‫الرئيسية‬ مقالات تبدلت الأسماء والمرآة والخطاب ذات الخطاب: انقسمت “تقدُّم” فهل انقسم خطاب حرب أبريل 2023؟؟
مقالات - 13 فبراير 2025, 18:45

تبدلت الأسماء والمرآة والخطاب ذات الخطاب: انقسمت “تقدُّم” فهل انقسم خطاب حرب أبريل 2023؟؟

صلاح الزين

في مقاربة منشورة سابقاً قلنا:
“وفي اختلال واضطراب مقاربة خطاب حرب أبريل، على نحو ما ذُكر عاليه، (كحرب بين خطابين: فلول وجنجويد) كان لا بد مما ليس منه بد: انفجار بِنْية خطاب تقدُّم، متناً وقولاً، والإفصاح عما تم السكوت عنه وإخفاؤه لحين رسو القارب، قارب تقدُّم الأوديسي المُساط بِريحٍ إقليمية ودولية، على شاطئٍ وصباح. فكان حتم انشطار تقدُّم إلى “تقدُّمَيْن” بمثل انشطار رؤيتها لخطاب حرب أبريل ذو الرأسَيْن: فلولي وجنجويدي. وبذات المنوال بادعاء كل طرف اتساق رؤيته في كيفية ما يجب أن يكون ويرى إليه من وطنٍ وبلاد. ولا أحد يضمن ما قد يجود به الخطاب من تناسلات أخرى في المنظور القريب والبعيد”.
(الحكومة الموازية: ورطة تقدُّم البنيوية بين البقاء فوق شجرة التاريخ أو السقوط في سديم الجغرافيا، مداميك، الثاني من فبراير 2025).

“أكد المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية تقدُّم، بكري الجاك أنه تقرر حل الجسم السياسي الذي كان يحمل اسم تقدُّم، كاشفا عن أنه سيتم تكوين جبهة مدنية عريضة لوقف الحرب وتجاوز الجبهة التي تدعم ميليشيا “الدعم السريع” سياسياً.
وقال الجاك في تصريح لـ(الشروق) المصرية: “قمنا بحل التنسيقية وكل تيار داخلها سيمضي لطريقه، وعملياً لم يعد موجود جسم اسمه تقدم الآن”.
وأضاف الجاك: “سنقوم بتنظيم صفوفنا للإعلان عن كيان سياسي جديد وسوف نعرض تصوراتنا عنه خلال الـ 48 ساعة المقبلة”.

وهكذا رسى ذاك القارب الأوديسي، قارب “تقدُّم”، المُتعَب من التجوال وألقى مرساته، بعد إبحار ملحمي عند شاطيء (صمود)!! أبحر فوق كل المياه بكل ألوانها وجغرافياتها فغَرِقَ في يابسة التاريخ من غير أن يُصلِح مرآة الخطاب، خطاب حرب أبريل 2023، المشقوقة لنصفين بوجه فلولي وآخر جنجويدي حتى لا يصاب بلعنات الإله “جانيوس”!!

يُتعَبُ الخطاب، أي خطاب، يُنهَك ويشيخ لكنه لا يموت وهو يُحلِّق بجناحين من صبوات وأشواق مسنوداً بحوامل طبقية وسياسية، فكرية وثقافية. يُبدِّل نَعلَهُ وطاقيتَهُ ليُخفي ملامحه ومن ثم، صُعَداً، يعاود خطوه.

انوسمت السيرة الذاتية لـ”تقدُّم” بميسم مفارقتها لشعار الديسمبريين: العسكر للثكنات والجنجويد ينحل فحَمَلَت بذرة لعنتها وتناسلت: قحت، إلاطاري، “تقدُّم” قبل أن تحط رحالها في بنية خطاب حرب أبريل، كمستوىً من مستويات بنية خطاب الحرب، والجلوس على شرفة الخطاب بمنظار يَرى إلى الحرب كحربٍ بين فصيلين بلباسٍ وزيٍّ مُغايِر. ولذات السبب طفقَ مركب “تقدُّم” بالتطواف وارتياد محطات متغايرة داخل بنية الخطاب وجغرافيته من غير الخروج على بِنيتِهِ وتصوراته.

ولَّت “تقدُّم” وجهها نحو ما هو هناك خارج خطاب حرب أبريل: الخارج الإقليمي المُفضِي إلى خارجٍ دوليٍّ في الجوار والهيمنة. فكان أن أصبحت “تقدُّم” تتقدم في توسيع انفتاح خطاب الحرب على فضاءات إقليمية ودولية مما أسس كلياً ارتهان ديناميكية الخطاب بها.

تناسلت محطات رسو “تقدُّم” وألقت برحالها في أربع جهات الأرض من غير أن تغشَى أرض خطاب حرب أبريل وما سبَقها. توازت “تقدُّم” مع مسيرة الحرب فغضَّت الطرف عنها وأوكلت أمر إيقافها إلى قِوىً إقليمية ودولية.

ومثلما كان انتقال كيكل من الكتف الجنجويدي إلى الكتف الفلولي هو هو انتقال في ذات بنية خطاب الحرب لا خروجاً عنه أضحت كل انتقالات وانشقاقات لاحقة ومحتملة هي هي انتقالات داخل بنية خطاب الحرب لا خروجاً عنها. فقد انسدَّ أي احتمال لذاك الخروج بمقاربة سؤال الحرب كحرب بين رأس جنجويدي وآخر فلولي.

تَغفُل “تقدُّم” ولا يَغفُل الخطاب عن استبانة موضع خَطوِهِ القادم. فللخطاب مقدرات ومهارات تكتيكية واستراتيجية تسمح له بالتوسع أفقياً ورأسياً، جغرافياً وتاريخياً من غير المساس بنواة بنيته الخطابية وسيرورة مصالح القوى الاجتماعية والسياسية والطبقية التي يتكئ عليها الخطاب، خطاب حرب أبريل، في تعالقاته المحلية والإقليمية والدولية.

ولأن الحرب امتدادٌ للسياسة والخطاب بزيٍّ وعِطرٍ مغايِر، كان لا بد لخطاب الحرب أن يكون بمهارةٍ وحنكةٍ تعينانهُ على التعاطي مع أي معطىً جديدٍ ومحتمَل تأتي به الحرب وهي تخطو، جيئة وذهاباً، صعوداً وهبوطاً، بين كتفَي خطاب الحرب ذي الرأسين: جنجويدي وفلولي، وله في انتقالات “كيكل” سابقة بها يجوز تبديل قِبلة الصلوات اللاحقة. فكان تفكُّك “تقدُّم” وانقسامها إلى فريقين إحدى حيل خطاب الحرب للحفاظ على اتساق بنيته وإيقاعها المغروسة في تُربة النظر لحرب أبريل كحرب بين فصيلين: جنجويدي وفلولي.

فقد كان خطاب الحرب، ومنذ أن كان نطفة، بدهاءٍ ومهارات تعجز عن قراءته في واحدية بنيته لا انقسامها إلى بِنيتَيْن، وقد ابتلعت “تقدُّم” ذاك الطُعْم وما انفكت. والحرب، في خساراتها وانتصاراتها، تشير بقوة إلى ضرورة تبدلات خطابها ودروب سيره واستحالة خروجها عن بنية تصورات الخطاب وما يحتِّم من مقاربة سؤال الحرب داخل ذات البنية وعقلها، لا النظر إليها، أي الحرب، كحَتْمِ ضرورة أفصحت عنه قراءة الديسمبريين لتناقضات بنية الدولة الكولونيالية منذئذ.

تجود الاخبار بما يشير إلى رجحان كفة الجيش مما استدعى انتباهة الخطاب لتَفَقُّد موضع خطوِهِ القادم من غير الخروج على بنيته ومستوياتها. وبمكرٍ جينيٍّ لازِمٍ له تفتقت مهارة الخطاب عن خوض حرب أخرى، ضمن حروباته التكتيكية المتناسلة. تزينت حَربُهُ الجديدة بعباءةِ ما يُنظَر إليه كانقسام “تقدُّم” إلى فصيلين، يناظِران ويكملان رؤية”تقدُّم” التي تعقل خطاب حرب أبريل كحرب بين فصيلين.

استطراداً أَرجعَت “تقدُّم” ذاك الصدى لتَسقُط، مرة أخرى، في فخاخ خطاب الحرب واصطفافاتها: فمن شبَّ على شيء شاب عليه!! لم يتغير، بَعدُ، طعم الحليب ولا عادات الرضاعة وتغيرت وضعية الإرضاع في فم “تقدُّم” وذائقتها..
فانقسمت.

انقسمت برتقالة الخطاب إلى قسمين لا يكتمل بهاءُ البرتقالة وطعمُها بغير التئام النصفين ذات خطابٍ ومُكرٍ آخر. فانحطّت رثاثة الرؤية، رؤية خطاب حرب أبريل، وفقرِها إلى درك التوافق على اسمين مختلفين، (قمم) و(صمود)، لذات الكائن الواحد الأحد.

قديماً قيل لا تصلح التسميات ما أفسده عطار الخطاب !!
برتقالة مشطورة إلى قسمين وسط بستانٍ خطابيٍّ متعدد الألوان يُسقيه ذات النبع ويضوع بذات الرائحة لحين عودة برتقالة الخطاب إلى طبيعة البرتقال: العسكر للثكنات والجنجويد ينحل.

يَتعب الخِطاب وينهكه الوقوف على قَدمٍ واحدة. ولأن الخطاب، خطاب حرب أبريل 2023، فيه من طبيعة الكائنات الحية الكثير، أقول، لا بد له من تبديل قَدم الوقوف، لحين تَعبٍ آخر، حد استيلاد قَدَمٍ ثالثة إنْ بلغ التعب مَبلغَهُ من القَدمين الطبيعيتين.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 4.4 / 5. Total : 7

كن أول من يقيم هذا المقال

تعليق واحد

  1. استأذنك في نشر المقال على صفحتي في الفيسبوك و هي صفحة معنية بخطاب الوعي و الإستنارة في مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة

‫التعليقات مغلقة.‬