
مساء يلملم أغراضه ويرحل
شعر : صلاح الزين:
هذا المساء
المساء الذي دومًا يركلني
دومًا يلملم أغراضه ويرحل
فلا استبقيه
أشيِّعه بأنفاسي
وأشرَع له الباب ليخرُجَ
أشيحُ بوجهي عنه
أرشده إلى الدَرَجِ
أغسِلُهُ بكل ما أوتيت
من حليبِ السأم
ضجرِ الظهيرة
ورعافِ النميمة
أفتح شقاً في الأثير
لأَدفنَ وقْعَ خطواته
أكسر المرآة
كيلا أرى تلويحة يدي
وهو يبتعد
أقفل راجعاً
آخذ بخصرِ مساءٍ آخر
ينتظرني هناك
لاهثاً يخطو صاعداً
كخطيئةٍ يعترضُ مِعراجَها الأنبياءُ
أُدخِلُهُ
أُخفي الصباحَ
وأُضاري شمساً تستحم في جمرها
وعطش الحراز
نجلس
هكذا نجلس
عينُهُ فوق كتف عينَي
هو الدُوريُّ وأنا الصياد
بنبالٍ وشراك
عُدَّتي بهوٌ من نبيذ
وعشيقةٌ من هواء
تجلس هناك
تَفْتِلُ طفولة المساء عباءةً للصباح
تقطر الصلوات
لا تدلقها
تُسَوِّرها سُقيا للسراب
بخفةِ شبحٍ أمد يدِي نحوها
أهمز وسطها
فتشرئب الكؤوس، يطاطئ الإله
فأُخْرِجُ الفخاخ
أُوقِظُ الحربَ
استلّها من نَسَبِها
وطفولة المياه
،كطفلةٍ بضفيرةٍ، تَدخُل الحربُ
لا تجُرّ عمراً خلفها
فريسةً بلا دم
كثمالةٍ بلا قدمين تجلس قرب خفرها
قصيدةً أبجديتها ما تتلوه الرياح
فراشةً بظفرها تحكّ قدم الغيم
وعَوْرة طلاء الكلام
الحرب بِنْتُ الأبدية والاعتذار:
الحرب اعتذار
اعتذارُ نعلِ الريح من السحاب
اعتذارُ الشعاع عن خِفَّتِهِ
الغابةِ عن أنوثتها
الخمرِ عن غرورها، علوِّ كعبها والخيال
الكتابةِ عما وشت به القصيدة
الحربُ اعتذارُ القمرِ عن طمثه
واغتصاب الغمام
الحربُ ما تَدُسُّهُ أسفل الدولاب
ما يهمس به العطر للثياب
وصايا النحل للبستان
عطسةٌ تتعثر
لوحةٌ تخاصم لونها والإطار
نميمةٌ يُخجِلها قِصر قامتها
حَبَبٌ لا يسيل
نبيذٌ يعتذر عن طعمه
حنينٌ لا يترجل عن سرجه
موجةٌ أضاعت زَبَدَها وضَوءَ المنار
غزالةٌ تَعرِج عند الغدير
تشيح عن صورتها
كيلا تُخجِل الصغار
تخاف ظل الغابة فوق الماء
فتركض
بعيدا تركض عن عطشها
وسرب الظباء
الحرب تميمةٌ
حبرٌ إلهي
طينٌ يعفِّر هذا المساء
التعليقات مغلقة.
رائعة رايعة يا صلاح ….. رائعة حد.الكمال.
كخطيئةٍ يعترضُ مِعراجَها الأنبياءُ
إلى ليل إرتحل وتركنا بلا وطن ولا عنوان !!
( يا ليل العناد والتمني )
يا ليل العناد والتمني
استحلفك بالله اجبني
لماذا الضنى وهذا التجني ؟
لماذا تطول وماذا تعني ؟
إلى متى تقذفني امواجك تهذني ؟
متى ترسو فيك قواربي وسفني ؟
كان سحرك ملاذي و موطني ؟
وصدرك راحتي ومسكني ؟
ومجيئك السحر والسعد يعني !
فصرت نعشي وقبري وكفني !
إلى متى يا ليل عذابك يلفني ؟
فابحث عن غيري ويكفني ؟
أو عد الي كما كنت وإليك ضمني !!