
رسالة إلى الشاعر بابكر الوسيلة
شعر :صلاح الزين
يا بابكر!
بابكر الهناك
المخبوء في تميمة الوقت ونقص الخيال
أتذْكُر إني التقيتك قبل أن ألتقيك؟
أتذْكُر؟
عند ذاك المنحنى بين المعنى والتأويل؟
كنت يا بابكر مفتونًا بعورة النهر ورائحة الشِباك
شَرِبنا ما استطعنا من عَرَق
وترحَّمنا على الموتى من الصحاب
ثم التقيتك بين حربين
ما قبل الحرب وبعدها
كنت يا بابكر ترى الحرب تُمشِّط شعرها
تختار عطرها
تُحدِّق في المرآة ولا ترى غير عُريها
وتبتسم
كنت ترى ما لا نراه
لماذا يا بابكر لم تخبرنا
لنرى ما تراه؟
لست غاضبًا يا صديقي
أعرف أنك بخفر وردة اعتلتها نحلة
نهر سُرِقَ موجُهُ
أو ربوة لا يراها أحد
أعرف أنك تريد ما لا تريد:
أن تجفل الظباء
أن تسوِّر الغدير
أن تخدش أنوثة الغابة والظلال
أن لا تشيخ طفولة القصيدة
طفولة وجه “المغيرة”
وهو ينصب شِباكَهُ لرصاصةٍ خضَّت هديل الحمام
من خفرِهِ يرتاد المكان
ويغشى ما نسيَهُ الصحاب
يهدهد غيابهم كنبي تقاصَرَ عن عرش الإله
ولا يتعب
لا يتعب كحصاة نسيتها ريحٌ وبرقٌ
على كتف جرف من غير انتباه
بلا نعال يرتاد الأماكن كلها
كلها كظل خَبَتْ شمسُهُ في قبو قصيدة يرعبها المنام
قل لي بربك يا بابكر كيف تُسامِر “رَبوَك”؟
وأنت محشور بين حرب بلا سرج وأخرى تعتريك؟
كمهرة أراك تعدو
بين قصيدة وزفير
وتربت على كتف غيمة سقَطَتّ من جناح الريح
وأضناها المسير
وأراك يا بابكر
أراك تُعلِّق جرسًا على عنق الحنين
تقرع باب الصحاب
فالحرب حربان
وأخرى على الطريق
وسألتقيك
نجلس ثلاثتنا
الحرب تتوسطنا
أُخبِئ خمرنا في خصرها
نُجمِّل عنقها برصاصتين أو يزيد
كتوأمَيْ أوِز نخاصرها
كاس عَرَقٍ باليمين وآخر بيدِ الهواء
بطيئًا، بطيئًا كغزالين نحجل بها كيلا تستفيق
لتوقظ حربًا هناك
وهناك سألتقيك
لأسألك:
كنت ترى ما لا نراه
لماذا يا بابكر لم تخبرنا
لنرى ما تراه؟
لعلك تقول!
ياسلام
كما عودتنا نثرا وسعرا نراك دائما تتجاوز حدود اللغة التي نعرفها مصطحبا معك مفرداتها “بدون فرز”” الي فضاءآت جديدة من الإبداع لم تخطر ببال احد.