صلاح الزين
‫الرئيسية‬ ثقافة “المهملات” الصورة (١)
ثقافة - 19 مايو 2021, 11:22

“المهملات” الصورة (١)

هذه النصوص هي مشروع كتابة، قيد التنفيذ بعنوان “المهملات”، عن أشياء تبدو لا قيمة لها من فرط وجودها وبداهتها وعاديتها، رغم أنها اكتسبت جدارتها من فرط وجودها ! لا أحد يسأل لون بشرته ببساطة لأنها هناك كصبح وصلاة تتكرر فنغفر لها ترددها مثلما نغفر للشمس مغيبها وطلوعها!! قصد مؤانسة المكرور والذي به أدمنا الحياة والوجود من غير أن نقول ليهو شكراً من فرط تكراره!! هي كتابة تحاول أن تقول ما نجهله عن العادي الذي أوجد الأساسي فينا!! سأنشر هذه النصوص في حلقات عن العادي لأهب شهادة للأساس اليتيم!

المهملات

في الصورة (١)

صلاح الزين

ـــــــ

أنا اثنان في واحد
كجناح سنونوة
إن تاخر فصل الربيع
اكتفيت بنقل الإشارة

– محمود درويش

ــــــ

الصورة هي هي ظل الكائن وإن انحتف! هي معاكسة إرادة الخالق وإن كان رحيماً كغزالة.

الصورة عطلة الكاتب وإن كان في إجازة. كيف يؤجّز الكاتب عن الكتابة؟! بل كيف يؤجّز الخيال، إن شئت؟! لك أن تتخيل كيف أؤجز إجازة مدفوعة الأجر لمن أحب أو قصيدة انتاشتني أمام سبعة أبواب؟؟
بالضبط، كيف يغلق عمر الدوش بابه حتى لا ينسرب جوعى أُمبدة وصعاليك التكاسة أو محجوب الشريف وهو يقف، كجبل مغيم، حتى لا تسرق غويشة من كانت تصالح الإله وعسَفِه في ذات الآن!!

هي الصورة، إحالة بأكثر من عين كعيون ميدوزا تحجر كل قلب بالضغينة!!

الصورة شباك، شباك ضيق الأصيص ككائن يبشر باتساع الوجود وهو يكسر البيضة.
هي كما قال ابن عربي: ما أضيق العبارة وأوسع الرؤية!

هي كما الترجمة فيما قاله درويش: الترجمة زي القبلة من خلف زجاج!!

وبالاستطراد، الصورة زنا الغياب! كيف تزني بمن هو ليس هناك حتى تعاقبك الآلهة!!

تبدو الصورة، في البدهي والمكرور، اغتناء الذاكرة ببذخ الغياب ليكون للغائب سيولة الحاضر كعطش الرمل من غير حب الرمل لعطش الأبد حتى يكون أبداً بكرم وشرفات!

هي الصورة، كما تبدو، جرافةً، تعتلف الخراب وفي ذات الآن ترشد إلى قبر الضحية كما قمر يحيل إلى السواد وسدوله، مثلما انشد امرؤ القيس وهو يشير إلى الغانيات بخمرهن: اصبروا لحدي بكرة!!

الصورة، ذات الصورة، عنكبوت بلا نسيج من الأمعاء ولكنها عنكبوت تنقذ الرسول من موت شبق!! وهناك، هناك، على بعد عطر، كانت الحمامة موت هديل الموت المحدق كقبلة تنقصها اكتمال المواضعة ودِربة الصياد.

هي، أعني الصورة، ما صمت عنه الإطار في لهوجته أن يكون ما استحال أن يكونه، صورةً بغير إطار!! عشان كدي يُثبّت بمسامير على جدار خال حتى من الطلاء!!

هي، همس عندما تعم الحلكة كي تعاقب فصاحة الفيزياء وسوط المعلم!! هي شيطنة الآلهة وهي تتبتل في معبد الإله! هي وترٌ أضاع العازف والكمان ومن غير حشمة استلف أبو داؤود حتى تكتمل الفضيحة بستاناً جماله من خلوه من السياج!!

الصورة لا تبدو ولا تأتلف حتى. من مِنّا صَوَّر قبور الأمهات وعلي فضل ومايكوفسكي! أجزم ألا أحد!!

الصورة تخاتل وتنكر عريها ولبوسها كمهرة أضاعت سرجها وفارسها وغاض عنها شبق العراك!!

ما كان إدوارد سعيد وبكاء درويش إحالة إليهما، وإنما كانت صورة سعيد ودرويش في (صورتهما في جامعة كولمبيا) في كيفية مسامرة ما مضى لما لم يمض بعد، أعني حواراً آخرَ يحاور ما هو تاريخي ويحتفي بجمال الموت المحتوم، بمعنى آخر، كيف تُزوِّج الوجود للفناء إن كان الأخير يعني العدم، ومنطقاً لا يعنيه!! فثمة درويش وسعيد بيننا سلالةً تأبى الانقراض.

الصورة هي التباس فيه يغفر الغابر للحاضر، كزهرة وامرأة يعتذران، الأولى عن عطرها والثانية عن قطيع غزلان يورد نبعاً! أو تغفر لامرأة أعددتك لبذخ الغد المجهول حتى تكون معركة ما لا يكون مع ما يكون، كضرورة، تهدي القطيع دروب الذئاب في كنفها الجبلي!!

الصورة ألا ترى عري الوضوح كبغلة لا تعرف أنوثتها أو غابة لا ترى الأشجار فيكون عريها عباية العري كمفردة تزيد عن حروفها!

الصورة انفلات الأمس من اليوم كغيمة تكره الهطول ولكنها، ليس كما أراد الله، تهطل وتهطل!!

هي شهوة أن تكون وأنت تكره الجغرافيا حتى وإن كنت بطول وعرض وطقس بحروسطي يدهن بحر الحنين برائحة الخبز الشامي!!

الصورة دمل ينقح في عورة الحلم الناقص كالمسيح وهو يبلغ السماء في الميثولوجيا فينكره طنين الرسالات التالية!! هي، الصورة، نكران الحقيقة لماء الكذب حتى يختلط الرمل برمل على مقربة من شهوة الصحراء!!

هي، بت الملعونة (!) ، كيفية أن يخلع النهار سترة الظلام، فنصلي صلاة الفجر وهو يستعجل النهار أن يحل!!

الصورة إبدالٌ جماليٌ به تكون شلوخ أمي نزوة شفاه حبيبتي وهي تسن أصالة الوضوح وتحبني، وأحبها، ونحب بعضنا من غير جينالوجيا وشهادة ميلاد كموت معد ومحتوم!!

هي، في إطارها، يسيل لعاب قدمها علي فيغمر ما زاد عن مساحة الموجود كطائرة تفاجئ الغمام بجناح يرشدنا لمن غبروا، أقلاهم علي فضل وأمي، بزهو ينسجان بستان من أحب كحقيقة في مزاد العصافير !!

وأحبها، أعني الصورة، الفائضة عن الإطار وأبحث، كدوري أو لص حذق عن خلوها من مواضعة لا تُعنى برهق العطش وانتصاف النهار!!

هي كيفية أن تفاوض الأرق، اعني الصورة، وتسامر بداهة أن تكون بلا أرق كليل ملتاث بالجهات الغامضة!!

الصورة امرأة من عجينة الحب الغامض، الغامض كفضة قمر اطفأتها غيوم بلا رحم، كزرافات من غير شجر وفهود ولدت قبل حين معلوم!!

هي ألا أكونك فلا تكونني حتى نحب ما كناه ذات دهر حول مائدة بلا لئام!!

هي أن يكون رولان بارت في إجازة الكاتب من الخيال فيتسع الملموس فأكسب حيزاً لأكون معنيٌ بحب شفاه حبيبتي حتى أكون وتكون الصورة!!

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 1

كن أول من يقيم هذا المقال