرق.

لها صحبة: غطاء وفِراش. تضجر فتعدي الغطاء وتهمس للفِراش آن يتشمم جنبات الغياب وزعانف الصباح.
لها طباع الفخاخ فتأخذك إلى قيلولة النعاس وسفوح الفضيحة.

هي بشر مقدود من نسيج القطن بأنفٍ، ككلب خلوي، يقتنص ما تطفل من عطر ولُعاب كحارس يهدي الضوء إلى مسارب العتمة والغموض.

تُعْرَفُ المخدة بعطر النعاس لا لون الغطاء، فالأول ماهيتها والأخير عابر بينما الأرق نديمها الذي لا يثمل ولا يرتوي.

كسيدة ببهو من جمال، ضَرّتُها لا مخدة أخرى وإنما تغاير مسامير الأرق وثرثرة الصحو، كحقل يعنيه لون العصافير وهجرة سرب الطيور.

المخدة، كالموت، لا نظير لها، نظيرها قيلولة الحلم وهو يحكي ما غاب عنه المنام حتى يكتمل ذات الحلم ويَغسِلُ الصباحُ نعاسَه بقهوة بكافيين.

لا تشتكي للغطاء من شدة البرد أو الحر لعوزها من طعم الصيد وحذاقة الصنارة. المخدة الصنارة والطعم والصيد كموج لا يكون بلا ماء.

مهارة الدُّوري والسبّاك، بعض من خصالها كأيديولوجيا تنظر لنفسها في مرايا الشعار فتتشابه الأزياء ورائحة العطر. كأبدٍ تنتظر وتنتظر، بقلق ووجل، صحو المنام كأم الشهيد في ذكراه. إسفنجة تمتص ولا تهب، والأسوأ سوء العشرة مع الجوار.

هي خمر بلا نديم أو كؤوس، فلا تسكر و لا تمد الشهية لجغرافيا الطعام. فقط تشير لمساء الأمس من غير وعد بالاختلاف، اختلاف الأرق أو الغطيط.

تهمس في مقام الصمت وتنخرس عندما يحبل الكلام فيكون الأرق حادي القافلة بين صحراء ورمال.

كالحكاية وضوء القمر، لا تُشترى ولا تباع. ولكنها تاجر رقيق تسوُقُ النهار لعتبة المساء لتبضع المُنى في سوق الدمع بصابونة بلا ملامح وعطر.

المخدة شوكة في خصر النعاس وعَدوَّة امرؤ القيس وجميل بثينة. نحلة بلسعة كالعسل وكذكرى تتناسل ولا تفنى.

كصفحة مرآة، المخدة لا تضجر. المخدة تنتظر وتنتظر، وإن غشيها السأم تؤجر قارب الخيبة والماء والمجداف لتقول لحلم النهار ما أحوجك للغفو وقليل من فكر الرغبة!!

نسبها من شجرة الغطاء والفراش لكنها، كشجرة الحراز، تنكر انتسابها للمطر وإخوة الجوار!!

المخدة تمايز نفسها عما غيرها كمهرة بصهيل وذيل وإن كان ذات السرج بلونه ورباطه!!

المخدة توجد في كل مكان وتنعدم في كل مكان ولكنها تتشابه كدعوات تعقب الصلوات والصيام.
هي ما يسرده النهار لليله، نهاية ما انقضى ومستهل ما يتكون.
فأي نحب؟؟

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 2

كن أول من يقيم هذا المقال