إيقاف وإنهاء الحرب ولكن كيف؟
التداعيات الإنسانية والمجتمعية للحرب الجارية!
(الجزء الثاني)
في هذا الجزء الثاني عن التداعيات الإنسانية للحرب الجارية سوف يتم تسليط الضوء علي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وعلي تعميق الانشقاق المجتمعي الناتج عن الحرب وما يرتبط لها من ممارسات الاستقطاب السياسي للمجموعات القبلية والاثنية المختلفة.
1. جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية
تشير كل التقارير الواردة من جبهات القتال المختلفة الي انتهاكات صارخة للقانون الدولي وللاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الإنسان وتحظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية خلال النزاعات المسلحة. في التقرير، الذي قدمه المفوض السامي، فولكر تورك، لمجلس حقوق الإنسان، تم رصد لعدة انتهاكات وتجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي ترقي إلى جرائم حرب ارتكبها الفريقان في الفترة ما بين أبريل وديسمبر 2023. وأدرجت الأمم المتحدة كلاً من الجيش وقوات الدعم السريع – بعد اسبوع من ادراج قوات الأمن الإسرائيلية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين – في “قائمة العار” المتعلقة بانتهاك حقوق الأطفال في النزاعات والحروب. وتجري المحكمة الجنائية تحقيقات بشأن الجرائم ضد الإنسانية والمرتكبة منذ اندلاع الحرب الجارية، من قبل الجيشين الرسميين المتحاربين وحلفائهم في الفاشر. في سياق متصل بجرائم الحرب، كشفت مجلة “فورين بولسي” عن مشروع في “مجلس النواب الأميركي” لصياغة واتخاذ قرار “يعترف بوقوع إبادة جماعية في السودان”، بهدف جذب المزيد من الاهتمام للصراع والضغط على إدارة الرئيس جو بايدن لتكثيف الجهود الدبلوماسية لإيقاف وإنهاء الحرب في السودان.
واعتمد التقرير الذي قدمه المبعوث السامي، ترك امام مجلس حقوق الإنسان، الذي افضي الي وضع الفريقين في قائمة العار المتعلقة بانتهاك حقوق الأطفال في النزاعات والحروب، تقصى لحقائق حول عدة انتهاكات جسيمة تتعلق: بعدم الالتزام بحماية المدنيين وبالقتل والتشويه، وبالإبادة الجماعية، والعنف الجنسي، والاختطاف، والتجنيد والاستخدام للأطفال في القتال، والحرمان من المساعدات، والهجمات على المدارس والمستشفيات.
1.1 عدم الالتزام بحماية المدنيين
تشير كل التقارير الواردة من جبهات القتال المختلفة، الي عدم اتخاذ الفريقين المتحاربين اثناء القتال، لادني حد من الاحترازات والاجراءات المتفق عليها عالميا لحماية المدنيين، وحماية المرافق الصحية والتعلمية والبنية التحتية اللازمة للحياة. حيث تم رصد للقتل المتعمد للمدنيين ولأسري الفريق الآخر والتنكيل بجثثهم، واجبار المواطنين علي ترك منازلهم وعلي النزوح الي مناطق اخري. وتحققت الأمم المتحدة من 1721 انتهاكا منذ اندلاع الحرب؛ بما في ذلك مقتل 480 شخصا وتشويه 764، معظمها خلال تبادل إطلاق النار، كما تحققت من وقوع 85 هجوما على المدارس والمستشفيات. وأكدت منظمة اطباء بلا حدود تلقيها في اقليم دارفور، وفي بعض الايام، لأكثر من 100 حالة لجرحي ومصابين.
واكد المفوض السامي، فولكر تورك، بإن الأساليب العدوانية للأطراف شملت هجمات متعددة وعشوائية في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، وتم فيها استخدام الأسلحة ذات التأثيرات الواسعة النطاق، مثل الطائرات المقاتلة والطائرات المسيرة والدبابات. وحتي المرضى في المستشفيات يتعرضون لكل أنواع الترويع…. وبسبب القتال الجاري في وحول الفاشر، صرحت “منظمة الصحة العالمية”، في منشور على حسابها عبر “منصة إكس”، إن خروج مستشفى الفاشر الرئيسي عن الخدمة في أعقاب الهجوم الاخير، أدى إلى إجهاد المرضي الموجودين، وفاقم من تقليل الخدمات المنقذة للحياة. وفي تقرير أخير لمنظمة اطباء بلا حدود -بعد اجلاء طاقمها الطبي من “المستشفى التركي” في الخرطوم، بسبب العنف ضد طاقمها -، جاء فيه أن ثلث اصابات الأشخاص القادمين الي المستشفيات مرتبطة بالحرب، وتخص النساء والاطفال دون العاشرة”. وأكدت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لبلدان شرق المتوسط، في 17.07.2024، وقوع 82 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية منذ بداية الحرب، مع تزايد لها خلال الأسابيع الأخيرة في هذا العام.
2.1 القتل علي اساس الانتماء القبلي الاثني
واشار ايضاً المندوب السامي، ترك، الي عمليات قتل ذات دوافع قبلية شملت قطع الرؤوس في شمال كردفان، وحوادث في مناطق مختلفة، بما فيها ولاية الخرطوم، وغرب دارفور، وولاية الجزيرة. وفي يوليو من العام الماضي أعلن المدعي العام لدي المحكمة الدولية، كريم خان، فتح تحقيق جديد بناءً على التفويض الممنوح للمحكمة الجنائية في دارفور. وكشف كريم خان، عن حدوث عمليات نهب وحرق منازل وإعدامات خارج نطاق القضاء. وأفادت تقرير للأمم المتحدة عن قتل ما بين 10- 15 ألف شخص في مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور العام الماضي، جراء أعمال عنف عرقية، نفّذتها قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها. وأكد تقرير صدر من منظمة “هيومن رايتس” في يونيو الماضي من هذا العام، قيام قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها بقتل آلاف الأشخاص، معظمهم من المساليت، في الجنينة والمناطق المحيطة بها، مما أجبر أكثر من نصف مليون شخص على الفرار عبر الحدود إلى تشاد.
وكشف “المرصد الوطني لحقوق الإنسان” في السودان، عن توثيقه لجرائم حرب ضد الإنسانية ارتكبتها المليشيات الإسلامية المتطرفة التي تقاتل مع الجيش، في دارفور وفي الخرطوم. وأكدت المنظومة قتل مواطنين و”التمثيل بجثثهم وهرسها بشكل غير مسبوق” في منطقة الكدرو شمال الخرطوم بحري. وحسب بيان من “تجمع أبناء الكنابي بالجزيرة” استهدف سلاح الطيران التابع للجيش “القرية 32” التابعة لمحلية أم القرى شرق الولاية وقتل 50 مواطنا علي اساس قبائلي جهوي، وعلي اساس اتهامات بالتعاون مع قوات الدعم السريع.
3.1 جرائم العنف الجنسي ضد النساء
في تقارير لمنظمات المجتمع المدني السودانية، ولمنظمات عالمية ومكاتب تابعة للأمم المتحدة تم توثيق لعمليات نهب مسلح واغتصاب واختطاف للنساء وللشباب الذكور بغرض الابتزاز وطلب الفدية أو التجنيد الإجباري من قبل أفراد يتبعون لقوات الدعم السريع ومن لمليشيات قبلية المتحالفة معها، ولمليشيات القبلية متحالفة مع الجيش. وحسب توثيق من مجموعة محامي الطوارئ، ولجنة الأطباء المركزية ومنظمات مجتمع مدني اخري، وصلت الحالات الموثقة لاغتصاب الإناث والذكور الي قرابة 370 حالة منذ بداية الحرب في جميع أنحاء السودان. حيث أكدت عضوة هيئة محامو الطوارئ، رحاب مبارك، في تقارير إعلامية إجهاض 20 ناجية بشكل قانوني بعد اغتصابهن من قبل محتسبين من قوات الدعم السريع، وعن طلب 370 ضحية للبروتوكول السريري لمعالجة الاغتصاب. ورصدت “حملة معًا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي” التي دشنت اعمالها رسمياً في يناير الماضي، في تقريرين، 245 حالة اعتداء جنسي معظمها تخص الإناث وسبعة حالات تخص الذكور. وحسب تقرير منشور في جريدة التغيير الالكترونية في 13.07.2024، أكدت حملة معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي أنها وثقت منذ أواخر العام الماضي 423 حالة اغتصاب، من بينها 159 حالة -أي نحو 37%- كان ضحاياها أطفالا. وتشير التقارير الواردة الي ارتكاب منسوبي الجيشين والمتحالفين معهم لجرائم العنف الجنسي، لكن النسبة الأكبر من الجرائم تمت من منتسبين لقوات الدعم السريع ومن متحالفين معها.
وفي تقرير صادر عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في فبراير من هذا العام، تعرض ما لا يقل عن 118 شخصاً للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب، من بينهم 19 طفلاً. واكدت في تقريرها ان “the dark digit”، أي الرقم الحقيقي، أكبر من ذلك بكثير. بينما وثقت “شبكة نساء القرن الأفريقي (صيحة)” أكثر من 200 حالة عنف جنسي حتى آخر يناير من هذا العام. وأوضحت الشبكة أن “هذه الإحصائية لم تتضمن الانتهاكات التي وقعت في ولاية الجزيرة بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت، كما لم تشمل ولايتي شمال وغرب دارفور باستثناء اللائي وصلن إلى مناطق خارج سيطرة قوات الدعم السريع”.
ومع تفاقم وتيرة الصراع وتزايد المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في ولاية سنار، وبعد سيطرة قوات الدعم السريع علي مدينة سنجة، ، تزايد تصاعد مخاطر العنف ضد النساء والفتيات داخل الولاية. وأكدت منظمة صيحة عن توثيق لحالات اختفاء وفقد لمدنيين ، تم انتزاع بعضهم من عائلاتهم. وتقدر التقارير الواردة وصول حالات الاختفاء الي 1000 حالة، من بينهم 91 حالة تخص الأطفال. وللتصدي للعنف الجنسي ضد النساء، أعلنت مجموعة من المنظمات النسوية والمبادرات المجتمعية تأسيس غرفة طوارئ – “مكوار النسوية” لمواجهة العنف القائم على النوع في ولاية سنار. وبخصوص تفاقم العنف الجنسي ضد النساء في ظل تصاعد المواجهات العسكرية في وحول مدينة الفاشر، جاء في تقرير لجريدة “Zeit Online” الالمانية، في 09.07.2024 أن منظمة “اطباء بلا حدود” اكدت “تسجيلها يوميا 6 حوادث اغتصاب للنازحات من دارفور في مخيمات النازحين في آدري في تشاد”.
وحسب تقارير المنظمات وتصريحات العاملين والخبراء في هذا المجال، تشكل الحالات الموثقة نسبة ضئيلة من الحالات الفعلية، لأن هناك نساء وفتيات كثيرات يخشين التحدث عن تعرضهن للاغتصاب بسبب المفاهيم الاجتماعية السائدة. في هذا المضمار اكد ممثل “صندوق الأمم المتحدة للسكان” في السودان في حديث مع أخبار الأمم المتحدة، ان “بعض النساء صارت لديهن مواليد نتيجة لتعرضهن للاغتصاب وأن بعض الناجيات لم يفصحن عن تعرضهن لتلك الانتهاكات وأخفين الأمر عن أسرهن خوفا من العار والوصمة”، و”إن بعض النساء وصلن إلى مرحلة من اليأس دفعتهن إلى محاولة الانتحار”.
وصرح ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن في وضع الحرب والنزوح “تتعرض حوالي سبعة ملايين امرأة وفتاة في السودان لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي”، وإن ممارسات العنف الجنسي… “ملاحظة وموجودة وهي …. تعتبر سلاحا في هذه الحرب للضغط على الأسر والمجتمعات وهذا نوع من امتهان كرامة الخصوم في هذه الحرب”. وأكدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل بالسودان، أن “العنف الجنسي الممنهج …ثبت استخدامه كوسيلةً للإخضاع والسيطرة وإذلال المجتمعات وإرهابها”. وافاد في 23 مارس من هذا العام، فريق خبراء أممي معني بالإتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، إن التقارير الواصلة لديها تفيد أن “الشابات والفتيات، بما في ذلك المشردون داخليًا، يتم الإتجار بهم لأغراض الاسترقاق الجنسي وغيره من أشكال الاستغلال الجنسي”. واشار الخبراء الي تقارير عن بيع النساء والفتيات في “أسواق الرقيق” في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة الأخرى. وبالفعل، يوظف اغتصاب النساء في الحرب الجارية كأداة لتغذية حالة التحريض والاستقطاب السياسي والعرقي، وذلك من خلفية العدائيات والصراع الجاري بين القبائل المتحالفة مع قوات الدعم السريع، والأخرى المكونة للحركات السياسية المسلحة المنضوية تحت مسار دارفور، والتي تحارب بجانب الجيش.
4.1 تجنيد الأطفال والقصر وإشراكهم في القتال
اظهرت عدة تقارير لمنظمات حقوق الإنسان وحماية الأطفال ومقاطع فيديوهات عن تورط قوات الدعم السريع والمليشيات القبلية المتحالفة معها، والجيش والحركات السياسية المسلحة المتحالفة معه، في تجنيد الأطفال والشباب القصر وإشراكهم في المعارك. وتأكد بعض الصادر العالمية والقومية امداد قبائل معينة في غرب السودان قوات الدعم السريع، واخري الحركات السياسية المسلحة بالأطفال والشباب القصر للتجنيد، وتتوسع عملية الامداد مع تزايد حدة الاستقطاب السياسي علي اساس قبلي وجهوي. ويشمل الإمداد العسكري البشري أطفال ومراهقين تتراوح اعمارهم ما بين 12 و18 عاما. كذلك، تخللت المبادرات التي أطلقها مناصرون للجيش لتجنيد شباب من وسط وشمال وشرق السودان، لمواجهة قوات الدعم السريع، عمليات تجنيد للأطفال. في هذا المضمار اكد نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية للسودان طوبي هارود، عن تلقيهم لتقارير عن تجنيد واسع النطاق لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 11 و17 سنة في صفوف الأطراف المتحاربة والجماعات المسلحة في الفاشر.
وجاء في تقارير منظمات المجتمع المدني السودانية وتقارير المنظمات العالمية والاممية، منها “لجنة حقوق الطفل” التابعة للأمم المتحدة، توثيق لعمليات اختطاف للشباب الذكور بغرض الابتزاز وطلب الفدية أو التجنيد الإجباري من قبل قوات الدعم السريع ومن المليشيات القبلية المتحالفة معها، والمتحالفة مع الجيش. ولفتت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الطفل الانتباه إلى التقارير التي تفيد بأن الجيشين الرسميين المتحاربين، يجندون مئات الأطفال في دارفور وشرق السودان، ودعت الفرقين إلى “التوقف فورا عن تجنيد الأطفال وتجنيبهم تأثير العمليات العسكرية”، وطالبت “بإجراء تحقيقات سريعة وشاملة في كل مزاعم الانتهاكات والتجاوزات”، وذكرت أنه إضافة إلى الجيش والدعم السريع، فإن الحركات المسلحة أيضاً متهمة بتجنيد الأطفال. وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فإن أطرافاً سودانية عدة متورطة في انتهاكات ضد الأطفال، بما في ذلك عمليات التجنيد القسري والطوعي.
ومع ارتفاع لغة الحرب وخطاب الكراهية والاستقطاب السياسي وسيادة الفوضى والفقر يتوقع كثيرا من المراقبين تزايدا لانخراط الأطفال والشباب القصر في الأعمار التي تتراوح بين 12 إلى 18 عاما في القتال، إما إلى جانب الجيش أو الدعم السريع أو الجماعات المسلحة. ويرجع الخبراء توقع توسع ظاهرة انخراط الأطفال والشباب القصر في القتال، الي الرغبة في كسب المال لإعالة العائلة، أو البحث عن تحديات في حياة، وذلك من غير ادراك لخطورة الحرب. وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالاتجار بالبشر سيوبهان مولالي، بإن “الوضع الإنساني المتدهور وعدم إمكان الحصول على الغذاء والخدمات الأساسية الأخرى يجعلان الأطفال، بخاصة غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم في الشوارع، أهدافاً سهلة للتجنيد”.
ورغم الحضور الواضح للجنود الأطفال والقصر بين صفوف قوات الدعم السريع وداعميها وبين الحركات السياسية المسلحة، لا تتوفر إحصائيات موثوق بها بشأن عدد الأطفال المجندين. وأكدت مسؤولة سابقة في “وزارة الرعاية الاجتماعية وشؤون الطفل”، في تصريح لها “أنّ النزاع الحالي شهد أسوأ موجة من الانتهاكات ضد الأطفال، وتجنيد ما لا يقل عن 8000 منهم للمشاركة في القتال”. وبموجب القانون الدولي الإنساني، يعتبر تجنيد الأطفال من دون الـ15 عاما، أمر محظورا، ويمثل جريمة حرب، وفضلاً عن ذلك يحدد “القانون الدولي لحقوق الإنسان” سن 18 عاما أدنى عمر للتجنيد وللمشاركة في القتال الحربي.
2. القمع والتعسف السياسي والقانوني
عقب اندلاع الحرب بين الجيشين الرسميين – الجيش وقوات الدعم السريع، في 15 ابريل 2023، وقع عدد كبير من الناشطين والفاعلين السياسيين ومواطنين آخرين ضحايا لاتهامات طرفي الصراع بمساندة الطرف الآخر وجرت اعتقالات وعمليات اختطاف واخفاء قسري ومحاكمات للبعض وتم تعذيب بعضهم في المعتقلات، وتصفية آخرين. حيث يمارس طرفي الحرب الاعتقالات التعسفية للمدنيين بذريعة دعمهم، أو تعاونهم او عملهم مع الخصم. وتتزايد في مناطق سيطرتهم حالات الاختفاء القسري للناشطين ضد الحرب، ويتعرض عدد من المعتقلين للتعذيب وللموت جراء التعذيب. وفي بعض الحالات يشترط على ذوي المحتجزين دفع مبالغ مالية نظير إطلاق سراحهم. وفي تقرير صدر في فبراير من هذا العام، أشارت “المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري”، إلى “اختفاء أكثر من 990 شخصا خلال الحرب، بينهم 95 امرأة”. ويشير التقرير الي تعرض العديد منهم للتعذيب، والي موت العديد منهم تحت التأثير بجراحهم. وكشفت “وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل بالسودان” في بيان لها، في 07.07.2024، عن “إطلاق سراح 20 امرأة وفتاة إضافة إلى أطفال وكبار سن ظلوا محتجزين قسرياً لنحو 5 أشهر بواسطة قوات الدعم السريع في مساحة محدودة بمنطقة أمبدة الراشدين في أم درمان”.
وأشار المرصد الوطني لحقوق الإنسان في السودان الي الاعتداءات “البشعة” التي يتعرض لها المدنيين في مناطق سيطرة الجيش على اساس العرق والهوية، والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري للناشطين ضد الحرب. واشار ايضاً المندوب السامي، ترك الي مصير آلاف المدنيين المحتجزين تعسفيا لدى طرفي الحرب والمنتسبين إليهما، وعلى مصير المئات الذين اختفوا قسريا، ومن بينهم نشطاء سياسيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وأعضاء لجان المقاومة، ومواطنون متهمون بمناصرة الخصم. علي سبيل المثال، تم في الخامس من مايو في هذا العام ، قتل المحامي صلاح الطيب موسى، الناشط السياسي والطوعي ورئيس حزب المؤتمر السوداني / فرعية القرشي بولاية الجزيرة، من قبل “الاستخبارات العسكرية” للقوات المسلحة، بعد 19 يوم قضاها تحت التعذيب والتنكيل. ووثقت مبادرة “مفقود” 990 حالة اختفاء قسري، بينهم 95 امرأة و50 طفلاً، منذ اندلاع الحرب. ومن المرجح أن يكون العدد الحقيقي للحالات أعلى من ذلك بكثير.
ويتزامن مع تكثيف القتال في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع والمناطق الحدودية لها، تكثيف لحملات اعتقالات وملاحقات قانونية من النيابة العامة، ومن قوات الدعم السريع ومن استخبارات الجيش تستهدف اعضاء في الاحزاب السياسية، ونشطاء في غرف الطوارئ ومتطوعين في المبادرات الانسانية، وأعضاء في لجان المقاومة بمحليات الولايات المختلفة. في هذا المضمار رصدت “مجموعة محامو الطوارئ” في تقرير لها في 20.04.2024 اعتقالات واسعة بين المواطنين النشطين سياسياً واجتماعيا، تقوم بها “استخبارات الفرقة 17 مشاة،” التابعة للجيش في ولاية سنار، ووصفت الولاية بانها صارت “ولاية الرهائن والمعتقلين”. وكشفت “مبادرة لا لقهر النساء” عن تزايد عدد المحتجزات من النساء النازحات بتهم “التخابر والتعاون لصالح قوات الدعم السريع”. وإشارت الي خضوع المحتجزات لمحاكمات تعسفية تفتقد لأبسط معاير العدالة القانونية، والي اعتماد المحاكم علي اعترافات قسرية وأدلة ضعيفة، واصدار أحكام تتراوح بين السجن الطويل والإعدام.
وجاء تزايد الملاحقات القانونية بتهمة التخابر والتعاون لصالح قوات الدعم السريع في مناطق سيطرة الجيش مرتبطا بإجازة تعديلات في قانون جهاز الأمن من قبل سلطة الأمر الواقع. تبعاً لتلك التعديلات القانونية، تزايدت القضايا أمام المحاكم في ولايات القضارف والنيل الأزرق والبحر الأحمر، في الفترة الأخيرة، بسبب “التعاون والتخابر مع قوات الدعم السريع”، وتم اصدار عددًا من الأحكام، معظمها بالإعدام. علي سبيل المثال، أصدرت محكمة الدمازين في 3 يونيو 2024، حكماً بالإعدام علي الموظف بهيئة الطيران المدني، عيسى حامد عيسى خميس، عضو دائرة المهنيين في حزب الامة القومي، بتهمة “تقويض النظام الدستوري” تحت المادة 50 من القانون الجنائي لسنة 1991. وبالرغم من إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة، تم اعتقاله مرة ثانية، بسبب ناشطه السياسي ومناهضته للحرب. كذلك أصدرت محكمة مكافحة الإرهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة في بورتسودان حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت علي فتاة تحت المادة 51 من القانون الجنائي، بسبب “حوزتها رسائل تمجد قائد الدعم السريع،”، حسب مرافعة المدعي العام. وأصدرت المحاكم الجنائية في ولاية كسلا خلال الفترات الماضية احكاما ضد متهمين بالتعاون مع قوات الدعم السريع، وصل بعضها الى الاعدام والسجن المؤبد واحكام بالسجن لمدة 10 الي 5 سنوات.
وهنالك محاكمات أخرى جرت وتجري ضد المعارضين السياسيين والناشطين بسبب مناهضة استمرار الحرب، وضد من يشتبه فيه “بالتعاون أو تقديم معلومات استخباراتية” لقوات الدعم السريع. في هذا المضمار صرح “حزب المؤتمر السوداني”، بأن ” .. الحكومة تجري محاكمات عسكرية ذات طابع قبلي ضد سودانيين وسودانيات بدعاوى التعاون مع قوات الدعم السريع”. وفي إعلان من “هيئة محامي دارفور”، يجلس – بتهمة التعاون مع قوات الدعم بموجب المادة 51 من القانون الجنائي- أكثر من 150 شابا في السجون في مناطق سيطرة الجيش، تم اعتقال العديد منهم علي “أساس عرقي”.
كذلك، تطال الملاحقات القانونية والاعتقالات والتعذيب والقتل الصحفيين، الذين يقومون بتغطية فظائع الحرب وممارسات الفرقين والمتحالفين معهم ضد المدنيين العزل. حيث يصنف الجيشين الرسميين المتحاربين منذ بداية الحرب كل صحفي سوداني يقوم برصد فظائع الحرب وممارسات الفريقين في مناطق سيطرتهم وعلي جبهات القتال، بأنهم أعداء وداعمين للفريق الآخر. ويتم بموجب هذا التصنيف استهدافهم بالاعتقال والإخفاء القسري و”الترهيب عبر الهاتف والرسائل”، وإطلاق النار، وأحياناً بالقتل. ووصلت حالات الانتهاكات المسجلة ضد الصحفيين الي 993 حالة موثقة، في مقدمتها القتل، حسب التقارير الوارد من “نقابة الصحفيين السودانيين”. وحسب نقابة الصحفيين السودانيين بلغ عدد القتلى من الصحفيين الي 10، من بينهم صحفيتان، وآخرهم الصحفي معاوية عبد الرازق الذي قتل على يد قوات الدعم السريع، في منزله بمنطقة الدروشاب بالخرطوم بحري، بحسب بيان لنقابة الصحفيين وشبكة الصحفيين.
3. توسيع وتعميق الانشقاق المجتمعي
منذ اندلاع الحرب توسع وتعمق الانشقاق في المجتمع السوداني بصورة واضحة. وبالفعل، يقع المجتمع السوداني بسبب هذه الحرب تحت تأثير الاستقطاب السياسي من قبل الفريقين المتحاربين، ويعاني بذلك من انشقاق حاد متزايد، ينزر بتطور الحرب الي حرب أهلية تشمل كل انحاء البلاد. وتتجلي صورة الانشقاق في: يتبنى قطاع من الشعب مساندة الجيش ضد قوات الدعم السريع، فيما يدعم قطاع أخر قوات الدعم السريع، ويرفض القطاع الأكبر الحرب تماماً ويدعوا إلى وقفها وانهاءها. حيث انخرطت افراد من المجموعات السياسية المسلحة واعضاء من الاحزاب السياسية المختلفة، ومن لجان المقاومة ومن الرتب العليا والصغيرة من المنظومة الأمنية والدفاعية في الحرب في صفوف الجيش أو قوات الدعم السريع، ومن الرتب العليا والصغيرة من المنظومة الأمنية والدفاعية الي قوات الدعم السريع. والاحزاب السياسية كخالية سياسية منظمة ومأثرة في المجتمع، تعاني بشدة من هذا الانشقاق، بسبب استهدافها بعمليات الاستقطاب السياسي من قبل الفرقين المتحاربين! حيث يمر خط الانشقاق السياسي بين الاحزاب والمجموعات السياسية المسلحة وداخل الاحزاب بين الاعضاء.
ومع استمرار القتال، وتزايد الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها منسوبي من قوات الدعم السريع وداعميها، مع كل توسع وسيطرة عسكرية علي مناطق جديدة، ومع تزايد حوادث السطو والنهب المسلح للمنازل والاماكن التجارية والصناعية وللمركبات العامة والخاصة في الطرق التي تقع تحت سيطرتها، يتفاقم خطاب الكراهية وتفشي الخطاب العنصري والقبلي وعدم تقبل البعض للآخر. ومن خلفية المواقف السياسية الشخصية تجاه الحرب والمتحاربين، يتم على وسائل التواصل الاجتماعي التحريض ضد أشخاص مدنيين واتهامهم بالعمل لصالح أحد الأطراف. وبناء على تلك الاتهامات والمنشورة في تلك الوسائل، يتم اعتقال ومحاكمة مواطنين علي أساس اثني وجهوي، او علي أساس توجه وموقف سياسي، من غير ادلة أو محاكمة عادلة.
ولتغذية التحيز في الحرب يستخدم الطرفين المتحاربين أحداث المجازر والفظائع ضد المدنيين، والتي يقوم بها الطرف الآخر والمليشيات المتحالفة معه، كما حدث مؤخرا في “ود النور”، ومنطقة “عد بابكر” بمحلية شرق النيل بولاية الخرطوم، والحادثة المصورة في مقطع فيديو، التي تظهر مجموعة من المسلحين بأزياء عسكرية، تقوم بتصفية أشخاص يرتدون أزياءً مدنية، “يرجح انتهائهم الي قبائل داعمة لقوات الدعم السريع”. ويستخدم الطرفين المتحاربين الخطاب القبلي والعاطفي، ونشر المعلومات المغلوطة والمضللة، وتشويه سمعة مجموعات قبلية واثنية بعينها، كوسيلة للاستقطاب السياسي بين الأطراف المدنية. وكما هو معلوم، جاء تصنيف “قوي الحرية والتغيير” كحليف سياسي لقدس من قبل بعض المثقفين بعد اندلاع الحرب، متزامنا مع الحملة التشويهية والتخوينيه التي اطلقتها فلول النظام الساقط والفئة المنتفعة من سلطة الأمر الواقع، بقصد إعلان الحرب على قوي الثورة المنظمة في الأحزاب السياسية وفي النقابات العمالية والمهنية وفي لجان المقاومة بهدف وأد ثورة ديسمبر المجيدة الي الابد. في هذا المضمار ظهر في مقطع فيديو متداول مسؤول كبير في الشرطة، وهو يقول “… أن أي مرجف وخائن يجب أن يطلق الرصاص على رأسه”.
4. خلاصة
رغم الحشد والجهد الأممي والاقليمي لتقليل تداعيات الكارثة الانسانية الجارية والحد من تفاقمها، تشير كل التقارير الواردة من جبهات القتال المتعددة، الي تزايد في عدد القتلى والجرحى من المدنيين، ولموجات النزوح، ولنقص الغذاء والدواء والمأوي، ولجرائم الحرب، المتمثلة: في عدم أخذ الاجراءات اللازمة لحماية المدنيين، واغتصاب النساء وتجنيد الأطفال والقصر وإشراكهم في القتال، واخفاء المواطنين قسرا، واستخدام توصيل المساعدات الإنسانية للمتأثرين كسلاح في الحرب، وفي ممارسات القمع والقتل السياسي، وقتل وتعذيب آسري الجانب الآخر. ومع كل سيطرة جديدة لقوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، واضطرار قوات الجيش علي الانسحاب من حامياته ومرتكزاته العسكرية في المدن والريف، يرتكب أفراد ومجموعات محسوبة علي قوات الدعم السريع مجازر جماعية ضد المواطنين العزل، وتقوم بترويع المواطنين وتجبرهم علي النزوح وتنهب ممتلكاتهم، ويقوم سلاح الطيران التابع للجيش بعمليات قصف عشوائي داخل المناطق المأهولة بالسكان. وتبعاً لذلك يتزايد الاستقطاب السياسي للمجموعات القبلية والاثنية المختلفة، ويتعمق الانشقاق في المجتمع السوداني.
انيا، ينزر القتال الدائر حول مدينة الفاشر وما يجري هناك من فظائع ومجازر ضد المواطنين وتعدي علي البنية التحتية اللازمة للحياة، خصوصا من قبل قوات الدعم السريع وحلفائها، وجراء عمليات القصف الجوي والميداني العشوائي من قبل الجيش، الي حدوث ابادة جماعية “جديدة” في دارفور. وتعكس الصورة الماثلة علي جبهة القتال في الفاشر، التطور الذي طرأ علي الحرب بدخول الحركات السياسية المسلحة كطرف ثالث فيها الي جانب الجيش. في ظل هذا التطور والاوضاع العسكرية والسياسية المرتبطة به، يتعرض ما يقرب من مليون مواطن في وحول مدينة الفاشر لخطر الموت وللإصابات القاتلة وللنزوح، ويتزايد استخدام الجوع كسلاح في الحرب عبر عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، ويتزايد الاستقطاب السياسي للمجموعات القبلية والاثنية المختلفة. تحت هذه الأوضاع الإنسانية والسياسية – والمتوقع تفاقمها في حالة استمرار القتال – يصبح وقوع فظائع جماعية جديدة بدوافع قبلية اثنية، أمرا متوقعا، وكنتيجة طبيعة لأخذ هذه الحرب الطابع الأهلي منذ ان اعلنت بعض الحركات السياسية المسلحة من مسار دارفور الموقع علي اتفاقية جوبا للسلام، الانحياز الي جانب الجيش.
للحد من اثار الكارثة الإنسانة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب الجارية والتصدي لتفاقمها، يضع المجتمع الدولي امال في التداولات الجارية في جنيف\سويسرا، بين ممثلين للجيشين الرسميين المتحاربين، للتوصل الي توافق حول إجراءات تضمن توزيع المساعدات الإنسانية على جميع المحتاجين – بما فيهم مناطق سيطرة الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور -، وتضمن حماية المدنيين، بموجب خلق حالة وقف لأطلاق النار. بجانب هذه المساعي الجارية، تكون هناك ضرورة ملحة لتفعيل وتوسيع “بعثة تقصي الحقائق” التابعة لمجلس حقوق الإنسان وتمديد ولايتها، ودعم عملها لفحص الخروقات والانتهاكات لقرارات مجلس الأمن، خصوصا في دارفور – وعلى وجه التحديد التحقيق في جرائم العنف الجنسي المرتكبة في جميع أنحاء البلاد، وتكثيف عمل التحريات المتعلقة بالانتهاكات الاخرى لحقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وللإسهام في تحقيق العدالة للمتضررين ومنع العنف وترسيخ ثقافة المساءلة وعدم الافلات من العقاب في المستقبل، يجب إنشاء “محكمة جنائية دولية”، على غرار النموذج الرواندي، لمعالجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي جرت خلال هذه الحرب، والتي سبقتها في دارفور وجبال النوبة وجنوب كردفان والانقسنا.
وفي تفعيل العملية الدبلوماسية لأنهاء الحرب، تكون هناك حاجة ملحة لتوحيد كل المبادرات الوطنية والاممية والاقليمية والدولية في رؤية موحدة وفي منبر واحد، وضرورة للفعل السياسي لقوي الثورة والتغيير الديموقراطي والمجموعات الرافضة للحرب من اجل تحويل الرفض الصامت للحرب الي فعلاً سياسي نشط يقود الي انفجارات شعبية عريضة وقوية. فقط بموجب هذه المتطلبات والشروط، وفي ظل ظهور ملامح لحالة النضوج لإيقاف وأنهاء الحرب، والمتمثلة في:
– فقد الفريقين للقدر الأكبر من مقدراتهم العسكرية العتادية والبشرية والمادية
– التقلص المستمر لمساحة سيطرة الجيش وعدم مقدرته على الحفاظ على حامياته ومرتكزاته العسكرية
– عدم مقدرة قوات الدعم السريع على بناء إدارة وكسب ثقة المواطنين في المناطق التي سيطرتها عليها.
– تفاقم التداعيات الإنسانية والاقتصادية والمجتمعية، وتزايد معاناة المدنيين تحت واطئتها.
– تزايد القناعة الشعبية في استحالة وقف الحرب عبر الانتصار العسكري لإحدى الفريقين المتحاربين على الآخر،
– تزايد الرفض الشعبي الصامت للحرب، ورغبة الغالبية من السودانيين في وقف الحرب
– تزايد الضغوطات والمساعي الاممية والاقليمية لدفع الفريقين المتحاربين للتوافق علي وقف إطلاق النار والتوافق علي ترتيبات انسانية وبناء ثقة تفضي الي انهاء الحرب.
هذه المرحلة من النضوج لإيقاف وانهاء الحرب، تعتبر مواتية لتصعيد الضغوطات السياسية والاقتصادية علي الطرفين لاستئناف المفاوضات لتحقيق ايقاف وانهاء الحرب، وللتوافق علي عملية سياسية تفضي الي قيام حكم مدني انتقالي -من غير مشاركة للمنظومة الأمنية والدفاعية وقادتها-، يشرع فورا في بناء جيش وطني واحد يعمل تحت ائتمار سلطة مدنية.
في الجزء السابع من هذه الورقة سوف يتم التعرض للتداعيات الاقتصادية للحرب، كمسببات – بجانب التداعيات الإنسانية – لحدوث انفجارات شعبية سياسية عريضة وقوية، تجبر الفريقين المتحاربين علي الدخول في مفاوضات جادة لإيقاف وإنهاء الحرب. وفي الجزء الثامن والاخير سوف يتم تناول عوامل وشروط تحريك وقيادة الانفجارات الشعبية القوية الناتجة عن التداعيات الإنسانية والاقتصادية للحرب، لكي تجعل إيقاف وانهاء الحرب، أمرا ممكنا. وحسب النتائج والتطورات المرتبطة بالمساعي الاممية الجارية لإيقاف وانهاء الحرب، سوف يتم في ملحق اضافي تسليط الضوء علي المساعي الدبلوماسية الاممية والاقليمية الجارية، والتي تهدف الي الوصول الي وقف إطلاق النار، والي ترتيبات انسانية وبناء ثقة تفضي الي انهاء الحرب.
shamis.khayal@gmail.com