رؤية الأستاذ محمود محمد طه تجاه التنمية تثير حراكاً واسعاً (7-5)
بدر موسى
مقاربة د. عبد الله الفكي البشير بين آراء الأستاذ محمود محمد طه والبروفيسور أمارتيا سن تجاه التنمية تلهم المتخصصين في التنمية وتدفعهم لفتح باب المقارنات دون الاعتراف بالفضل.
(5-7)
“والتبشير بالإسلام أمر يتطلب أن يكون المبشِّر، من سعة العلم بدقائق الإسلام، وبدقائق الأديان، والأفكار، والفلسفات المعاصرة، بحيث يستطيع أن يجري مقارنة تبرز امتياز الإسلام على كل فلسفة اجتماعية معاصرة، وعلى كل دين، بصورة تقنع العقول الذكيَّة”. (محمود محمد طه، الثورة الثقافية، 1972، ص 17).
الله هو مصدر المعرفة GOD is the source of knowledge
قصي في مقارنته لأطروحات التنمية مع أمارتيا سن يولي وجهه نحو تنزانيا بينما البروفيسور كيدوانجا من معهد دراسات التنمية في تنزانيا يولي وجهه صوب أم درمان
في الوقت الذي يولي قصي، في مقارنته مع أمارتيا سن، وجهه نحو تنزانيا، ناسياً أو متناسياً لمقارنة عبد الله المنطلقة من أم درمان، فإن أساتذة التنمية يولون وجوههم صوب أم درمان، ميدان الرسالة الذكية التي اشتمل عليها كتاب عبد الله. وليس هناك شهادة أبلغ وأفصح وأنصع على أن الرسالة التي اشتمل عليها كتاب عبد الله قد وصلت للعالم، مثل شهادة قادمة إلينا وبالتحديد من تنزانيا، بلد نيريري، وهو للمفارقة ومن بروفيسور متخصص في التنمية. فلقد كتب البروفسيور جمعة رشيدي كيدوانجا، الأستاذ بمعهد دراسات التنمية، جامعة دار السلام، دار السلام، تنزانيا، رسالة إلى الدكتور عبدالله الفكي البشير، ورد طرف منها، بعد موافقة البروفيسور كيدوانجا، كما أشار عبدالله، باللغتين في صحيفة المدائن بتاريخ الأحد 6 والأحد 13 مارس 2022، حيث كتب البروفيسور كيدوانجا، قائلاً:
“قدم المؤلفان مساهمة جديرة بالثناء في مجال التنمية. لكن طه ذهب إلى أبعد من ذلك ليشير إلى القضايا المهمة الآتية فيما يتعلق بمجال التنمية:
1. جلب الفهم الجديد للإسلام. فالإسلام، عند طه، يحتوي على معرفة (يقينية)، وليس مجرد عقيدة. لقد حققت بعض البلدان في هذا العالم تقدماً من خلال استخدام هذه المعرفة الراسخة في الإسلام.
2. دعوة الناس ليصبح لديهم المعرفة الكاملة عن بيئتهم من خلال الاكتشاف، والإدراك بأن الله هو مصدر المعرفة.
3. بيان الغرض من التنمية، وهو إنتاج أفراد أحرار.
ملاحظة: كان أصل النص أعلاه من الرسالة باللغة الإنجليزية، وهو كما جاء أدناه:
“The two authors have done recommendable contribution to the field of development. However Taha has gone further to point out the following important issues regarding the field of development:
Bringing the New Understanding of Islam. Islam has certain knowledge and not merely a belief. Advancement in some countries in this world has been achieved though using the knowledge embedded in the Islam.
Calling for people to become completely have the knowledge about their place through discovery . AND GOD is the source of knowledge.
Pointing out the purpose of development which is to produce free individuals.”
التقط البروفسيور كيدوانجا، أستاذ التنمية، جوهر رؤية الأستاذ محمود تجاه التنمية، وقال إن الأستاذ محمود محمد طه ذهب أبعد من أمارتيا سن، حيث: “دعوة الناس ليصبح لديهم المعرفة الكاملة عن بيئتهم من خلال الاكتشاف، والإدراك بأن الله هو مصدر المعرفة”. ولا يمكن لأحد أن يزايد على البروفيسور كيدوانجا في معرفته بنيريري، أو يزايد عليه في معرفته برؤية نيريري تجاه التنمية، فهو متخصص في التنمية، ويتحدث من بلد نيريري، تنزانيا، ومن أكبر جامعاتها، جامعة دار السلام، وتحديداً من معهد دراسات التنمية الذي بدأ نشاطه عام 1973. فلقد قطع البروفسيور كيدوانجا لسان كل خطيب أو متخصص في التنمية يدعو للمقارنة بين أمارتيا سن ونيريري متجاوزاً لرؤية الأستاذ محمود محمد طه. شكراً جزيلاً البروفسيور كيدوانجا، ومرحباً بك وأنت تولي وجهك صوب أم درمان، حيث رؤية الأستاذ محمود محمد طه الشاملة تجاه التنمية.
والحق أن مقارنة عبد الله بين الأستاذ محمود والبروفيسور سن أحدثت، ليس فرقاً، وإنما تغييراً تجاه فهم أبعاد رؤية الأستاذ محمود التنموية، فاق تصورنا نحن الجمهوريون، بله غيرنا من المختصين والمهتمين والقراء. وهذا انجاز يضاف لإنجازات عبد الله الفكي البشير الضخمة والمدهشة، والتي استهلها بكتاب: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، ،013؛ واتبعها بكتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، 2020، وأضاف لها كتاب: محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان، 2021، ولديه على وشك الصدور كتاب: المؤسسات الدينية: تغذية التكفير والهوس الديني (رسائل إلى خمس مؤسسات إسلامية منها الأزهر)، وكتب أخرى قادمة. كل هذه الكتب والكتب القادمة تصب في الانقلاب المعرفي الذي أحدثه كتابه الأول، والذي وضع الناس في مفترق طرق، وبعث حراكاً جديداً وضخماً حول الأستاذ محمود والفهم الجديد للإسلام/ الفكرة الجمهورية، ليس في السودان، فحسب، وإنما في الفضاء الإسلامي، ويسير الأمر نحو الإنسانية جمعاء. فما هو موقف قصي من ذلك الكتاب الذي صدر عام 2013؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تجعلنا نفهم موقف قصي اليوم.
سأواصل التفصيل في الحلقات التالية…