الهلالية.. مدنيون تحت نيران “الدعم السريع” ونداءات لفتح معابر آمنة
تقرير: مداميك
فرضت مليشيات الدعم السريع، الحصار على مدينة الهلالية بولاية الجزيرة، في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت مستغلة التعتيم الإعلامي وبقاء المدينة خارج الشبكة مسجلة انتهاكات جديدة راح ضحيتها العشرات وسط مخاوف من تكرار المجازر التي ارتكبتها بقرية السريحة، حيث قتلت نحو 141 مدنيًا واعتقلت 150 آخرين، وعثر الأهالي على 50 منهم مقتولين ذبحًا، بينهم طفل رضيع، في مصارف الري والمساحات الزراعية.
وهاجمت، المليشيا قرية الجقوقاب بشرق الجزيرة، وقامت بتصفية إمام المسجد ونجله، وأجبرت جميع السكان على الخروج القسري من القرية في تكرار لذات الانتهكات التي نفذتها بولايات دارفور.
وقال ناشطون إن مليشيا الدعم السريع تحاصر المواطنين في قرية الهلالية بثلاثة أماكن وهي( مسيد الشيخ أبسقرة ومسيد الشيخ عبدالباسط ومسيد الشيخ الطيب) عقب قيامها بطردهم وتشريدهم من منازلهم ونهب جميع ما لديهم من أموال ومقتنيات خاصة ومواد غذائية وتموينية. ونبهوا إلى أن المواطنين بقبعون بمن فيهم من أطفال وكبار سن ومرضى تحت هذا الحصار الخانق مع انعدام أبسط مقومات الحياة والرعاية الصحية وإنقطاع تام لشبكات الإتصالات.
وأكدت مصادر محلية تسجيل وفيات عدة بين الأهالي المتواجدين في المدينة منهم من أُغتيل برصاص المليشيا، ومنهم من توفي جراء تدهور حالته الصحية وهم (يوسف ود العاجبة (ارتقى اثر طلق ناري)، عمر العتبة (ارتقى إثر طلق ناري) حسبو عثمان ود العضيم (ارتقى اثر اطلاق النار عليه داخل منزله)، الطيب عياد (ارتقى اثر طلق ناري داخل منزله)، عوض الطيب الأمين الجاك (ارتقى اثر طلق ناري داخل منزله)، حمزة الطيب ود باسبار (ارتقى إثر طلق ناري في الكبري)، أبوسقرة عمر التاي (ارتقى إثر طلق ناري في الكبري)، قريب الله عبد الله عمر (طلق ناري)، الطائف حياتي أونسة، سعاد أبو إدريس عبد القادر (توفيت جراء تدهور حالتها الصحية)، نوال عبد اللطيف محمد العبيد، ما يعد إنتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وجريمة لا ينبغي التغاضي عنها يضاف لملف انتهاكات الدعم السريع.
وبحسب المتابعات لا تزال القرية قابعة تحت الحصار منذ الثلاثاء الماضي مع تمسك الدعم السريع بتسليم الأسلحة داخل القرية، رغما عن عملية اجتياح واسع للقرية التي تبعد 70 كيلو متراً شمال مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة. وأطلق الأهالي نداءات لفتح معابر آمنه تمكن العالقين من الخروج من القرية الذين باتوا تحت رحمة المنتهكين.
وقال القانوني عبد العظيم حسن تعليقا على الانتهاكات التي تصاعدت بولايات دارفور والجزيرة، إن ما يجري بقرى وحواضر الجزيرة ما هو إلا ملامح خطة الأرض المحروقة التي اعتمدها حميدتي، وأوضح أن الأرض المحروقة خطة مؤداها “علي وعلى اعدائي” فبعد أن أكملت قواته عمليات القتل والتهجير والنهب والاغتصاب بمدن الخرطوم ومدني وسنجة والدندر والسوكي وتمبول والهلالية، بات المطلوب من هذه القوات وهي منسحبة غرباً أن تشيع الذعر في أوسع نطاق بقرى الجزيرة ومدن ولاية النيل الأبيض عبوراً لولايات كردفان وصولاً لحواضنها الاجتماعية بولايات دارفور، لتستمر حروب السودان، وحذر عبد العظيم من تفريخ المليشيا لحركات مسلحة لتنهب وتناور بإهلاك الحرث والنسل فتتنامي دعاوى التدخل الدولي والتزرع بحماية المدنيين مع بقاء الضغط لمفاوضتهم شأنهم شأن قيادات حركات الكفاح المسلح.
وأضاف أن حرب السودان التي شنتها الدعم السريع أوضح نماذج الحروب بالوكالة في العصر الحديث. وأن قائد المليشيا محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، وفي آخر ظهور علني له، قطع الشك بأن الخلافات الناشئة عن الاتفاق الإطاري هي التي أدت للحرب. أي أن حميدتي انخرط في الحرب استجابة لرغبات أطراف محلية وإقليمية ودولية غررت به وحرضته على خطوة كان الهدف منها تمكينه وبالمرة القضاء على البرهان.
وأضاف: “المتتبع للمراحل التي مرت بها الحرب يلاحظ أن حواضنها السياسية والإعلامية لم تدخر وسعاً في حشد كافة أنواع الدعم للمليشيا. سلوك الداعمين تفاعل مع أهداف الحرب متدرجاً مع تقلباتها ابتداءً من الترويج لحتميتها مروراً بكونها حرب جنرالات لا تعني السودانيين انتهاءً بالدعم الصريح سواء على الأرض أو وسائل التواصل الاجتماعي.. وزاد رغماً عن فشل الانقلاب وتحول آلة حرب المليشيا لأجساد وأموال المواطنين وما تطلب ذلك من تغيير في السلوك والأدبيات إلا أن الرابط ظل في استمساكهم جميعاً بالرغبات الإقليمية والدولية ولو على حساب الأجندة الوطنية”.
من جهتها ترى الناشطة الحقوقية ابتهال تاج السر في حديث لـ(مدلميك) أن أكبر العوائق التي تقف حائلا أمام وقف الحرب وحماية النساء والفئات الضعيفة هو أن البلد لديه تاريخ طويل من الإفلات من العقاب.
وقالت إن عدم محاسبة مرتكبي الفظائع لا يشكل عائقًا أمام العدالة الانتقالية فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى استمرار دائرة العنف هذه، حيث صارت العديد من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان التي وقعت في إقليم دارفور منذ سنوات، تتكرر في الخرطوم والجزيرة وأماكن أخرى. ومن ثم، فإن الافتقار التام للعدالة يعكس فشل الدولة السودانية والمجتمع الدولي، ويرسل رسالة للضحايا مفادها أنهم لا يستحقون العدالة، وأن الجناة يمكنهم مواصلة أفعالهم دون خوف من العواقب.