‫الرئيسية‬ مجتمع أخبار حمدوك لـ الأمم المتحدة: عملية الانتقال تُواجه تحدياتٍ جساماً
أخبار - سياسة - 26 سبتمبر 2021, 15:16

حمدوك لـ الأمم المتحدة: عملية الانتقال تُواجه تحدياتٍ جساماً

الخرطوم: مداميك

قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إن السودان ورغم توديعه، بدماء شهدائه، لعقود من البطش والقمع والظلم، ورغم الإنجازات التي تحققت، خلال هذه الفترة الوجيزة بعد ثورته المجيدة، إلَّا أن عملية الانتقال ما زالت تُواجه عدداً من التحديات الجسام، التي تستوجبُ استمرار دعم المجتمع الدولي والأصدقاء، لاستكمال خطط الحكومة الرامية إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية، التي تمر بها البلاد.

وأوضح رئيس الوزراء خلال تقديمه بيان السودان في جلسة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة -الدورة 76 أمس، أنه بالرغم من أن الحكومة الانتقالية قد تخطت إلى حد كبير تحديات تحقيق السلام؛ إلا أن تحديات ما بعد السلام تظل أكبر، وأضاف: (عليه نأمل أن يلعب المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة وبعثة يونيتامس دوراً فاعلاً في عملية بناء السلام، وعودة النازحين وتوفير الموارد المالية والفنية لعمليات الدمج والتسريح وغيرها من العمليات المرتبطة بتسريع تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية، كما جاءت في اتفاق سلام جوبا).

وفيما يلي نص البيان:

السيد الرئيس
السيدات والسادة أصحاب الجلالة والفخامة رؤساء الدول والحكومات
السيد الأمين العام
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
يسعدنا أن نخاطبكم وقد مضى أكثر من عامين على ثورة ديسمبر المجيدة، التي مهرتها دماء السودانيين بكلِّ فئاتهم، فجاءت تعبيراً صادقاً عن آمال وتطلعات شعبنا في الحرية والسلام والعدالة. كما يطيبُ لنا أن نتقدم إليكم بالتهنئة الصادقة، سعادة الوزير عبد الله شاهد، على انتخابكم رئيساً للجمعية العامة، متمنين لكم كل توفيق وسداد، آملين أن تُكلَّل أعمال هذه الدورة بكل نجاح. ولا يفوتنا أن نعرب عن تقديرنا للجهود الكبيرة التي بذلها سلفكم، سعادة السفير فولكان بوزكير، رئيس الدورة السابقة.
تأتي مداولات هذه الدورة وما زالت آثار جائحة كورونا الفتَّاكة تلقى بظلالها على كافة مناحي الحياة، لاسيما في الدول الفقيرة، وللتصدي لأخطار الفيروس الذي أخذ يظهر بعينات متغيرة، في الوقت الذي تكابدُ فيه دولُ العالمِ الفقير لتأمين الحصول على اللقاح اللازم لشعوبها. إن السبيل الوحيد لتحقيق شعار:
(no one is safe until everyone is safe)
هو سبيل التعاون الدولي وتحكيم آليات العمل متعدد الأطراف بدءاً من توفير اللقاح للدول النامية وانتهاءً بإعادة بناء ما خربته الجائحة على أُسسٍ يُراعى فيها تنفيذ الأُطر الاقتصادية الدولية القائمة، وعلى رأسها أجندات التنمية المستدامة، بطرائقٍ خلَّاقة تعتمد على الاستدامة وسلامة البيئة. ومن هذا المنطلق، فإننا ندعمُ شعار هذه الدورة وموضوعها الأساسي والذي غطت عناصره الخمسة انشغالات الدول الأعضاء في هذه المنظمة بشكلٍ وافٍ، كما تغطي كذلك الركائز الثلاث لمنظمتنا الدولية: حفظ الأمن وتحقيق التنمية وصيانة حقوق الإنسان.
وفي سياق مكافحة الجائحة، فإننا نجدِّدُ دعمنا وتقديرنا لمنظمة الصحة العالمية، ونشيد بدورها الفعال الذي اضطلعت به خلال تفشي هذه الجائحة منذ بداياتها، والدعم الفني الذي ظلت تقدمه للدول المتأثرة، كما نتقدم بالشكر لكل الدول والمنظمات التي قدمت لنا ولسوانا من دول العالم الثالث، الدعم والسند في المجال الصحي.
السيد الرئيس
تواصل حكومتنا الانتقالية تنفيذ سياساتها الرامية إلى تحقيق التحول الديمقراطي وسيادة حكم القانون وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان، بجانب العمل على معالجة التشوهات الهيكلية الموروثة في بنية الاقتصاد السوداني. وتستهدف مجمل هذه البرامج والسياسات بناء سودانٍ آمنٍ مستقرٍ ينعمُ فيه الجميعُ بالسلام والرخاء، ويتمتعُ فيه المواطنون بالحرية والعدالة، على النحو الذي عبّرت عنه شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
وحيث أن هذه الاصلاحات قد أثَّرت على الشرائح الضعيفة في المجتمع، فقد قمنا بتدشين برامج تهدف لتوفير الحماية الاجتماعية من خلال دعم الشرائح الضعيفة، وذلك بمساعدة الشركاء الإقليمين والدوليين ، ولا شك أن هذه المعالجات تتطلبُ دعمًا من المجتمع الدولي.
السيد الرئيس؛
فيما يتصل بحماية المدنيين وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون، فإن جهودنا تتواصل لإجراء إصلاحات مؤسسية وقانونية وتعزيز أطر حقوق الإنسان وحمايتها وتحقيق العدالة. وفى هذا السياق، واتساقاً مع الصكوك الإقليمية والدولية، فقد أنشأنا الآلية الوطنية لحقوق الإنسان والتي ضمَّت عضويتُها جميع الأطراف الوطنية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الانسان بالبلاد. فقد صادقنا في الأشهر القليلة الماضية، على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
إننا عازمون كذلك على مواصلة العمل لتحسين الأوضاع الأمنية في دارفور من خلال تطبيق اتفاقية جوبا للسلام، وجمع السلاح، وتحقيق العدالة والمحاسبة، وتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين بمشاركة أطراف اتفاقية جوبا للسلام.
السيد الرئيس
منذ تولي الحكومة الانتقالية للسلطة في السودان، إنتهجنا سياسة خارجية قوامها الاحترام المتبادل والتعاون، وهدفها المركزي تحقيق المصلحة العليا للسودان وإعلاء قيم حسن الجوار والتعاون الإقليمي، متأسين في ذلك بمبادئ ثورتنا السلمية المجيدة ووثيقتنا الدستورية.
وعلى صعيد المحور الإنساني، فإننا نُعربُ عن تقديرنا للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية وكافة المنظمات الدولية ومجتمع المانحين، على مساندتهم ودعمهم لحكومة الثورة في جهودها لمعالجة أوضاع النازحين واللاجئين والعائدين إلى مواطنهم الأصلية، ونشير في هذا السياق إلى أن حكومة الثورة قد سارعت أولاً برفع كل القيود والعراقيل التي كانت تعيق عمليات إيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين في مناطق النزاعات.
وفي إطار هذا المحور فإن الدولة قد عالجت ضمن خطتها الوطنية موضوع تحسين بيئة العمل الإنساني، وتوفير مطلوباته، من خلال تبني مشروعات الحلول المستدامة للنازحين وتوفيق أوضاعهم وفقاً لما نصّت عليه الصكوك الدولية واللوائح المنظمة للعمل الإنساني.
وفي هذا السياق أشير إلى الترتيبات الجارية لعقد اجتماع رفيع المستوى لإيجاد حلول مستدامة للاجئين والنازحين العائدين والمجتمعات المستضيفة بمبادرة من الايقاد بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين.
سيدي الرئيس
إن قضية اللاجئين تشكل أحد أهم القضايا الاستراتيجية ذات التأثير المباشر على الأمن القومي والاقتصاد والبنية التحتية والقطاع الخدمي بالبلاد، وكما تعلمون فإن السودان بحكم موقعه بالإضافة لعوامل أخرى، ظل ملاذاً لأعداد كبيرة من اللاجئين من دول الجوار التي تواجه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية.
وتمثل المجتمعات المستضيفة الخط الأول في توفير الحماية والتضامن للاجئين وتتقاسم معهم الموارد رغم محدوديتها، غير أنها لم تحظ بالدعم اللازم إذ أن وضع اللاجئين بالمعسكرات أفضل بكثير من المجتمعات المستضيفة مما يستدعي من المجتمع الدولي المساهمة الفاعلة في تنمية هذه المجتمعات في إطار المشاركة في تحمل الأعباء.
ونشير هنا الى أنه على الرغم من إطلاق المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين نداء للمجتمع الدولي، في العام الماضي، لجمع تمويل لمقابلة الاحتياجات، الا أن حجم الاستجابة كان دون المطلوب بكثير. ومن هذا المنطلق فإن السودان يناشد الأسرة الدولية وكل المنظمات العاملة في الشأن الإنساني والمانحين إلى توفير الدعم اللازم وحشد الموارد لمجابهة التحديات التي يفرضها هذا الوضع الإنساني الطارئ.
السيد الرئيس
إننا نُعلِّقُ أهميةً كبرى على مسألة سيادة حكم القانون على المستويين الوطني والدولي، ونبذلُ لذلك جهوداً مستمرة لمراجعة القوانين الوطنية، بُغية تطويرها وضمان اتساقها مع المعايير والاتفاقيات الدولية، وتتوافق هذه الجهود مع مبادرات متعددة بالداخل تنهض بها الجهات ذات الصلة في مجالات بناء وتعزيز القدرات الوطنية وتمكين الأجهزة المختصة من الوفاء بمسئولياتها ومهامها، باعتبار أن تحقيق سيادة القانون على المستوى الوطني هي مسؤولية الدول والحكومات.
وفي إطار سيادة حكم القانون لاسيما في جانبه الإنساني، فقد انضم السودان لعدد من الاتفاقيات والمعاهدات التي تساعد في تحقيق ذلك. فعلى الصعيد الداخلي قمنا باتخاذ عدد من الخطوات الايجابية لمعالجة التشوهات التي لحقت بملف حقوق الإنسان، طيلة فترة الحكم الشمولي السابق، كان في مقدمتها إلغاء عدد من القوانين المقيدة للحريات، وتعزيز دور المرأة في المجتمع، وحماية حقوقها وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، ومحاربة ظاهرة الإفلات من العقاب، كما حرصنا على تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي. وفي هذا السياق، فقد ظل المكتب القُطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان يباشر مهامه في السودان، منذ يناير من العام الجاري.
السيد الرئيس
لقد ظلَّت بلادنا وما تزال تساهم بشكلٍ فاعلٍ في دعم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في القارة الأفريقية، لاسيما دول الجوار، وذلك عبر عضويتنا الفاعلة في المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية كالاتحاد الأفريقي، والبحيرات العظمى، والساحل والصحراء والإيقاد.
قام السودان من خلال رئاسته لـلايقاد ببذل مساعيه ومجهوداته دعماً للأمن والسلم في الإقليم ، وسعى لحل الخلافات بين دول الإقليم. إن سودان ما بعد الثورة يؤمن بأهمية علاقات حسن الجوار ودعم استتباب الأمن والاستقرار في تلك الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
السيد الرئيس
كما تابعتم، فقد عقد مجلس الأمن، في يوليو المنصرم، اجتماعاً، هو الثاني للمجلس منذ عام، حول تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي الكبير، في ذات التوقيت الذي أعلنت فيه إثيوبيا عن خطوتها الأُحادية بالملء الثاني، وذلك بعد أن عجزت الأطراف خلال جولات التفاوض السابقة عن تحقيق أي اتفاق بسبب التعنُّت في أمر السد، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها رئاسة الإتحاد الأفريقي السابقة والحالية.
وفى هذا السياق، فإننا نجدِّدُ موقفنا الرافض لأي إجراء أُحادي، ونؤكد على ضرورة التوصل إلى اتفاقٍ ملزم حول الملء والتشغيل، لتجنيب بلادنا الأضرار المحتملة التي تهدِّد سبل ووسائل عيش نصف سكان السودان، مع تهديد سلامة التشغيل لسدود السودان، والتأثير سلبًا على ري المشروعات الزراعية ومحطات مياه الشرب، فضلًا عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية على طول مجرى النيل الأزرق ونهر النيل – وقد كابدنا بعضًا من هذه المضار إبان الملء الأُحادي الأول، في العام الماضي، والملء الأحادي الثاني، خلال الأسابيع الماضية، رغم الاجراءات الاحترازية المتعددة والمكلفة التي أجريناها تفاديًا لهذه الآثار.
إننا نعيدُ التأكيدَ، على أن وضع ملف سد النهضة أمام مجلس الأمن جاء لتعزيز مسار التفاوض الحالي تحت مظلة الاتحاد الأفريقي بما يمكن من تحقيق الاتفاق المنشود، وهنا نجدِّدُ الاستعداد لاستئناف المشاركة، في أي مبادرة أو تحركٍ سلميٍّ يوصلُ الأطراف إلى اتفاقٍ يلبي مصالح جميع الأطراف.
السيد الرئيس
إن السودان ورغم توديعه، بدماء شهدائه، لعقود من البطش والقمع والظلم، ورغم الإنجازات التي تحققت، خلال هذه الفترة الوجيزة بعد ثورته المجيدة، إلَّا أن عملية الانتقال ما زالت تُواجه عدداً من التحديات الجسام، التي تستوجبُ استمرار دعم المجتمع الدولي والأصدقاء، لاستكمال خطط الحكومة الرامية إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية، التي تمر بها البلاد، وفي مقدمة ذلك إعفاء ديون السودان كافة والحصول على قروض ميسرة، إلى جانب إيفاء الشركاء بتعهداتهم المعلنة خلال مؤتمر شركاء السودان ببرلين، في العام الماضي، ومؤتمر باريس لدعم السودان، خلال هذا العام وقبل ذلك، إسقاط ما تبقى من قيود إجرائية بعد أن اكتمل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتى تتمكن بلادنا من إكمال عودتها إلى الأسرة الدولية بعد انقطاع قسري استمر لثلاثة عقود.
وفي هذا السياق، أتوجه بأجزل الشكر للسيد الرئيس إيمانويل ماكرون ولفرنسا لتنظيمهم وتبنيهم لمؤتمر باريس، كما أتوجه بالشكر لكل الدول التي أعلنت إسقاط ديونها عن السودان، وللدول التي دعمت برامج الحماية الاجتماعية امتصاصاً للآثار الجانبية لعملية الإصلاح الهيكلي على الشرائح الضعيفة في مجتمعنا.
السيد الرئيس
اسمحوا لي أن أتقدم بالشكر الجزيل لمنظمة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي ولبعثة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي المختلطة بدارفور (يوناميد) بمناسبة انتهاء مهمتهم في دارفور- مع كثير من الدروس المستفادة والقيمة- وخروجهم من السودان بعد اكتمال عمليات تسليم مقار البعثة إلى حكومة السودان والدخول في مرحلة تصفية البعثة النهائية .
كما يسعدني أن أحيطكم علماً بتوقيع حكومة السودان وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) على اتفاقية وضع البعثة، وأود أن أؤكد على التزام حكومة السودان بتقديم التسهيلات والتعاون اللازمين معها لدعم أهدافها. كما أود أن أشيد بالروح الإيجابية التي تتعامل بها بعثة يونيتامس وأدعوها لبذل مزيد من الجهد لتنفيذ تفويضها في مساعدة حكومة السودان لتحقيق عملية الانتقال الديموقراطي وفق مرجعيات ومحاور القرار رقم 2425المنشئ لولايتها.
وبالرغم من أن الحكومة الانتقالية قد تخطت إلى حد كبير تحديات تحقيق السلام إلا أن تحديات ما بعد السلام تظل أكبر، وعليه نأمل أن يلعب المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة وبعثة يونيتامس دوراً فاعلاً في عملية بناء السلام وعودة النازحين وتوفير الموارد المالية والفنية لعمليات الدمج والتسريح وغيرها من العمليات المرتبطة بتسريع تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية كما جاءت في اتفاق سلام جوبا.
السيد الرئيس
في الختام، أرجو التأكيد على أن مسيرتنا ماضية لاستكمال مشروعات البناء، إصلاحاً لمؤسساتنا ونظمنا الداخلية وتعزيزاً لعلاقاتنا الخارجية حتى تكتمل عودة السودان عضواً فاعلاً في محيطه الإقليمي والدولي مشاركاً في صناعة المستقبل الذي نريد، ومساهماً في تعزيز دور الأمم المتحدة، وصولاً إلى تعضيد التعاون والعمل الجماعي كمنهج ناجع لمواجهة التحديات التي تهدد شعوبنا.
وشكراً سيدي الرئيس.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 0 / 5. Total : 0

كن أول من يقيم هذا المقال