العنف ضد النساء الدراميات فى وضعية النزوح
* تقرير : أمينة النور
منذ اندلاع الحرب فى 15 أبريل 2023 خرجن كغيرهم من النساء هربا للبحث عن الأمان خوفا على أسرهن من العنف، إنهن دراميات اتخذن قرار النزوح لانعدام الأمن وانهيار الخدمات ونقص الغذاء، لم يجدن الحماية كما نص على ذلك قرار مجلس الامن 1325 الخاص بحماية النساء في مناطق النزاعات، أصبحن في وضع اقتصادي هش.
سميه عبد اللطيف لم تكن تدري أنها ستواجه عنفا أكثر من العنف الذي دفعها للفرار تقول: مجرد كلمة نزوح كانت لي ولأسرتي كابوس، خرجت وأنا أحمل حزني وخوفي توفي زوجي أثناء الحرب لم أحمل معي أشيائي أو مصوغاتي خوفا مما يقابلنا في طريف غير آمن، وصلت إلى قرية بالقرب من شندي سكنت مع أقارب وهنا بدأت المعاناة لا توجد خدمات في المنطقة مررت بوضع اقتصادي سيء نفد مالي طالبوني أهل المنزل بدفع الإيجار.
لم تستطع سمية مواصلة عملها الدرامي الذي بدأته لبعد المسافة وعدم وجود وسيلة نقل رغم معاناتها لم تنس اهتمامها بالدراما كمؤلفة وممثله ،تواصل سميه كتبت مسرحيه عن المرأة اسمها اللوحة الأولى قبل الحرب تتساءل هل هي استقراء لوضع النساء الآن ينتابني الحزن على ما واجهن من انتهاك، سمية نموذج لدرامية لم يبعدها العنف والنزوح عن تخصصها أنها قادرة على التعبير لو بفكرة.
مصير وهواجس
اتخذت عايدة أحمد قرار الخروج هربا من الضرب والتدوين من منزلها في الثورة قررت النزوح إلى مدني بحثا عن الأمان، تقول عايدة كان الطريق غير آمن وطويل وصلنا بعد يومين لم نجد مأوى تقاسمت السكن وأسرتي مع أصدقاء، انتقلت إلى داخلية لم يكن لدينا مال وصلتنا مساعدات من أقارب.
دخلت ورش أقامتها منظمة وقدمت أعمالا درامية مع بعض الدراميين/ات أصبح لدى بعض المال. ودخلت قوات الدعم السريع مدني ضربت الداخلية خرجت وأسرتي تحت القذائف تجولنا في كل أحياء المدينة بحثا عن مكان آمن سيرا زهاء الـ 22 كيلو نزفت قدمي زوجي، فهو مريض بالسكر.
أينما حلت عايدة داهمت المكان قوات الدعم السريع لم يكن هناك بد من النزوح مرة أخرى إلى سنار ثم كسلا في حالة من الوهن والمرض فى حالة من التجوال بحثا عن مأوى إلى أن وجدت دار إيواء، لايوجد عمل أو مصدر دخل سوى إعانات بعض المنظمات كانت تقدم بعض الضروريات. كان امتحان ابنها الذي حل موعده هاجسا آخر بعد الاستقرار بمساعدة بعض الأقارب تم دفع رسوم الامتحان وكان نجاحه نقطة ضوء في العتمة لم تكن تلك آخر فصول معاناة عايدة تم إبعادها وآخرين من الدار التي كانت إحدى المدارس وقد آن موعد فتحها، ذهبت إلى مكان تنعدم فيه ابسط مقومات الحياة. تقول عايدة “أتمنى تنتهى الحرب، لدي مواقف وموضوعات تصلح لأعمال درامية تسهم فى عكس صورة معاناة النساء لمجتمع نأمل أن يحدث فيه الأمن والاستقرار”.
هموم وصمود
رحلة نزوح ومخاطر عاشتها عرفة حسن فى طريق غير آمن هربا من العنف الذي واجهته أثناء الحرب ذهبت إلى مدني وواصلت رحلة نزوحها إلى بورتسودان ثم إلى مصر وجهتها قطر.
عرفة نموذج للنساء اللاتي يقع عليهن عبء إعالة الأسرة واجهتها صعوبات لعدم توفر المال وكانت تكابد من أجل توفير وجبة، تقول عرفه “رغم معاناتي لم أهزم وسأكون قوية. فالدراما عمل إبداعي جعلت لنا مقدرة على حل المشكلات أنجزت أعمالا درامية فى قطر ومازلت أسعى لعمل الكثير.. استطعت أن أعمل لمواجهة صعوبات النزوح”.
هالة مصطفى درامية تسكن شرق النيل حيث الوجود الكثيف للقوات المتحاربة؛ من جهتها تقول: “ماعشناه كان صعبا رغم ذلك كانت لدينا قوة على مواجهته، مررنا بوضع اقتصادي سيء ليس لدينا مال أصبحنا بلا طعام أو ماء وكهرباء، فقدنا مصدر دخلنا خرجنا بلا أشياء لدينا كاميرا اخفيتها عند الخروج لنا أمل في إنتاج بعض
الأعمال الدراميه”.
هالة وزوجها يعملان في مجال التمثيل والمونتاج كانت تعاني من النقص الحاد في أبسط مقومات الحياة تواجه ظروفا اقتصادية صعبة ساعدتهم غرف الطوارئ بتقديم المساعدات من وجبات واحتياجات أساسية وبرزت غرف الطوارئ في ظل الحرب الدائرة فى السودان من خلال متطوعين يعملون فى ظل مخاطر لتقديم المساعدات للنازحين/ات.
لم تختلف قصة هالة كثيرا عن عرفة كلاهما استطاعوا تجاوز الخوف والاتنهاك الاقتصادى عن طريق تقديم بعض الأعمال الدرامية. وواصلت هالة نزوحها عن طريق أكثر رعبا عبر الصحراء إلى مصر لمواصلة تعليم الأبناء وهي أكثر إيمانا بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الدراما تقول “الحرب لازم تقيف حتى يعود الأمن وينتهي العنف هناك الكثير من الأعمال الدراميه لتقديمها لمساندة المجتمع في تجاوز ما دمرته الحرب”.
مخاوف وابداع
دراميات لم يستطعن التغلب على مخاوفهم نتيجة العنف والانتهاك فحسب، عملن المستحيل لمد طوق النجاة لمن حولهن. أميرة احمد اتخذت قرار النزوح بعد أن ازدادت حدة العنف حزينة لما أصاب أسرتها في فقد شقيقها الذي توفي بسبب الحرب سلكت طريق كله مخاطر للحاق بأسرتها للمواساة وإقامة العزاء في المتمه قرب شندي. تقول أميرة “واصلت نزوحي إلى بورتسودان ثم إلى سواكن لعدم توفر المال لايجار سكن، ارتبطت بعمل درامي وعمل أبنائي في ورش، واستقر بي المقام في دار إيواء قدمت مسرحاً تفاعلياً مع بعض الدراميين /ات، استفدت من بعض الورش عن الصحة النفسية وتنمية مهارات المرأة والشباب.. واصلت نزوحي إلى مصر ليواصل أبنائي دراستهم لا يوجد عمل، لدى الكثير من الأفكار والأعمال الدرامية هذه الحرب لازم تقيف كل شيء صعبا وعلينا أن نحاول للنهوض مرة أخرى”.
خرجت تهاني خوفا على ابنها الذي أصابه الرعب من الضرب العنيف تقول “مكثنا أياما بداية الحرب لم أستطع الصمود، تركت منزلي و ذكرياتي، فقدت مصدر دخلي، جاءني دعما ماديا من أقارب، أكثر ما يؤلم في النزوح هو الفكرة نفسها الحرب قاسيه تبعدك عن آمالك وأحلامك كانت وجهتي مكان أكثر أمانا”.
لم تعاني تهاني من النزوح المتكرر كالأخريات. ما واجهته من استغلال أصحاب الإيجارات في بورتسودان كان أشد إيلاما، وجدت دار إيواء، دخلت ورش عن التعايش السلمي وتنمية المهارات، وفي تلك الدار استطاعت تخطى كثير من الصعاب وخلقت مساحة للفرح والإبداع كانت بمثابة تعاف نفسي لابنها وأطفال الدار.
من جانبها تحدثت سامية عبد الله عن هذه الحرب وفظاعتها قائلة “حضرنا حرب الجنوب لم نشعر بها لم نواجه العنف لأنها لم تكن داخل المدن، في ذات الصباح كنت في بروفة عمل درامي، من خلال مكالمة عرفت بالحدث وصلت منزلي بصعوبه عشت أياما مرعبة كانت القذائف فوق سطح منزلي، هربت رعبا إلى أسرتي في الجزيرة ومنها إلى الشمالية.. ابنتي على وشك أن تضع مولودها الأول بعدها ذهبت إلى السعودية”.
سامية رغم أنها في أمان إلا أنها في حالة من القلق على والدتها لكبر سنها بعد دخول قوات الدعم السريع مدني واجتياحهم قريتها، تقول سامية “فى هذة الحرب فقدنا كل شيء، أحلامنا، عملنا كدراميات، وجدت في السعودية مجموعة شباب من الدراميين في مجال المسرح والتلفزيون ونعمل على تقديم عمل درامي عن النزوح، التعايش السلمي والوضع الصحي وتقديم رسائل للمحتمع”.
إنهن دراميات تعرضن للعنف والانتهاك أثناء النزوح فقدن الأمان، العمل والمأوى أصبحن في وضع اقتصادي هش دخلن في تحد لمواجهة العنف بالإبداع.
رغم صعوبة البدايات في مراحل النزوح المختلفه كان عليهن المحاولة، أثبتن أنهن قادرات على الاستفادة من الفرص التي توفرت لهن في دور الإيواء ومواقع أخرى بتوظيف خبراتهن في مجال تخصصاتهن في صنع تأثير إيجابي
وأن يعملن كدراميات على تغيير الصورة النمطية للمرأة وتعزيز مكانتها الأسرية والاجتماعية بالمشاركة في صنع القرار وتوفير الحماية.
_________________________
- قسم الدراما الإذاعة