‫الرئيسية‬ مقالات في المسكوت عنه: شملة “الرباعية” بين الرَفْوِ والرَتْق
مقالات - 25 سبتمبر 2025, 16:38

في المسكوت عنه: شملة “الرباعية” بين الرَفْوِ والرَتْق

صلاح الزين

تُرى، بيد “الرباعية” مِخرزًا به تخيط فتوقات عباءة خطاب الحرب، حرب أبريل 2023؟!

تم تدويل خطاب الحرب من قَبل تفجيرها بوضع رِجلَيْ الخطاب في قارب رأس المال الإقليمي والدولي. حرب حتم الضرورة المقروءة ضرورتها في إنجيل الديسمبريين: الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب.

تعاطت القوى المدنية، “قحت”، مع خطاب الحرب كحربٍ بين الفلول والجنجويد بسؤال: من الذي أطلق الرصاصة الأولى؟ لتصبح الحرب مجرد “شَكلة تستدعي حَجّازًا” للتوسط. وهنا كان سقوط مقاربة القوى المدنية في فراغ قَولِ كِلا السؤال والإجابة والتعاطي مع ما تلى ذلك وصولاً إلى ما تم في لقاء “تقدُّم” وحميدتي في يناير 2024.

أصبح سؤال مَن أطلق الرصاصة الأولى حبلاً يلف جسد الرؤية لخطاب الحرب عبر كل سيرورة تحولات “قحت” مفاهيميًا وبنيويًا انتهاءً بالطلاق المحتوم الذي أفضى إلى كيانين: “صمود” و”تأسيس”.

ما كانت تلك التحولات والتغايرات إلا حتم ضرورة اقتضاها طرح السؤال الخطأ حول مقاربة الحرب والذي انتهى بالتعاطي معها كحربٍ بين رأسَيْ “جانيوس”: فلول وجنجويد.

فقرُ الرؤية تلك اختزل الحرب إلى مجرد خطأ فنْيٍّ في المناورات والاصطفافات العسكرية لكلا الرأسَيْن. سقطَتْ تلك الرؤية في النظر لحرب أبريل 2023 كخطابٍ برأسَيْن، بِِنْية خطابٍ متعددِ المستويات تسمح له السيولة الخطابية بتغيير مركز البِنْية الواحد إلى مراكز متعددة لذات بِنْية الخطاب من غير خروج المستويات الأخرى عن سلطة الخطاب. تتبادل بِنْية الخطاب ارتكازاتها الخطابية لضرورة تقتضيها سيرورات الخطاب ورهاناته الاستراتيجية.

تتباين تكتيكات الخطاب ويتمظهر بأوجه متعددة في مرايا الخطاب ليقول ذات القول وإنْ تغايرَ اللسان. فللخطاب، أي خطاب، عدة ألسِنةٍ جميعها لا تخرج عن قول سلطة الخطاب وقَولِهِ والذي انبهم على القوى المدنية، “قحت”، قراءته. نَظَرتْ في مرآة خطاب حرب أبريل فلم تَرَ فيه إلا ما يود رأسَيْ “جانيوس” رؤيته. تتعدد مرايا خطاب حرب أبريل والمِرآة لا تخرج عن طبيعة علم الفيزياء والضوء.

يتغير المسرح وكاست الممثلين والمخرج ومساعِده والإكسسوار والإضاءة ويبقى نَصُّ العرض ذات النَص، يتباين الملفوظ الدرامي من غير أن يخرج عما يود قوله المخرج وإنْ تعددت ألسِنة القول وما سكت عنه النَص.

أردفَت “قحت” والقوى المدنية هذه الرؤية، إن حرب إبريل 2023 هي حرب بين رأسَيْ الإله “جانيوس”، فلول وجنجويد، أقول اِحتقبت رؤيتها تلك فوق مركب (أوديستها) متنقلة ومرتحلة بين عدة مدن وقارات لاجتماعات ولقاءات حول قضية الحرب. فكان حتم ضرورة أيضًا انقسامها في هذا العام، 2025، إلى فصلين: “صمود” وتأسيس”: تنشطر البرتقالة إلى نصفين من غير أن تكون شيئاً آخرَ سوى كونها برتقالة كما أنبتها ذات الإله “جانيوس” !!.

في منحنى انشطار برتقالة خطاب حرب أبريل إلى “صمود” و”تأسيس” بل وما قبل ذلك كان لِكِلا رأسَيْ “جانيوس” ارتهاناتٌ ورهاناتٌ إقليمية ودولية، الأولى ليست سوى وكيل للثانية وبوابتها . بل ما كانت طبيعة الاقتصاد الطفيليّ لحكومة ما قبل الحرب تسمح بأي تمفصلات خارج بِنْية رأس المال المعولَم الذي يعمل من خلال وكلاء محليين وإقليميين. بحربه انفجر خطاب حرب أبريل حربًا مقروءة حتم ضرورتها في ثنايا إنجيل الديسمبريين: الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب: العسكر للثكنات والجنجويد ينحل، كأِطروحة قاربت بِوَعْي بِنْية الدولة الكولونيالية وتناقضاتها التي انعقدت في بِنْية سلطة الخطاب العربسلامي منذ انقلاب الحركة الإسلامية في 1989 وما تبع ذلك من حروب.

مِن ضِلعهم اِستلُّوا الجنجويد كبندقية إيجار بعقدٍ حتى انتهى بِهما ذاك العقد إلى تطابق مصالحهم الطبقية والسياسية والفكرية وفجروا حربهم برأسَيْن جالِسيْن على كتفَيْ الإله “جانيوس”. من ما يبدو تناقضاً رئيسيًّا في خطاب حرب أبريل بين الفلول والجنجويد وما يلي ارتباطاتهما الاقليمية والدولية، أطلَّ العامل الخارجي بكل ما يحمله من طموح إلى السيطرة علي موارد البلاد وجغرافيتها الجيوسياسية.

اكتمل قوس العامل الخارجي في خطاب حرب أبريل 2023 ذو الارتهانات الإقليمية والدولية بما أعلنته الرباعية (مصر، السعودية، الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية) في بيانها الصادر في 12 سبتمبر 2025، والذي يحوي بنودًا عدة من بينها النَصُّ على قيام حكومة مدنية انتقالية لمدة تسعة شهور. لينهض السؤال، السؤال الديسمبري الذي لم تطفِؤه ربوبية الإله “جانيوس” إذ إنه سؤال الأنطولوجيا والكينونة: حرية سلام وعدالة، العسكر للثكنات والجنجويد ينحل. وكأنه خطيئة، بسببه انفجرت حربٌ كاملةٌ القوام والخراب، ونظر العقل الرائي إليها كحربٍ بين رأسَيْ الإله “جانيوس”، الفلولي والجنجويدي والذي لم تخرج الرباعية عن ذات زاوية النظر والعقل. فالرباعية غير معنية بمناهج التحليل والمقاربة قدر عنايتها بالنظر إلى حرب إبريل 2023 كحربٍ بين فصيلين بينهما توزعت القوة المدنية، “قحت”، إلى “صمود” و”تأسيس” وما بينهما من صمت الأولى وعلو كعب الثانية. إيقاف الحرب ليس هو هو إنهاؤها، الأول تقني معنِيٌّ بالماثل والهناك بينما الثاني معنِيٌّ بالتاريخ وإفصاحاته، بالخطاب وحوامله الطبقية والفكرية. الأول فني وأداتي معنِيٌّ بالراهن من غير النظر إليه كراهن تاريخي بشجرة نَسَبِ سُرَّتِها مدفونة فيما كان وسيكون.

ستقف الحرب ولكنها لن تفنى. مثل المحارب، الحرب تحتاج إلى استراحة ليَعدِلُ خطابُها ما انهدم مِن بِنْيتهِ وما خرج عن سلطته من مستويات واستراتيجيات تحالفاته الطبقية والسياسية والفكرية.
الخطاب يمكر وهو خير الماكرين !!

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 2

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *