‫الرئيسية‬ مقالات تفكيك ونقد مقولة: جيش واحد- شعب واحد
مقالات - 3 سبتمبر 2024, 19:54

تفكيك ونقد مقولة: جيش واحد- شعب واحد

أحمد محمود احمد

السلطة و في طبيعتها تصادر حق الآخرين و لديها القابلية أن تتحدث باسمهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، وهذا ما نلحظه عبر مجريات هذه الحرب حيث برز شعار فوقي وهو شعار (جيش واحد- شعب واحد) ليغطي على جرائم سلطة الأمر الواقع التي لا تملك أي شرعية تخولها لتتحدث عن الشعب و تطرح شعارا تضليليا و زائفا يقول إن هناك جيشاً واحداً في مقابله شعب واحد يقف خلف هذا الجيش، وهذا الشعار يفتقد الدقة والمضمون ونتيجة للأسباب التالية:
اولا: الجيش نفسه ليس جيشا واحدا أو موحدا حيث يحارب الجيش بعضه البعض ، هذا إذا اعتبرنا أن قوات الدعم السريع هي جزءأ من الجيش، بل هي قد كانت كذلك، حيث شكلت قوات الدعم السريع جزءا اصيلا من الجيش واكتسبت كل صفاته من تنظيم وتدريب ورتب وقد كانت تحت رعايته حتى أيام قبل الحرب.. ويقول قادة الجيش عبر مسارات هذه الحرب إن قوات الدعم السريع قوات متمردة ودلالة ذلك أن قوات الدعم السريع قد خرجت عن دائرة الجيش و تمردت عليه في هذه الحرب ، وأصبح وحسب منطوق العسكر لدينا جيشان مسلحان يحاربان بعضهما البعض، يضاف إلى ذلك أن الجيش وطوال علاقته (القانونية) الطويلة مع الدعم السريع التي هندسها النظام السابق فقد قام بانتداب مئات الضباط و القادة النظاميين لتدريب قوات الدعم السريع أو الإشراف عليها ، والغالبية من هؤلاء لم يعودوا للقوات المسلحة، وهم الذين يقودون ويخططون للمعارك التي تتقدم من خلالها قوات الدعم السريع، وهؤلاء يعتبرون خارج الشعار الذي يقول بوحدة الجيش، أي هي قوات منشقة..علاوة علي ذلك فهناك قيادات و مجموعات كبيرة قد انشقت من الجيش أثناء هذه الحرب وذهبت نحو الدعم السريع، و كان آخرهم العميد الركن عمر حمدان الباشا موسي الدفعة ٣٦ ، وهؤلاء المنشقون عن الجيش وبشكل متواصل ينسفون فكرة أو شعار جيش واحد التي يتم ترديدها ودون وعي، فخروج مجموعات من الجيش تشير إلى أن هناك مشكلة حقيقية داخله سببها و بشكل أساسي سيطرة الحركة الإسلامية على قياداته…. يضاف إلى ذلك الأعداد الهاربة من المعارك أو المنسحبة التي لا تطيع أمر قيادتها و التي قد ذهب بعض أفرادها للدول المجاورة.. إذن الجيش بهذا المعني ليس جيشا واحدا، بل يعتبر جيشا مخلخلا يقاتل نفسه و يحدث كل يوم أن يغادره البعض ناهيك عن واقع القيادات الوسطى والجنود الأفراد الذين يعانون ويلات هذه الحرب و يفتقدون أقل مقومات العسكرية إذ يحاربون في ظروف صعبة ومعقدة فهم متململون ورافضون لكل تصرفات القيادات العسكرية الفاسدة لكن الذي يبقيهم هو الواجب العسكري فقط ، إذن و بالنتيجة فإن الجيش غير موحد وأحيانا يتم اختراقه من قبل قوات الدعم السريع وعبر منسوبيه، ولهذا تمكنت قوات الدعم السريع وعبر هذه المعارك من كشف نقاط ضعفه واقتحامها..
ثانيا: السلطة التي يقودها البرهان ليست سلطة شرعية ، و شرعية السلطة ترتبط بالشعب ، و بالتالي لا أحد من الشعب السوداني قد فوض البرهان ليكون رئيسا عليه أو متحدثا باسمه..
ثالثا: هذه الحرب قد أدت إلى تقسيم الشعب السوداني إلى طرف يدعم الجيش و يمثل هؤلاء الحركة الإسلامية و بعض أعضاء الحركات المسلحة، علاوة على بعض المتساقطين و المنشقين عن أحزابهم و بعض (المثقفاتية) التائهين و معهم بعض القونات و هؤلاء و بالضرورة لا يمثلون الشعب السوداني ، كما ان هنالك اطرافا تقف خلف الدعم السريع لأسباب قبلية و مناطقية او كراهية في (الكيزان) و هنا قد بدأ الانقسام و الذي لا يشير إلى وحدة الشعب المطروحة في الشعار القائل ( جيش واحد- شعب واحد) و هذا نتاج الحرب الدائرة الآن ذات الشعارات التموهية..أما البقية من الشعب السوداني فهي الغالبية التي ترفض الحرب و هو ما يقودنا إلى النقطة الرابعة و المهمة…
رابعا: هناك فيديو في وسائط التواصل الاجتماعي و قد وقفت امرأة نحيلة ارهقتها الحرب أمام البرهان و في زيارته الأخيرة للشمالية و قالت في وجهه و متحدثة بصيغة الجمع بأنهم قد تعبوا من الحرب و يجب إيقاف هذه الحرب، و هذه المرأة و في تلك اللحظة فد تمثل نفسها لكن إذا ما أخضعنا هذا الصوت و عممناه على بقية القطاعات من الشعب السوداني و التي أصبحت مشردة في الداخل و في دول الجوار جراء هذه الحرب أو نازحة في الداخل، فأن هذا الصوت هو صوت الشعب السوداني الحقيقي و الذي قضت علي مستقبله هذه الحرب ، و هؤلاء المشردون و النازحون تقول الاحصائيات الدولية إنهم بالملايين ، علاوة على من هم في مناطق الحرب و تقطعت بهم السبل، كل هؤلاء ليست لديهم اية علاقة بحرب الجيش و غير داعمين لها، و ليسوا متوحدين مع الجيش في أي خطوة يخطوها، و لهذا صرخت تلك المرأة في وجه البرهان و قام أهل العبيدية بطرد الوالي و قام أهالي قوز هندي و التي تنتمي إليه المرأة المذكورة سابقا يهتفون في وجه البرهان لا للحرب ، و ثار مواطنو كسلا ضد الحرب و الأوضاع المتدهورة بسببها ، و بهذا المعنى لا يوجد شعب لديه صلة مع الجيش في هذه المرحلة والتي يسهم فيها الجيش في تقتيله و ضربه بالطائرات وسرقة ممتلكاته أحيانا من قبل بعض أفراد الجيش، وتسطو قيادات الجيش في بورتسودان علي المساعدات المرسلة من بعض الدول الشقيقة للشعب السوداني، إذن كيف يتوحد الشعب السوداني مع جيش ساهم في قتله و تشريده و سرقة موارده و مصادرة حتي الأغذية والأدوية المرسلة له من الخارج، و بهذا المعنى فإن الشعب السوداني وفي عمومه يقف ضد هذه الحرب دون أن يكون لي الحق التحدث باسمه، لكن كل الدلائل والمؤشرات تقول بذلك، ولكن قيادات الجيش تري الشعب السوداني عبر أعضاء الحركة الإسلامية والمستنفرين الذين تحركهم هذه الحركة تحت شعارات الكراهية والعنصرية..

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 2

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *