‫الرئيسية‬ مقالات تسريب عبد الحي.. وكشف المستور
مقالات - 3 ديسمبر 2024, 15:09

تسريب عبد الحي.. وكشف المستور

وائل محجوب
• أثارت تصريحات د. عبد الحي يوسف المسربة عبر تسجيل فيديو لجلسة منتدى “مقاربـات للتنميـة الشـاملة” مع من وصفهم “ببعض الإخوان في سوريا”، التي حملت هجوما على القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان بلغ حـد نعتـه بأنـه “لا دين ولا عهد له”، عاصفة كبيرة مـن ردود الأفعال، ودفعت البرهان للرد عليه في مخاطبات داخلية وسط ضباط وجنود الجيش.
• بيد أن أخطر ما في إفادات د. عبد الحي، مر الناس عليه مـرورا عابرا، وأوله أنه كان يتحدث عن قائد الجيش، وتفاصيل مـا يجري في جبهة الحرب فـي محفل يضم أجانب مـن غير السودانيين مـن المنتمين لتيار الإسلام السياسي، وهـو مسلك إذا جاء من غيره لتم دمغه فورا بتهم الخيانة العظمى والعمالة والتخابر مع جهات خارجية، والإساءة للقوات المسلحة وغيرها مـن التهم الجاهزة، التي يبرع في إطلاقهـا كتاب وأبناء الحركة الإسلامية ومن يسيرون في ركابهم، غير إن
غالبهم حاولوا التماس الأعذار لشيخهم، والتخفيف من وقع وآثار حديثه، بل ذهب بعضهم إلى دعوة القائد العام للصبر واحتمال آراء العلماء، واستنكر آخرون رده
باعتباره أعلى من الرد على كل الانتقادات التي توجه إليه..!
• ما جرى على لسان د. عبد الحي مـن هجوم على البرهان ليس الأول مـن نوعه، فالهجوم عليه ظل يتكرر تبعا لظروف الوضع العسكري الميداني والسياسي من مجموعات مختلفة تنتمي للمؤتمر الوطني والحركة
الإسلامية، وقد اتهم باتهامات لا حصر لها في مراحل مختلفة منـذ اندلاع الحرب، بيد أن أخطر ما في حديث د. عبد الحي هو المنبر
الذي أطلق منه الهجوم وطبيعة المشـاركين فيه، كما إنه جاء في ظل صراع سياسي مستعر خرج للعلن بين أقطاب المؤتمر
الوطني نفسه، مثلما عبرت عن ذلك ملابسات قيام اجتماع هيئـة شـورى الحـزب الأخير بعطبرة وتسمية أحمد هارون رئيسا للحزب، وما تلاها من بيانات ومواقف رافضة لذلك من قبل مجموعة المكتب القيادي التي يقودها المهندس إبراهيم محمود والقيادات المساندة له، وهـو واقع يكذب الصورة التي حاول د.
عبد الحي رسمها حول الحركة الإسلامية “وبالضرورة المؤتمـر الوطنـي خلال حديثه”، التي اعتبر مـن خلالها أن الحرب قد أعادت لها ألقها وقوتها، في سياق تعداده للمكاسب
التي حققتهـا الحرب للحركة الإسلامية، ومنهـا إنهـا “دخلـت بكل ثقلها وشبابها في هذه المعركة، التي دفعت بروح جديدة في عملية الجهاد وسط الأجيال الحديثة، التي لم تعش تجربة الحرب الجهادية الأولى في
جنوب السودان في تسعينيات القرن الماضي،
مـن خلال تكويناتهم الحالية عبر المقاومة الشعبية “اسم الدلع كما قال للجهاد”.
• وما قاله عبد الحي هو عين ما ظلت تتحدث عنه أطياف من القوى المدنية المختلفة، التي رأت منذ اليوم الأول أن هذه الحرب هي من صناعة تيارات الحركة الإسلامية المتصارعة، التي تتبوأ المواقع القيادية على مستوى
الجيش والدعم السريع، وتلك التي استعادت مواقعها في الخدمتين المدنية والعسكرية
عقب انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، وأن رموز وقيادات المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لهم القدح المعلى في إشعال واستمرار هذه
الحرب، التي تهدف إلـى تصفية مسار الثورة
السودانية بالكامل، واسترداد الحكم لمن تكون له الغلبة العسكرية.
• ما قاله عبـد الحي يوسف هو أحاديث الغرف المغلقة التي تدور بين الإسلاميين ولا تنشر للعامة، وهذا هو مصدر الانزعاج الحقيقي مـن قبلهم لنشرها، فهي قـد كشفت منظور طيف منهم للحرب كرافعة، الهدف
منها إعادة سلطتهم الكاملة على البلاد، ومـا صراعهم الداخلي إلا ملمحا عابرا عمـا
يعتمـل بينهـم من مطامح ومطامع سلطوية، يرون اقتراب تحقيقها، والاستعداد لمرحلة مـا بعد زوال الدعم السريع، ويستعدون لمواجهة
العقبات التي قد تعترض طريقهم، وعلى رأسها مطامع البرهان في الحكم، وإمكانية عقده لصفقات تنتهي بالمواجهة معهم.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 4.5 / 5. Total : 2

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *