‫الرئيسية‬ مجتمع أخبار تقارير تحركات النظام السابق.. الثورة السودانية في معركة البقاء
تقارير - سياسة - 1 فبراير 2021, 15:22

تحركات النظام السابق.. الثورة السودانية في معركة البقاء

مداميك – ندى رمضان

في ظل التطورات السياسية الداخلية في السودان، وتغيُّر مسارات السياسة الخارجية؛ يوجد اتفاق بين السودانيين على أن عهد النظام السابق ذهب إلى غير رجعة، بعد أن شيعته جماهير الشعب السوداني إلى مزبلة التاريخ في ثورة ديسمبر الشعبية، ورغماً عن ذلك تطل محاولات من المحسوبين على النظام المخلوع لزعزعة الأمن وإثارة الفتن بالاستفادة من الأزمات الماثلة، والتحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية، لكن دون جدوى بسبب القوى الثورية التي تحول دون أي مساومة على أهداف الثورة وتصفية النظام السابق.

يؤكد مراقبون ومحللون سياسيون أنَّ الأحداث المتصاعدة خلال الأيام الماضية تشير إلى جنوح النظام المباد وكوادره صوب ممارسة الإرهاب وزعزعة الاستقرار بداية باعتراض احتفالية لتأييد والية الشمالية، وبحضور عضوة المجلس السيادي عائشة موسى، وخلق أجواء رافضة للحكومة الانتقالية بالولاية، فضلاً عن إقامة المتاريس بأحد الطرق الموجودة بين منطقتي عطبرة وشندى، وآخر هذه السيناريوهات محاولة ملثمين التعدي على منزل عضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح في منزله.

وترى القوى الثورية ولجان المقاومة، أن التراخي في حسم عناصر النظام السابق وتفكيك شبكاته الإجرامية، سيجر البلاد إلى عواقب وخيمة، متهمين الحكومة الانتقالية بالتعامل مع النظام السابق بطريقة لينة، الأمر الذي أدى إلى ظهورهم وتسببهم بالكثير من المشاكل خلال الفترة الماضية، بجانب حيلولة المكون العسكري في السلطة دون إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية التي خدمت النظام السابق وما زالت تدين له بالولاء، وتعمل في الخفاء مع قوى الثورة المضادة.

وأشار بيان صادر عن لجنة إزالة التمكين إلى أنَّ تحركات فلول النظام البائد باتت مكشوفة ومعلومة ما يستوجب التعامل الحاسم معها بتصنيف كل أنشطة وممارسات حزب المؤتمر الوطني المحلول كأنشطة إرهابية، وتصنيف المؤتمر الوطني المحلول كتنظيم إرهابي وإصدار أوامر القبض تجاه قادته الموجودين بالخارج ومحاكمتهم، وعدَّت اللجنة ما يحدث أمراً يتجاوز الأطر القانونية وبات يمثل تهديداً للأمن القومي للبلاد ويهدد استقرارها؛ ما يتطلب موقفاً واضحاً وحاسماً من الأجهزة النظامية والأمنية تجاه الأنشطة الإرهابية وبترها قبل تصاعدها.

من جانبها، أكدت حكومة ولاية نهر النيل أنَّ الاعتداء على الفعاليات في الولاية واستخدام العنف والإضرار بمصالح الناس تصرفات إجرامية مبطنة بأهداف سياسية بائدة تستدعي التصدي والحسم من جميع فئات الشعب وقواه الحية، ومن الحكومة بكل أجهزتها خاصة العدلية والأجهزة الأمنية.

ويقول المحلل السياسي محمد العالم، لـ (مداميك)، إنَّه من المعلوم للكافة أنَّ على رأس شعارات ثورة ديسمبر المجيدة تصفية وتفكيك منظومة ومكونات تشكيل عصابة يونيو 1989، مؤكداً أنَّ منتفعي النظام السابق انكمشوا حين كان المد الثوري عارماً وجارفاً، وصاروا يتبارون في إنكار انتمائهم لنظام الإنقاذ وتنظيماته الكرتونية، وحشروا في أركان قصية يتملكهم الرعب من توقع انتقام جماهير الشعب وشباب الثورة، ولكن حين بدأت المماطلة والتراخي عن تنفيذ عدد من مطلوبات وشعارات الثورة، بدأت جموعهم في تحسس مواقعهم متوهمين عودتهم للبطش والتنكيل والسرقة والتعدي وبيع السيادة وأوهام التدين.

ورأى العالم أنَّ أوهام عناصر النظام السابق عزَّز التمادي فيها عدم الجدية في تفكيك نظام الإنقاذ من حيث الحق القانوني في رد المظالم بمحاكمة كل من أجرم أو اعتدى على الشعب، وكل من سرق ونهب مقدراته وممتلكاته وباع سيادته الوطنية، مبيناً أنَّه تلاحظ حتى تراخي الأجهزة الأمنية والشرطية في مجابهة تحركات الفلول وتجمعاتهم، حتى تمددوا ووصلوا لمرحلة التعدي، كما حدث في احتفال د. آمنة والي الشمالية وغيرها من الأحداث، مشيراً إلى أنَّه لن تتوقف هذه المحاولات وقد تتضاعف وتتعدد أشكالها إذا استمر الاستهتار بمجابهتهم، وهو مما يهدد أمن واستقرار وسلامة الوطن.

بدوره، يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي خالد التجاني النور، أنَّ النتائج الكارثية التي انتهت إليها الحركة الإسلامية ونظام الإنقاذ المباد، وتواجه تبعاتها الآن تعود جذوره إلى ذلك التصور الفطير المحدود الأفق الذي تبنته باعتباره النموذج الإسلامي الوحيد المعتمد الذي تسعى لتطبيقه في السودان بلا وعي عميق بطبيعة تركيبة البلاد المتعددة الأعراق والثقافات والديانات، وبلا تجديد فكري واسع الأفق يستوعب هذا التعدد والتنوع، ويستفيده في إرساء تجربة إنسانية ثرية تقوم على هدي الدين وتسامحه وسعته.

وأشار إلى أنَّ سلطة الإنقاذ أورثت البلاد حالة غير المسبوقة من الانكفاء إلى القبلية والعنصرية والجهوية التي أدت إلى تقسيم البلاد، وتنذر بالمزيد من التشرذم، وهو أمر لم يحدث اعتباطاً ولكنه نتيجة لسياسة مدروسة في إطار لعبة السيطرة على السلطة. وأضاف: “لو كان من درس بليغ وحيد من هذه المغامرة الخاسرة، فهو أنه لا سبيل لأي صلاح أو فلاح لأي مشروع سياسي كان ما لم يقم على مبدأ الحرية، حرية الأمة في تقرير إرادتها الحقيقية واختيار من يحكمها بلا وصاية تحت أي ذريعة كانت”.

وقال التجاني إن المطلوب من (الإسلاميين) الخروج من حالة (النوستالجيا) والبكاء على اللبن المسكوب أو على الأطلال، لا فرق، بإجراء مراجعة فكرية جذرية حاسمة ودفع استحقاقات تبعات تلك المغامرة.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 0 / 5. Total : 0

كن أول من يقيم هذا المقال