سهام المجمر
‫الرئيسية‬ مقالات الشأن النسوي في تنمُّر الذكور ضد الذكور
مقالات - 3 يناير 2021, 11:57

الشأن النسوي في تنمُّر الذكور ضد الذكور

سهام طه المجمر

يسأل الرجال في توهانهم القديم المتجدد الغارق في صناديق التنميط المبني على النوع؛ يسألون بلذة المنتصر والمتباهي بأهميته كنوع لم يُخلق مثله في العباد: “ياخ البنات ديل ليه لما الواحدة تعرس بتعلن العداء على أصحاب راجلها؟!”.

على أثر ابتداري للايفات النسوية في أحد القروبات النسائية؛ ضجَّ بريدي الخاص بعذابات النساء ومشاكلهن الكثيرة والمختلفة: عنف زوجي، طلاق مجحف، اختطاف الأبناء والبنات، منع السفر، منع من العمل، امتناع عن النفقة، عنف النسابة وانحياز الزوج أو حياده … إلخ. وكنت أعتذر عن استطاعتي تقديم المساعدة بشكل مباشر، فلست اختصاصية اجتماعية ولا نفسية، كما أنَّني لست بقانونية، وكنت أقترح عليهن اللجوء للمتخصصات، وأبدي استعدادي على تعريفهن على من أثق فيهن، بعضهن قبلن المساعدة، فيما رفضت الأخريات واكتفين بالفضفضة. أضفت هذه الرسائل المؤلمة طعماً مريراً على التجربة، ووضعتني في مواجهة الام، ولم أكن في استعداد نفسي جيد لها. طرحت إحداهن مأساتها مع (أصحاب راجلها)، وصفت نفسها وزوجها بأنَّهما تقدميان، يؤمنان بالمساواة النوعية، ويطبقان ذلك في حياتهما الخاصة عن توافق تام، ووصفت زوجها بأنَّه رجل يجاهد نفسه الأمارة ضد النظام الاجتماعي ليصبح إنساناً أفضل وبريئاً من عوار الاضطهاد المبني على النوع. ولكن اكليشيهات أصدقائه: “ما جايي ليه؟ طبعاً خايف من مرتك، الحكومة ما أدتك الإذن وللا شنو؟!”، وهكذا، يشكلون خميرة عكننة ويزيدون من حجم مكابدته واجتهاده، فيتأرجح ما بين ما يرى نفسه فيه كمثقف عضوي، وما بين إثبات الرجالة في صميميتها، وما بين الحالتين يتأرجح البيت ما بين السكون والعواصف.

قد يبدو الأمر في ظاهره تنمراً ذكورياً ضد الذكور، إلا أنَّ جوهرة يمثل أداة من أدوات السلطة والهيمنة الذكورية، فنجاح نموذج المساواة النوعية المصغر في ذلك البيت لا يمكن أن يسمح له بالانتشار، فتتوق له قلوب الزوجات الأخريات بالأماني، وقد تشرئب أعناقهن (لا سمح الله) مطالبة بتبنيه. ما يفعله الأصدقاء إنَّما هو ضرب من مكائد الرجال ضد النساء وبسط سيطرتهم عليهن، وهي رسالة تذكير للزوجة بأنَّهم كرجال قادرون على بسط نفوذهم عليها وإعادتها إلى وضعها الثانوي في مؤسسة الزواج التي قامت لبناتها التاريخية على قيم المجتمع الأبوي رغم أنف شريكها الذي يعمل النظام على استرداده عبر استفزاز (رجولته).

هذه المعارك الصغيرة البائسة للأصدقاء في زعزعة النموذج المستقبلي للمساواة النوعية؛ إنَّما هي هزيمة لهم لو كانوا يستدبرون أمرهم. فمن ناحية أخلاقية؛ هذا سقوط لا جدال فيه، ولن يستر عورته ثوب المزاح، ولن تخفف القهقهات مرارات الخصام و(خراب البيوت). ومن ناحية أخرى؛ هم أيضاً يدفعون الثمن الفادح، إذ لا فكاك لهم من ثُقل الوجه الكالح للامتياز الذكوري إلا بتحرر النساء. وهنا يأتي دورنا كنسويات لنسأل: “منو البقنع الديك؟!” إنَّ الارتقاء نحو مجتمع إنساني عادل لن يتم إلا بتفكيك جميع أنظمة القهر والاضطهاد.

 

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 4.3 / 5. Total : 6

كن أول من يقيم هذا المقال

تعليق واحد

  1. كلام في محله يا أستاذه سهامه … بس حبيت اضيف انه تعليقات النسابه ليها نفس التأثير مثال: مرتك حايمه (دي عدم مسؤولية) وهو برضو بكون حايم لكن عادي ما راجل، مرتك مامجييه ليك وعادي يكون هو مبشتن ويزعل من عدم حيهة مرته علشان هو راجل

‫التعليقات مغلقة.‬