
بعض من مساء
شعر: صلاح الزين
مساءٌ
لتَوِّهِ خارج من ربطةِ عنقِ صيرفي عاطلٍ
أو شرفة يخجلها عطش الأنس
فلا تسترق النظرَ
فتدلقُ نبيذَها على قبعة الغياب
وتتوسد مخدةَ أرَقِها
وتهشُّ طيورَ المنام
صباحَهُ حوَلُ النملِ في المسير
أو حائطٌ أنهكَهُ حكَّ الشياهِ
وشدوُ الرعاةِ
فأضاعَ عصاة الانتباه
فراسةَ الاشتباه
موعدَ النسلِ
رفقةَ الحقلِ
مهرجانَ الثغاءِ
والعودةَ لبركة المساء
مساءٌ
مساءٌ لا يحتمل
كيومِ قيامةٍ في الربيع
أو موجةٍ تخشى الارتداد
وخشيةَ المعنى من الفراغ
فألبستَهُ عباءةَ بقّالٍ غيور وعمامةً من نقيق، حذاءَ أرملةٍ
وما نَسيَهُ النحيبُ
وغسلْتَهُ في بركة غفلتْ عن قمرٍ خجول
فأضاعت شهقةَ الوترِ وصدى السكون
مساءٌ
كان حافيًا
كريحٍ بلا نعال
ماءٍ بلا لون
مجرةٍ أضاعت القطيع
مقصٌ يُشذِّب ما طال من شوارب الحنين
فيوهِنُ وسامةَ السبات وخيولَ الظنون
وينثرُ الشراكَ مشابكًا لخاصرة الغمام
فيقضمُ هبهان الحمام
يعلِّقُ بهارات الضجر على حبلِ التبانةِ ورعونةِ الهواءِ
فيغفو وينتظر
كذبابةٍ فقدَتْ نسلَها وعلِقتْ في بهو الطنين
فصمتَ
كشاطئٍ يندبُ الغرقى، حلكة بحره، صنارةَ صيدهِ وما تتنفسه الرمال
مساءٌ أخافَهُ فأرتديهِ ليكون بعضًا مني لأكون
قهوةَ الفضيحة وطعمَ لونها، سرجَ شهوتها وعلفَ مهرتها وصدى حوافرها في برية المنون
وأيضاً أخافَهُ
كوقتٍ يستعجل وقتَهُ، موتٍ يستحثُ عُرسَهُ، فضَّ بكارةِ العدم وارتطام حجرٍ بقاع الفناء
فأجلسُ لأفاوضَهُ لنكونَ
جناحَيْ فراشة
مصبًا ونبعًا لنهرِ السراب وحذاءً للشتاء
خوفَ غزالٍ من نميمة الغابة
وتقاصرِ الظلال
فيكوِّرُ حاجبَهُ وينفضُ عن ثوبهِ غبارَ صباحِهِ وما بانَ من دلالٍ
يشيحُ نظرَهُ عن كأسُ نبيذهِ وخفرِ العنب وهمسِ السُكرِ لمفاصلِ الاحتمال
ويذهبُ
يذهبُ كما لم يكن هناك كسِرٍ لم يكن
وأبجدية لم تبلغ مقام الكلام
فأحتارُ
فأوقظُ صمتي من سباتهِ وكأسي من عطلتهِ ووترٍ من رمشِ الغيم
وأهدهدُ نعاسَ الحنين وأغسله بعطرِ الشعاع
لأنام