الإسلام السياسي بين القشتين (المُرّة والتي قصمت ظهر البعير).. نموذج سناء حمد
(اذهب إلى القصر رئيسا وسأذهب إلى السجن حبيسا)
عز العرب حمد النيل
أبرز علامة مميزة زينت صدر نظام الإنقاذ البائد و هو يخطو خطواته الأولى في سلم الاستعباد ليقنع الشعب السوداني أنه المخلّص من ( ثمرات) انتفاضة أبريل و انبلاج فجر الحرية بزعم أن حكومات المدنيين فشلت في إدارة الدولة على الوجه الأكمل و ما العلاج إلا أن يتدخل الجيش محمولا على ظهر تنظيم سياسي بئيس ليعدل الصورة. وفق هذا الفقه السياسي المعوّج تسنمت المؤسسة العسكرية قيادة البلاد أكثر من نصف قرن بعد الاستقلال و رغم ذلك هناك عقلية شوهاء تحمّل كل القوى السياسية و المدنيين وزر ارتداد بلادنا القهقرى.
ما ترك الإسلامويون بابا من أبواب إذلال الشعب إلا و طرقوه عبر المفاهيم التي تمثل عماد دعوتهم ، مفهوم الأمة الإسلامية المتجاوز حدود الدولة القطرية التي لا يرى فيها الإسلامويون سوى( هوية مصطنعة) لا قيمة لها أمام (الانتماء الديني ) ،مفهوم الحاكمية التي ( هي لله لا للسلطة و لا للجاه) الهتاف الكذوب، و ما عداه حكم ( الجاهلية و الطاغوت ) ، و عبر سيادة هذا المفهوم و ( الهجرة إلى الدولة الإسلامية ) سيق شباب جامعيون من عواطفهم للانضمام إلى داعش، مفهوم الخلافة الإسلامية أداة تنفيذ الشريعة الإسلامية و أداة فتوحات ( الحلم الإسلامي الكبير ) عبر تطبيق المفهوم الرابع ، مفهوم الجهاد و بذل الروح رخيصة من أجل أن (تصبح كلمة الله هي العليا ).
ما هو جدير بأن يقف عنده علماء النفس الاجتماعي الغوص عميقا في مثل هذه النفوس المريضة بل القلوب (أم على قلوب أقفالها ) و بلا شك هناك خلل تربوي يرتبط بالنشأة رغم طابع الحياة في بلادنا و الذي أقل ما يتميز به ذلك الظل الوريف للأسرة الممتدة.
و من تلك الكذبة امتد حبل للموبقات مخضب بالدماء حيث أعدم ٢٨ ضابطا في العشرة الأواخر من رمضان، شهداء الحركة الطلابية: بشير الطيب ، سليم أبوبكر، التاية أبوعاقلة، محمد عبدالسلام ….. إلخ، ثم أعدم مجدي محجوب بحيازة حفنة دولارات بعدها استُنّ قانون يحفظ الحق في الحيازة بل التداول و كأنما نصبت له المشنقة( على وجه الخصوص)، مسمار في رأس الشهيد الدكتور علي فضل ، مجندو الخدمة الإلزامية في معسكر العيلفون، إعلان الحرب في دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق و قتل الأبرياء في أسوأ مثال للتطهير العرقي تشهده بلادنا بشهادة للرئيس المعزول عمر البشير مبذولة في الفضاءات الإسفيرية، شهداء ثورة سبتمبر ٢٠١٣م، شهداء القضايا المطلبية فيما عرف بالسدود في شمال البلاد ثم الشهيد الأستاذ أحمد الخير و نسل من هذه السلالة طويل.
و بين هذه و تلك أمور متشابهات في أحداث تخص النظام البائد نفسه حيث لم تسفر التحقيقات حتى الآن عن نتيجة بخصوص سقوط طائرة الزبير محمد صالح و طائرة إبراهيم شمس الدين و مرافقيه، و حادثة حركة أودى بحياة مجذوب الخليفة و مثله راح ضحيته الأستاذ المحامي فتحي خليل ….. إلخ.
لم يعترف المؤتمر الوطني المحلول حتى الآن بثورة ديسمبر المجيدة و يعتبرها انقلابا عليه في أكبر ضلال و عمه يسم عقلية عضويته الإقصائية ووفقا لذلك ابتدع ما أسماه مواكب الزحف الأخضر التي خرجت لتهتف ضد الحكومة الانتقالية يقودها من يسمونهم شيوخ الحركة الإسلامية أمثال أحمد عبدالرحمن محمد و إبراهيم أحمد عمر و كلا الرجلين عندما طلبت منه الشهادة في محاكمة مدبري انقلاب الإنقاذ في ٣٠ يونيو ٨٩ تعذر بأن الذاكرة أصابتها الشيخوخة و لم يعد الرجلان يتذكران تلك الأحداث البعيدة .. فهل يمكن أن يكون في هؤلاء القوم رجل رشيد أو متحليا بحكمة!
انتظر الإسلامويون مرور عام كامل على الحرب طمعا في دبلوماسية تغسل من صحيفتهم التي يحفها الإجرام من كل جانب أنهم أشعلوا الحرب لأنهم لا يطيقون فراق السلطة التي بسطت لهم الفساد بدلا عن قضاء حوائج الشعب و الارتقاء به علما بين الأمم.
و كان السنا في حساباتهم ما نطقت به سناء (فإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) و أن مسيرتهم مأمورة بالنصوص.. حتى النصوص يقطعونها (أنصاصا ) خدمة للمسيرة القاصدة في الالتفاف على عقول الشعب و عامة الناس و لا يعرف الحياء طريقا للرجال و النساء عندهم على حدّ سواء.
بهذا السلوك (الدبلوماسي) الخشن و قبول الجلوس لقائد الدعم السريع و استلطاف الرجل آيبا لحضن ( حوشه) القديم و في المقابل الرفض باللغة المغلظة للقاء تقدم و هي التي عافت أي مائدة حوار تجمعها بهم، تؤكد على أن هذه الحرب اللعينة ضد الثورة و عصا غليظة في وجه الشعب السوداني المتطلع للحرية و السلام و العدالة.