‫الرئيسية‬ تقرير اخباري اعتصام الفراغ العريض
تقرير اخباري - 16 أكتوبر 2021, 23:47

اعتصام الفراغ العريض

 

الخرطوم_الأصمعي باشري
العاشرة مساء، اليوم السبت السادس عشر من أكتوبر ٢٠٢١، ترجلتُ من عربة خاصة؛ عند تقاطع شارع الجمهورية مع شارع القصر، سمعت النداء الثوري الأزلي “ارفع يدك فوق.. التفتيش بالذوق”، كانوا مجرد أربعة حجارة على شارع القصر بينهما ثلاثة شباب فقط، قال أحدهم حين رفعت يدي “اهبش محفظته” قال آخر “لا لا، دعه يمر”، بعدهما كان يقف رجل جيش صارم القسمات ويبدو عليه الضجر، رفعت له يديّ، فلم يعرني حتى بإشارة، فمضيت إلى فراغ عريض بين جانبي شارع القصر حتى بوابته الجنوبية، ثمة أناس يلتحفون الأرض في جانبي الدرب، خيمٌ بلا عناوين، وشباب منهك؛ رغم أن صوت مغني كان يملأ الفراغ بأغنية كردفانية، بعدها صاح مقدم المنصة بشعارات إعادة بناء الدولة السودانية، وقدم فنان آخر اسمه، وبدأ يصيح بأغنية مألوفة، وتساءلت في سري: كم قبض من مال لهذه السهرة؟
وصلت حتى مسرح الاعتصام الذي بلا جمهور، وبلا منفعلين، كنت الوحيد، فرجعت إلى الخلف قليلا وفي بالي لافتتان على خيم جانبية، الأولى مكتوب عليها (المفصولين تعسفيا.. مع سودان حر بلا أحزاب) وأمامها رجلان بلحيتين طغى عليهما الشيب، نظرت إليهما دونما سؤال، وبادلاني الحيرة، فذهبت إلى خيمة أخرى تجاور خيمة المفصولين، وجدتهما شابين نائمين، عدت لخيمة المفصولين، فلم أجد اللافتة ولا رجالها، والخيمة مظلمة ومغلقة.
ما تبقى من الخيم في حدود الثمان، سألت ساكنيها، من انتم، فكانت إجابتهم بعد تردد، وسؤال أي واحد منهم للآخر، عرفت أنهم بلا هوية، وداخل كل خيمة لاشيء فيها سوى المياه المعدنية.
لفتت نظري أخرى مكتوب عليها (تجمع الحرفيين السودانيين.. من أجل حكومة بلا أحزاب)، لم اسألهم، فالجواب من عنوانه.
وأنا في طريق الخروج شاهدت (حلل) كبيرة ولا نار تحتها، فتحت إحداها، فوجدتها نظيفة بلا طعام، شاهدت أيضا سيارات تويوتا بلا لوحات تقف على جانبي شارع القصر، وعندما عدت لشارع الجمهورية، رأيت شابا قلقا يتلفت يمنة ويسرة سألته: إلى أين تمضي؟ سألني هو: كيف هو الاعتصام؟ قلت له: امض لترى بعينيك، ضحك، وقال: “أنتظر زوجتي”، وهو يشير إلى سيارته، فرأيت امرأة تغلق أبواب السيارة، فهي المرأة الوحيدة التي شاهدتها من شارع الجمهورية حتى بوابة القصر الجمهوري الجنوبية.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 5

كن أول من يقيم هذا المقال