‫الرئيسية‬ مقالات اكتمال قوس حرب أبريل: نصف مرآة الخطاب تحن إلى نصفها الآخر
مقالات - 17 يناير 2025, 5:04

اكتمال قوس حرب أبريل: نصف مرآة الخطاب تحن إلى نصفها الآخر

صلاح الزين

الخطاب، خطاب حرب أبريل 2023 ، الخطاب “الجانوسي” ذو الرأسين “فلولي” و”جنجويدي” في سعيِهِ لكسر عاهته يسعى لكسر مرآة التاريخ حتى تكون مرآته جَوفاً لِجِماعِ وجوهِ ضحاياه فلا يروا جمعهم ووجوههم في مرآة الحقيقة. فمرآته صفحة غدير نرجسيته التي تتكاثر كلما أُلقيَ حجرٌ فتتسع المرآة ويطمئن الخطاب إلى صورته، يُصلِح ما فسد من عطره، يُبدِّل نَعلَهُ وهِندامَهُ ثم يخطو خارجاً من مرآة طفولته نحو مرآة فُتوَّتِه ليُبدِّل ضحاياه بضحايا آخرين فاضوا عن سعة مرآة طفولة الخطاب.

فليست كل المرايا بِصِدْقِ ما قاله علم الفيزياء والضوء ولا كل الضحايا من رحم ذات “الحواء” ولا نفس الرب في مرآة خطاب الحرب الذي يَرى ثمة اختلافاً في لون دم قابيل المنحور عُنقُه بيد هابيل، شقيقه.

هكذا كَسرَ خطاب حرب أبريل ذو الرأسين مرآته عندما أُستِلَّ الرأس “الجنجويدي” من ضلع الآخر “الفلولي”. كُسِرَت المرآة وشُقَّت إلى نصفين متماثلين في السِعة والنوايا وسَرْجِ الدابة ورَسَنِها. أََوكلَ الرأس “الفلولي” لصِنوِهِ وتوأم روحه “الجنجويدي” مهاماً هناك، هناك في براري دار فور، بها يُوسَمُ الأخير بميسم الانتقال من الطفولة إلى مقام الرجولة والنضج ليكمل فتوَّة الأول ويعِينُهُ في الحِل والترحال إنْ وَهُنَ العظم منه وضَعُفَ البصر والبصيرة.

فالخطاب، مثله مثل الكائنات يُنجِب خطابات أخرى حتى لا ينقطع نسل الخطاب فينقطع تناسل ذرية الضحايا فيظفر التاريخ باتساق يطمر ذات الخطاب ويعدّمه نفاخ النار.

تُرِكَ الحصان “الجنجويدي” وأَُرخِيَ رسنه ورَكضَ لقرابة ربع قرن، لا يلوي على شيء، ليحيل حَلّال ومضارب دار فور ومرابعها وشعوبها إلى شعوبٍ تستوطِن معسكرات زمزم وكلمة والشُوَك وتنجب جيلاً، شب عن الطوق الآن، ينظر من فوق سُدَف تلك الكانتونات علّه يَرى بصيصاً من منامات آبائهم وما فوق وتحت مخداتهم من حلم وصبوات.

والخطاب، كما الأحياء يحلم ولا يكف عن الحلم. وهكذا خطاب حرب أبريل لا يعرف حدوداً لجغرافية حلمه ولا أرقاً يستنزف الحلم ويزدريه. فشَدَّ رحاله لإتمام حلمه في جغرافيات تتوسد مخدات لم تَنزف، بعد، دم بكارتها. فحمل الرأس “الجنجويدي”، بذرة نطفة الضلع “الفلولي”، كتفه ونصف المرآة وولّى وجهه شطر الخالق، خالقه وراعيه ليكتمل إنجاب العدم.

الخطاب لا تَعدم كِنانته مما يعيد ويشحذ استراتيجياته إنْ ثلمت نِصالُها. كما له مهارة وعيني صقر في التقاط واسطة العقد، ومَن غير ولاية الجزيرة ؟؟!! فالجزيرة سُرَّة البلاد، تاريخاً وزمكاناً ووجداً. التأم نصفا المرآة والتصق نصف المرآة “الجنجويدي” بنصفه “الفلولي” لتكتمل مرآة الخطاب في سُرَّة البلاد، ولاية الجزيرة، وتغتني المرآة وينصقل سطحها بما يجلبه الآخر من دهان به يمسح شقوق قَدَمَيْ الخطاب في رحلة شتائه الطويل نحو الفناء والسديم. فالجزيرة بستانٌ يكمن في ما يحتويه من ورود تنام في عين التاريخ وأهداب البستاني، حارس البستان.

بذكاء ومهارة اختار الخطاب، خطاب حرب أبريل، واسطة العقد حتى تنفرط حَبّاته وتذروها رياح الخطاب على أربع جهات البلاد.
ومنها وفيها، ولاية الجزيرة، يُصلِح الخطاب، الخطاب “الجانوسي” برأسَيْهِ “الفلولي” و”الجنجويدي” ما ألمَّ به من عاهة خَلقية وتاريخية ليَرى نفسه في مرآته كائناً، كغيره من مخلوقات الله، بوسامةٍ ونرجسية بها ينتقل الإله “جانيوس” من مثنوية تسيء إلى وجوب قداسته إلى واحدٍ أحد كما يجب أن يكون عليه المقدَّس حتى يُقدَّس وتُرتجَى رحمة سماواته وما يعرج نحوها من صلوات وأدعية.

وكما تفترس الذئاب القصي من القطيع، يفترس خطاب حرب أبريل، بزَيِّهِ الجديد، القاصي من قطيع ولاية الجزيرة: الكنابي، ليكتمل قوس مرآة الخطاب وتكتمل صورة الضحايا في مرآة الخطاب، كاملةً غير مشطورة إلى نصفين وينعم الخطاب بقيلولة، يتمناها مديدة، على مبعدة من منتصف قائظة ظهيرة التاريخ.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 1

كن أول من يقيم هذا المقال