مفكرة الحرب - 30 يناير 2025, 7:16

عمود كهرباء

شعر : صلاح الزين

وحيدا يقف هذا الكائن
يُفَلِّي قملَ الليل
يدهن شَعر المساء بقطران أبيض
وكسِكِّيرٍ يغشى الحانات
يعرض عن شارات مرور
وصيحة شرطي يعلكه نعاس
أو حرب فاضت عن سعة المرآة
ويضجر
كذبابة تسهكها الظلمة
صباح ينضو الشمس ويتبختر
طفلاً عاد من أول يوم الدرس
أو جندياً يحكي عن الحرب
فيسهر

فالحرب ظلٌ منقوص، وترٌ مشروخ، نعلٌ مثقوب، غيمٌ فاتر، بعضٌ من بعضٍ لا يتذكر

الحرب عشبة أتلفها سهوُ الرب، حَجَرُ تيمم، صلاة العورة، غبار الظل، عشيقة إبليس، حَوَلُ الله، لُعابٌ جفّ ولم يتقطر

الحرب تتعطر
لا تغفل عن قهوتها، بخار نزوتها، غزال كمنجتها، دربها فوق الماء وحلماً لا يفيق

الحرب نبيد لا يُسْكِر
حِوار حجرين، عرش بلا نسب، أميرة بفرو سحاب وكُحْلِ يقين، تتجمل..
خفر سراب، كعب من سحاب وبرق يهشُّ قطيعا بغير عصاة..
الحرب بشراهةِ ضوءِ وقمر يتعثر

عمود النور يغفو، فيحلم:
ثمة صبية يسندون أرَقَهُ بعرقٍ ونميمة، قولٌ لم يكتمل فيُرجَى، فالحرب خاطرة في خصر الغيمة، ثدي لرضيع لم يولد، سكك حديد لقاطرة بلا مكبح، هبوب خرجت من فلك الريح، عاهرة بلا شهوة كصَفَقٍ يتساقط أو ظلاً يهرب، نصف عطسة وكأس مكسور، خمر تهرق قداستها، تلعن بذرتها، بلولتها ولا تروى

وكزهرة تذبل يغفو النور،
فالحرب يراعة
وعمود النور دربٌ
بلا سابلة ومشاة
سماءٌ تخاف العلو، فتترجل
جنديٌّ بوسامة ظباء تتأمل
نهرٌ أرهَقَهُ الموج
حصاةٌ تحرس شاطئاً
وقَبوٌ بمرايا من عنب يتجَمّل

يَنْسَلُّ عمودُ النورِ من شراشفه، خفيفاً يطأ نصف حلمه،
بوجلٍ يتثاءب،
يرتاب،
يمسح عرق جبين الحرب، يَدْلُكَ ساقيها، يبلِّل شفتيها، يرفع تنورتها، يتحسس أسفل عانتها وما تقذفه من نَسلٍ وشعاع
وكجرفٍ يتأمل
يتشهَّى
رفقةَ صبيةٍ عادوا من الحرب
بعَرَقٍ ونميمة
غيرةِ ديك
جوارب قيلولة
بعض مناشف
وسؤال

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 4.6 / 5. Total : 5

كن أول من يقيم هذا المقال

تعليقان

  1. عمود كهرباء مقال معبر ومتميز فى الفكره واللغه التى تمشي فى وادى عبقر بين الشعر واللاشعر وتدخل فكرتك يا صلاح فى القارئ دون ان يشعر ، ولكن هذه المره لم اقم بتوزيعها الى أصدقائي واقاربي بسبب المقطع الاخير من عمود الكهرباء لكن لا اعتراض ان تصلهم من غيرى . شلبي

‫التعليقات مغلقة.‬