العنف ضد النساء في مجتمعاتنا
لبنى إدريس*
حوالي واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض في حياتها للعنف البدني أو الجنسي حسب تقارير منظمة الصحة العالمية الذي صدر في مارس 2021. العنف الجسدي له آثار نفسية سيئة تدوم لفترة زمنية أطول من الآثار الجسدية لأنه يتسبب في إضعاف ثقة المرأة بنفسها، والتقليل من قدراتها وإمكانياتها، وقد يظهر أثره على المرأة عن طريق شعورها بالخوف، أو الاكتئاب، أو فقدان السيطرة على الأمور من حولها أو القلق، أو انخفاض مستوى تقييمها لذاتها.
ثقافة العنف ضد المرأة تنشأ من البيئة الاجتماعية التي تسمح بتطبيع العنف وتبريره، ويغذيها عدم الاحترام.
إذا فكرنا في كيفية تعريفنا للذكورية والأنوثة، وكيف تؤثر علينا تحيزاتنا وتصويرنا النمطي، ومن مواقفنا حول الهويات الجنسية إلى الأعراف التي ندعمها في مجتمعاتنا، يمكننا جميعاً اتخاذ إجراءات للوقوف ضد ثقافة الاغتصاب أو تعنيف النساء.
للأسف، للمرأة دور مهم في تعزيز ثقافة العنف ضد المرأة، بدعمها لابن يحاول فرض سيطرته على أخته والسماح له بتعنيفها، وقبولها سلوك زوج مهين لكرامتها وتنشئة أبنائها في تلك البيئة. دعونا ننظر إلى بعض الأسباب التي ساعدت على تفشي العنف ضد المرأة:
أولاً: انخفاض مستوى التعليم في الجنسين يلعب الدور الأساسي في تفشي العنف، فجهل المرأة بحقوقها وعدم قدرتها على الاعتماد على نفسها يجعلها عرضة للتعنيف والرضوخ له.
ثانياً: المفاهيم والمعتقدات السلبية المتوارثة التي تُرسخ هيمنة الرجل.
ثالثاً: عدم وجود منظمات تقوم بالتوعية وتدعم النساء وتحفظ حقوقهن وعدم وجود مساحات آمنة تسمح لهن بحرية التعبير والتواصل، وتطوير العلاقات الاجتماعية، وطلب المشورة والمساعدة من جهة داعمة.
رابعاً: الصبغة الدينية المزيفة والمغلوطة لتقنين العنف. بمعنى إيجاد المبررات لممارسة العنف من قِبل الرجل داخل الأسرة.
خامساً: الفقر، حيث يتم استغلال حاجة المرأة المادية واعتمادها على الرجل في المعيشة.
وأخيراً: عدم وجود تشريعات وعقوبات رادعة للحد من العنف ضد النساء، وانخفاض مستويات الوعي بين مقدمي الخدمات والجهات الفاعلة في إنفاذ القانون، بل على العكس، القانون متساهل جداً فيما يتعلق بالعنف الأسري.
للقضاء على هذه الظاهرة لابد من مراجعة سلوكياتنا ومعتقداتنا، ورفض التحيزات التي تسمح باستمرار العنف، وترسيخ مبدأ التعامل باحترام في التربية والمناهج التعليمية. كما يجب سن قوانين رادعة ضد العنف لخلق بيئة آمنة للنساء للتعبير والتواصل، ومن الضرورة خلق برامج توعوية وتوفير فرص عمل وخدمات للنساء الناجيات.
______________________________
*محرر الشؤون النفسية بـ (مداميك)