‫الرئيسية‬ مقالات مصالح مصر في السودان (جزء أول)
مقالات - 4 نوفمبر 2024, 0:51

مصالح مصر في السودان (جزء أول)

مهنا حامدين.

كانت وما زالت مصر تفكر في حكم السودان والسيطرة عليه،وهذه الفكرة الاستعمارية تحركها دوافع اهداف و مصالح سياسية وامنية واقتصادية واجتماعية وثقافية. لقد شاركت مصر مرتين في استعمار السودان ( الحكم التركي المصري 1885/1821 والحكم الانجليزي المصري من 1956/1899 ) .
تعد الثورة المهدية التي اندلعت في نهاية القرن التاسع عشر في السودان من اوائل حركات التحرر في افريقيا ،حيث تمكنت من طرد المستعمر الانجليزي والمصري ونجحت في تكوين أول حكم وطني سوداني في الفترة من 1886 الي 1899 .وقد نجحت في خلال عام واحد من التخلص والقضاء علي الاستعمار الانجليزي المصري ،حيث اصبح السودان دولة مستقلة لها كيان جغرافي و سياسي ونظام للحكم وجيش موحد, ولقد استمر حكم المهدية لثلاثة عشر عاما .
دبر الاستعمار حملته الغاشمة للهجوم علي الخرطوم حيث دخلت الجيوش المصرية الانجليزية بمعاونة سودانيين و بقيادة الجنرال كتشنر عن طريق مصر شمال السودان ودارت معركة فاصلة في شمال ام درمان عاصمة المهدية وتحديدا في منطقة كرري .وكانت معركة شرسة انتصر فيها الجيش الغازي نتيجة لتفوق التكنلوجيا العسكرية حيث امتلك الانجليزي المدافع والرشاشات .استشهد في هذه المعركة احدي عشر الف من الانصار حيث حصدتهم المدافع الانجليزية.
ولقد إستعان المستعمر بعد سيطرته علي السودان بمجموعات من السودانيين صنفت برفضها أو معارضتها للمهدية .وكان مهمة هذه المجموعات منالسودانيين المساعدة في الادارة والحكم..وتمت الاستعانة كذلك بطبقة الجلابة لتنظيم الأسواق والتجارة.
مصر ظلت علي الدوام تحاول فرض سيطرتها علي السودان .وقد طالب المفاوضون المصريون بالسيادة علي السودان في اتفاقية 1899.ولم تعترف لهم بريطانيا لهم بذلك .ووضعت السيادة مشتركة بين البلدين .ثم عادت مصر مرة اخري للمطالبة بوضع السودان تحت التاج المصري في معاهدة 1936.ان نظرية وحدة وادي النيل تقوم علي فكرة سيادة مصر علي السودان حيث انها كانت تعتبر السودان جزء لا يقتطع منها.
كانت لمصر اهداف و دوافع خفية ومعلنة تجاه حكم السودان وتسعي دائما لتحقيقها ، وأهم هذه الاهداف و المصالح في الماضي هي استغلال موارد السودان لتحقيق اسباب السعادة والرخاء للشعب المصري من خلال الاخذ باكبر قدر كافي يمكن من مياه النيل بطريقة الحق المكتسب، وتمكين المصريين من الهجرة المطلقة للسودان وحق الاقامة وحق التملك.
ظلت مصر علي الدوام تعتبر السودان جزء لا يتجزء من اراضيها وان البلدان يشتركان في الثقافة العربية والاسلامية وكذلك صلات الدم والقربي.
خططت مصر السيطرة علي السودان منذ وقت بعيد ومهدت الطريق لذلك كل الحكومات المصرية المتعاقبة وإحتلت هذه السياسة الاستعمارية العقل الباطن المصري و كانت مصر تحرص علي الدوام ان لا تعطي فرصة لقيام دولة مستقلة في السودان ربما تعاديها او وتحول دون تحقيق مصالحها في المستقبل.
بعد نهاية ثورة 1952 في مصر عملت الحكومة المصرية علي جمع الأحزاب الاتحادية التي تؤمن بالوحدة مع مصر وعملت علي جمعها في كيان واحد يسمي الحزب الوطني اللاتحادي الذي نجح في الفوز في انتخابات جرت في السودان باغلبية مطلقة مكنته تشكيل حكومة.وطعن حزب الامة في نزاهة الانتخابات بسبب تمويل مصر للدعاية والحملة الانتخابية لدعم الحزب الوطني الاتحادي .
حتي الاستقلالييون كذلك لهم صلات قوية مع مصر. ولم يشرك الاستقلاليون مكونات والشعوب السودانية في تاسيس حركة مقاومة ضد المستعمر ،وحتي بعد نيل السودان استقلاله لم تشرك مكونات المجتمعية في اقاليم الغرب والجنوب والشرق في اختيار نظام الحكم ووضع الدستور ،بل كان هنالك تمثيل ترميزي لبعض قيادات الادارة الاهلية للتعبئة وحشد الدعم من المكونات المجتمعية الهامش ( الانصار) لمساندة حزب الامة بقيادة السيد الامام عبدالرحمن المهدي الذي كانت له صولات وجولات للتفاوض مع مصر وبريطانيا حول مستقبل السودان.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 0 / 5. Total : 0

كن أول من يقيم هذا المقال