‫الرئيسية‬ مقالات إرتكازات ثلاثية الأبعاد لإجهاض مشروع الثورة في بناء الدولة المدنية [1 – 4]
مقالات - 28 نوفمبر 2024, 16:28

إرتكازات ثلاثية الأبعاد لإجهاض مشروع الثورة في بناء الدولة المدنية [1 – 4]

بقلم : عمر الحويج
هناك ثلاث إرتكازات اعتمدتها الثورة المضادة وحلفائها وأجترحتها صناعياً ، من حويصلات فكرها الظلامي العدواني الإقصائي ، ونهضت على بنائها ، رسمياً وإعلامياً ، قبل الحرب وواصلتها بحماس أكبر بعد الحرب ، لتمرير خطابها الهجومي الإنتحاري ، اللا أخلاقي ، وغير المستوي على قدمين ، ضد مشروع ثورة ديسمبر المجيدة ، التي إنبثقت وهلت لإكمال مشروعها الحداثوي النهضوي الإنمائي  ، بقيام الدولة المدنية الديمقراطية ،  وهي إجمالاً ثلاث مسارات أو إرتكازا ت هجومية ، منبعها الخيال الرغبوي المتخيل ، في سبيل العودة للسيطرة على الثروة والسلطة ، يتمركز أول البؤر الرافعة لهذه الإرتكازات  ( والمصطلح مأخوذ من لغة الحرب اللعنة) وهي النكران التام ، والإختفاء القسري هلعاً  ، والمتستر خلف جدر الظلام ، لأي دور للحركة الإسلاموية ونظامها البائد التخريبي ، قبل الحرب وبعد إشعالها للحرب ، وإندساسها المشين خلف جيشنا الوطني ، المختطف من قبل عناصرها الأمنية ، الذين ينفذون لها خططها التآمرية كاملة غير منقوصة .
ثانيها الهجوم المباشر والشرس على قوى الثورة بكافة فصائلها  ، وعلى ذات الثورة وفكرتها ، متخذة من قوى الحرية والتغيير “سابقاً” ، وحكومتها الإنتقالية ، وتحولها إلى تقدم “حالياً” ، وإن تغير الإسم  وبقي المضمون ،  مستغلة أخطاء الأولى الفارغ جرابها وخوائه من الحنكة الثورية ، فأتخذوا منها ، كبش فداء ومدخل للوصول لأهدافهم الخبيثة ، وللنخر والهدم في جسد الثورة ‘القرنعالمية’ نالتها عن جدارة واستحقاق . والتي لم يسبقها في زخمها وقوتها ، وبسالة شبابها من الجنسين ، وقوة شعاراتها ، إلا الثورة الفرنسية .،  وإن فاقتها بشعاراتها الجذرية وبسلميتها الراسخة .
وثالثها خطتها الخبيثة لتوسيع هوة الخلاف بين قوى الثورة ، والجهد المفرغة نتائجه ، لعزل اليسار العرريض وخاصة الشيوعي من معركة التغيير التي خاضتها وتخوضها كل قوى الثورة مجتمعة ، التى أسهمت في انضاج وإنجاح الثورة ، وسوف نأتيها في تفاصيل الموضوعات الثلاثة لاحقاً .
وفي الحقيقة فإن قوى الردة  وحلفاؤها ، لم ينضب معينهم بعد ، ولم يهدأ لهم بال ، منذ إنتصار الثورة ، وظل عزمها قائماً متواصلاً وممتداً ، منذ إنقلاب أُكذوبة ، الإنحياز للثورة في 11 أبريل 2019 ، وحتي إشعال هذه الحرب اللعينة والعبثية في 15 أبريل 2023 ، حيث جاءت عبثيتها ، أنها بين جسد واحد ورغبتين متنازعتين ، نهايتها يعرفانها ، نصر أحدهما على الآخر ، وهو المستحيل ، فهذا رضع من ثديّ ذاك والعكس  صحيح ، أو في النهاية قضاء أحدهما على الآخر قضاءاً مبرماً ، وهذا عين الإستحالة ، لأن ميزان القوى التسليحي بينهما متوازن ، والآخرين لا دخل لهم بعراكهما العبثي هذا ، غيرو أنه يقع على عاتق وأجسادهم المكدودة ، قتلاً ونهباً ، نزوحاً واغتصاباً .
وعن الإرتكازات وما هيتها ، فقط أحلاماً وهمية مجردة ، مشحونة باللا منطق العقلاني ، ولا ركيزة لها  أخلاقية ، إنما منسوجة عمداً ، بذكاء خبث الثورة المضادة ، بالتحوير والتزوير والتبرير ، مُصنَّعة بأيدي صاحب الحق الأصيل ، في الهدم والتخريب ، المتمرس في قيادة   أشراره المتكاثرة النسل والتفريغ ،  ينثرونها في فضاء المنتفعين من خارجهم ، وينخدع بها حتى الطيبون/ات ، ويتولى كل هذا التحالف ليرتب خفايا الترويج لها ، والآخرين الساذجون  يستحسنونها ويصفقون لها بل ويعلون من شأن فرعياتها ، ليحلَّوا لأكلوها مذاقها ، وتصويرها وكأنها معركة الشعب الوطنية الكبرى  ، وأن الحرب ماهي إلا معركة كرامة ، ضد الإستعمار العالمي والإقليمي  قبل الداخلي . أما  معركتهم مع عدوهم ، تؤامهم السيامي الإلتصاقي التسلطي ، فما هي إلا معركة تأديبة وإن كانت شرسة ، فهي معارك تدور كمعارك مصارين البطن الواحدة ،  يعود بعدها الوئام بينها ، لتقاسم السلطة  والتسلط ، لتفرض المصالح بين التوأمين  المصالحة ، وباب الجنوح للسلم مفتوح ، فإن جنحوا له “أوكما قالت ” جنحنا إليه !! ، ولن يكون هذا السلم المرغوب منهما ، هائماً سرمدياً في علم الغيب ، إنما متوقعاً من طبيعة تكوين الطرفين ، الظلامي الإستعلائي ، التكويشي للسلطة والمال ، والجاه في مظهره الشبقي للتعدد الحريمي البذخي ، من منبع فكرهما الظلامي ، بحيث كادت أو بالفعل أصبحت هذه الإرتكازات لبعضهم مسلمات ، لا يأتيها الباطل من خلفها ولا من أمامها ، وهي التي تقودهم لكنز السلطة المفقود ، لا تقبل عقولهم بغيرها ، أعني عقول من إستهدفتهم هذه الإدعاءات عديمة الجدوى والقيمة والمنطق ، الخالية من السند ودليل الإثبات ، ممن صادفت مصالحهم أو ميولهم الثقافية والسياسية والإجتماعية والقبلية والإثنية داخل خط الثورة المضادة ،  أما الفكرية رافعة المجال الحيوي التي يحكمها النشاط الحركي معرفياً  وعلمياً ، حيث المفترض أن تكون لهذه الجبهة عاصم الوقوع  في الزلل ، فتجد التمحيص من لدن سامعيها ومتابعيها ، من فئة هؤلاء المثقفين والكتاب المتمرسين في التحليل النقدي ، وفي البحث العلمي عن معانيها ، وما ترمي اليه هذه المرتكزات ومن رماها !! ، ليضعونها تحت المجهر المعرفي الإستقصائي ، حتى يجلون حقيقتها فإن صدقت تبِعُوها ، وإن بان خطلها ،  ولامنطق يسندها ، عقلياً و أخلاقيا فلينبذها  ، ولكن ما حدث حسب ما نرى ، أن بعضهم قد أنفذت هذه الإرتكازات سهامها السامة ، ونالت أهوائهم  ، فتناولوها بالتاييد ، وراقت لهم ، بل إستل بعضهم سيوفهم ، ليس ضدها ، مع بعدها عن الحقيقة ، إنما ضد هؤلاء الآخرين الذين إستهدفتهم تلك المرتكزات المغرضة بغرض النيل منهم وإزاحتهم ليس من المشهد السياسي ، إنما من مسرح الحياة ، وإن كنت لا أعمم ، فمثقفينا وكتابنا في تمام خيرهم وشدت بأسهم ، جنوداً لشعبهم ووطنهم ، فقط أعني أؤلئك المثقفين والكتاب الذين لاعلاقة ولا مصلحة مباشرة لهم ، في الترويج لهذه المرتكزات الضدية ، وقطعا لا أعني من أيدوهم في دعمهم للجيش ، من منطلق حس وطني ، مشفق على جيش الدولة الوطني من فناء الادولة ، وإن كانوا مع الثورة والتغيير وضد الطرف ألآخر  حتى النهاية ، إنما أعني اؤلئك  الذين جرفهم تيار الثورة المضادة ، ولفظتهم الثورة من عباءتها ، وتركتهم هأئمين تابعين بوعي أو بغير وعي لغيرهم من قوى الظلام ، فتباروا في نشرها وترويجها ، تلك الإرتكازات الشريرة ،  وكان أحرى بهم ،  دحضها وتفنيد دعاويها الملفقة كذباً ، والعمل على دفنها حتى تلاشيها ، فور صناعتها ومن ثم تصديرها من قبل مبتكريها .
ولهذه الإرتكازات المنسوجة بذكاء ،  لإذكاء نار الحرب ، بروزها الأساسي ،  ومحورها هو الحرب وإشعال نيرانها ، وإن بدأ دخانها منذ إنطلاق الثورة المجيدة ، وزنَّ اصحابها على لسان المتخفي الأول  (زن ، زن . زن)  المتلاحق لحظة بلحظة ، من قبل أعداء الحياة في آذان الناس المسالمة ، لا يدانيها أو يقابلها ، إلا مقولة وزير الإعلام النازي جوبلز ، (أكذب أكذب  أكذب) حتى يصدقك الآخرون  ، لياتي ويصدقها صاحبها قبلهم ومن بعدهم ما صدقه جحا الأكول !! .
ومن قوة سريان هذه الإرتكازات غير الحربية ، وإن كانت في شرها ، حددت للناس مواقفهم  من الحرب نفسها فأنقسمت جبهتين (وإن لم تكن مناصفة ، ولا متقاربة ، لأسباب معلومة منها صوت المال والسلطة وفوضى الحرب)  فكانت الجبهتين :
– مع الحرب وإستمرارها  ومن ثم  “نعمها” للحرب .
-أو مع “لا للحرب” وإنهائها الفوري ، ليسلم الوطن من شرورها .
وكما نرى فإن اثرها كان عظيماً ، لمن بها هم ساروا وطبلوا لها ، بحيث أنها زادت النار لهيباً وإنتشاراً ، ولمن ليسوا بها  مقتنعون. شغلت كذلك وأثارت دهشة عقولهم  لعجائبية منطقها الذي يسندها في سرديتها ، فهي بملامحها العريضة ، ظاهرة المنبت والمنشأ كوضوح شمس الظهيرة ، أنها صادرة من قوى الثورة المضادة ، ولكن صَدَّقها ودافع عنها حتي من هم أنصار الثورة كانوا ، ووقعوا في فخ دعمها كحرب كرامة ، وهي ليست إلاحرب تنازع سلطة  ، بين الطرفين التوأم ، العسكروز والجنجوكوز ، وضاع وسط نيرانها الفتاكة ، أؤلئك الذين يعيشون تحت سعيرها  وفب خندق الموت والجوع والنزوح والإذلال اين توجهت أقدامهم ، ولأنهم  الأكثر تضرراَ وحيرة ، فهم يبحثون عن كل سردية فيها ، لانهم الذين يحاصرهم  الموت بين جناحيه النعم واللا ، فكيف يريدونهم أن يقولوا نعم للحرب وهم المكتوين بنارها ، هل هذا منطق  العقل والأخلاق ، أن يطالب مخلوق بشري باستمرار الحرب أي حرب في الدنيا ، ويسميها “بلا حياء”حرب كرامة ، والحرب ما هي إلا أس البلاء والإبتلاء ، في إنهاك وإنتهاك شرف ونقاء قيمة الكرامة .
ونواصل في القادم من الأيام ، فحص هذه الإرتكازات الثلاث ، اللجنة الأمنية التى تحكم بغير شرعية ، وتقولاتها البائرة ، ثم تقدم والإفتراءات التي لاقتها وتحملتها ، رغم تقصيرها في إخماد المد الثوري ، وأخرها اليسار وخاصة الشيوعي ، ومحاولات عزله بعد إسكاته ، وفيها نتساءل هل هي مع المنطق والأخلاق هذه الإرتكازات المصنوعة ،  أم هي بقصد  التجهيل للغرض المجهول المعلوم .

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 1

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *