
سياسة الانقلابيين الفاشلة أفقدت البلاد 6 مليارات دولار من تحويلات المغتربين
مداميك: الخرطوم
حذر خبراء ومحللون اقتصاديون من استمرار تراجع تحويلات المغتربين داخل البنوك والقنوات الرسمية، بسبب فشل الجهات المختصة في إقرار حوافز وتسهيلات تجذب مدخرات المغتربين التي تفوق أكثر من 6 مليارات دولار سنوياً، يمكن أن تسهم بصورة كبيرة في تحريك عجلة الاقتصاد الذي يشهد تدهوراً مستمراً بسبب تراجع وعدم استقرار قيمة العملة الوطنية رغم السياسات التي أقرتها الحكومة الانقلابية من تحرير وتوحيد سعر الصرف لإعادة الاستقرار لسعر الصرف، ولكن فشلت السياسة في تحقيق أهدافها، واستمر تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، الأمر الذي شجع تجار وسماسرة العملة للتلاعب والتحكم في سوق النقد الأجنبي، الأمر الذي اضطر البنك المركزي للتدخل بضخ موارد نقد أجنبي للبنوك لاستعادة الاستقرار لسعر العملة بعد أن تصاعد سعر الصرف لأعلى مستوى له في تاريخ السودان بعد أن قفز إلى 800 جنيه مقابل الدولار الواحد، الأمر الذي دعا الأجهزة الأمنية بالتدخل لحسم سماسرة وتجار العملة واستمر البنك المركزي في ضخ موارد نقد الأجنبي لاستعادة استقرار سوق النقد الأجنبي.
بدوره، قال عضو مجلس السيادة الانقلابي أبو القاسم برطم، إن البلاد فقدت ٦٠ مليون دولار دخلت بطرق غير رسمية، لافتا إلى أن تحويلات المهاجرين عبر القنوات غير الرسمية فقدت دورها في المساهمة الاقتصادية، بسبب عدم وجود سياسات مستقرة أو رؤية واضحة لصالح المغتربين.
وأشار إلى أن البيئة الاستثمارية بالداخل غير مشجعة، وأدت إلى عزوف المهاجرين عن تحويل مدخراتهم فضلاً عن انعدام الرؤية والسياسات المصرفية غير المستقرة والسعي الجاد لتهيئة المناخ المناسب لجذب تحويلات المهاجرين، عبر إقرار حوافز تشجيعية حقيقية تمكنهم من المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد القومي.
وأمن أثناء مخاطبته الجلسة الافتتاحية للقاء التشاوري حول مساهمة المهاجرين في الاقتصاد الوطني، على ضرورة استيعاب تحويلات المهاجرين ضمن السياسات الاقتصادية للدولة ومعالجة قضاياهم العالقة.
وأضاف أن التجربة السودانية في قضية المهاجرين خلال الفترة الماضية، اقتصرت على الاهتمام بالإجراءات وأهملت التحويلات المالية التي تعتبر داعماً مهماً للاقتصاد الوطني.
بدوره، أكد الأمين العام للجهاز المغتربين مكين حامد تيراب عدم تحقيق الحوافز المعلنة من قبل الجهاز لأكثر من ٢٠ حافزا نتيجة إشكالات وتعقيدات عديدة. وتوقع مكين أن تفوق تحويلات المغتربين نحو 8 مليارات دولار، بخلاف مدخراتهم ومشاريعهم بالداخل، مشيرا إلى بعض المشاكل التي تعترض إجراء التحويلات في بعض الدول.
ودعا إلى إعادة الثقة بين المغتربين والدولة والوصول إلى رؤى مشتركة وتبادل المنافع بينهم والدولة للمساهمة في تلبية رغباتهم وتنفيذ مشاريع الاستقرار لهم وتعزيز دورهم في الاقتصاد الوطني والتنمية، والتأكيد على أهمية الدور الذي يلعبه اقتصاد الهجرة في التنمية ونهضة الوطن ودور البنوك والمؤسسات المالية.
وأشار إلى المساعي الجارية لإنشاء بوابة إلكترونية لحصر المغتربين لأنه لا توجد إحصائية دقيقه عن عدد السودانيين في الخارج وحتى الآلية الوطنية لم تكن فاعله في هذا الخصوص، ما أدى إلى أن يقوم الجهاز بالتنسيق المتواصل مع الجهات ذات الصلة وتقديم خدمات قانونية ودعم لوجستي للمهاجرين والمغتربين، بما في ذلك المهاجرون غير الشرعيين، داعيا إلى أن تكون البنوك والمصارف والبيوت التجارية جزءاً من البوابة الالكترونية لجذب مدخرات المغتربين دعما للاقتصاد الوطني.
ودعا الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير لاعتماد حزمة من الحوافز والتسهيلات لتشجيع تحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية مما يساعد في تعظيم الفائدة للمغترب والدولة، للابتعاد عن اغراءات السماسرة والمضاربين في سوق العملات الاجنبية وتغليب مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمات كبيرة بعد التدهور الذي طال كافة القطاعات بسبب الفساد الذي استشرى خلال فترة حكم المخلوع عمر البشير التي استمرت منذ 1989 وحتى الإطاحة به في ثورة شعبية في أبريل 2019، وأثرت تلك الأزمات على معظم الشرائح السكانية. ثم جاء انقلاب 25 أكتوبر وتوقفت المساعدات الدولية من منح وقروض ومساعدات دولية حرم السودان منها، وكان يمكن أ،ن تسهم في استعادة الاقتصاد عافيته ولكن لازالت مشاكل الاقتصاد متفاقمة والأوضاع المعيشية تشهد تدهوراً ملحوظاً بسبب فشل حكومة الانقلاب في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.