
مرضى السرطان.. الحرب تفاقم آلامهم وسط ضعف الرعاية وشح الدواء
الخرطوم: مداميك
الحاج محمد من بين آلاف مرضى السرطان الذين نزحوا قسريا بسبب الحرب من الخرطوم الى ولاية نهر النيل “عطبرة” ثم الى الولاية الشمالية “مروي” بحثا عن الامان والعلاح مثله مثل كثير من المرضى الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا علاج او رعاية صحية، وظلوا يركضون من مدينة الى اخرى للنجاة بحياتهم.
يقول الحاج محمد الذي وصف معاناته بالمستمرة: “انا مريض سرطان أجريت عملية جراحية ازالة ورم من القولون قبل سنتين، وأحتاج شهرياً إلى الدواء والمتابعة الطبية والعلاح وليس لدي من يساعدني إلا الله ومن ثم مساعدات أهل الخير”.
الحاج محمد حاله كحال المئات من السودلنين الذين فقدوا بيوتهم وأمانهم واستقرارهم واضطروا للعيش بمعسكر النازحين (مدرسة) بالكاد تتوفر لهم الوجبات بالمجهودات الشعبية و باشراف غرف الطوارئ.
معاناة وصعوبات
والحاج محمد ليس احسن حالا من الثلاثينية خديجة اسماعيل التي تحارب سرطان الغدد الليمفاوية منذ عام ونصف، وجدت خديجة نفسها في رحلة فرار من الحرب وخروجهم من مدينة الضعين بولاية شرق دارفور وعبورهم بارتكازات الدعم السريع ثم الجيش، واجراءات التفتيش التي تستغرق ساعات ثم المبيت في المحطات وتكاليف السفر العالية والنجاة من قطاع الطرق وتجار الازمات، ثم الوصول الى مدينة مدني بولاية الجزيرة في عشرين يوما لتلقي العلاج بمركز ود مدني للاورام قبل ان تنتقل الى مدينة بورتسودان بعد تمدد الحرب وسيطرة الدعم السريع على المدينة.
ورغم الصعوبات المركبة التي واجهتها قالت خديجة انها من المحظوظات لتمكنها من الوصول للمركز، واشارت لوجود مئات المرضى بالضعين لكنهم لزموا منازلهم دون علاج بعد دمار كافة المستشفيات والمراكز بسبب المواجهات العسكرية، لتبقى حالة المرضى رهينة بوقف الحرب في ظل غياب الأمن وتدهور الأوضاع المعيشية،
وأضافت خديجة “في مركز بورتسودان أتلقي العلاج الكيماوي، ولكن العلاج الإشعاعى غير متوفر”.
مخاطر وتحذيرات
وحذر أطباء من صعوبة الوصول إلى خدمات علاج الأورام خلال الحرب الحالية ما يعرض حياة أكثر من (40) ألف مريض بالسرطان للخطر. وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت من انهيار “نظام الرعاية الصحية في السودان خصوصا في المناطق التي يصعب الوصول إليها”.
ارقام مجهولة
ولا توجد إحصائية حديثة لأعداد مرضى السرطان في السودان، وكانت آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة صدرت في أغسطس 2022 أشارت إلى وجود (20) الف حالة إصابة نشطة بالمرض(8%)منها لأطفال.
ومن جهته قال مدير المراكز القومية لعلاج الأورام دفع الله أبو إدريس في تصريح لـ(مداميك) إن مرضى السرطان في السودان يواجهون وضعا صعبا للغاية وأضاف أن كل مراكز العلاج كانت موجودة في العاصمة الخرطوم ومدينة ود مدني، والآن تعمل عدة مراكز بالولايات ولكنها غير مصممة لاستقبال كل مرضى السرطان في السودان،
ونبه الى فقدان كل اجهزة العلاج الإشعاعي في مدني والخرطوم، ما عدا جهاز واحد بمستشفى مروي، يوفر (5%) فقط من الحاجة للعلاج الإشعاعي لمرضى السرطان بالسودان.
وشكا أبو إدريس من عدم توفر أدوية السرطان، واضاف ان المعضلة الحقيقية تتمثل في قلة أدوية العلاج الكيماوي بسبب أن ميزانية السودان تأثرت بالحرب، وتراكمت المديونية للشركات التي توقفت الآن عن استيراد الأدوية، وأضاف “نواجه الان نقص بنسبة (40%) من الحوجة لأدوية العلاج الكيماوي لمرضى السرطان، وتخوف ابوادريس في الوقت ذاته من تزايد الفجوة، وناشد دول العالم والمنظمات للمساعدة في توفير العلاج الكيماوي.
دمار ممنهج
وكشف تقرير حديث صادر عن شبكة اطباء السودان عن توقف (73) مستشفى خاصًا من أصل (80) عن الخدمة نتيجة للنهب والتدمير الذي طال المنشآت الطبية، وتحويل بعضها إلى مقرات عسكرية بالخرطوم مما تسبب في خسائر مالية قُدرت (121) مليون دولار.
أوضح التقرير ضلوع قوات الدعم السريع بشكل واسع في عمليات النهب والتدمير، وأشار التقرير الذي أعده فريق من المختصين والخبراء بالتواصل مع ملاك المستشفيات، إلى أن هذه الممارسات أدت إلى شلل كامل في القطاع الصحي الخاص في الولاية.
وحذرت الشبكة من عواقب وخيمة على الخدمات الصحية في الحاضر والمستقبل. ووصفت التدمير بأنه انتهاك صارخ لقواعد الحرب الدولية التي تحظر الاعتداء على المرافق الصحية، وأوضحت أن ما يقارب من 15 مليون سوداني بحاجة إلى رعاية صحية عاجلة ومنقذة للحياة بمافيهم مرضى السرطان والامراض المزمنة.