
أحكام وملاحقات.. هل ينتقم العسكر من الثورة على طريقتهم الخاصة؟
تقرير: مداميك
فجرت احكام بالسجن والإعدام صدرت من محاكم سلطة الأمر الواقع في مواجهة عدد من المدنيين بتهمة التعاون مع مليشيات الدعم السريع، موجة غضب ورفض واسعتين في الأوساط القانونية والسياسية السودانية، واعتبرها البعض بانها أحكام ذات صبغة سياسية، ورأى اخرون ان التعديلات التي أجرتها السلطات السودانية على قانون جهاز المخابرات العامة أعادت إلى الجهاز صلاحيات سحبت عنه عقب سقوط نظام البشير جوهرها استهداف المواطنين وقمعهم.
ويواجه المدنيون في السودان انتهاكات متعددة من أطراف الصراع العسكري كل في مناطق سيطرته، حيث تحتفظ أطراف الصراع بعشرات المعتقلين المدنيين بتهم التعاون مع الطرف الآخر، بينما يرى مختصون ان تلك الانتهاكات اصبحت مقننة بالقانون ما ينذر بالتضييق ومصادرة الحريات والمزيد من الانتهاكات في ظل الحرب الدائرة.
مصادرة الحق في الحياة
ويواجه عضو دائرة المهنيين بحزب الامة القومي عيسى حامد حكما بالاعدام وفق تهمة تقويض النظام الدستوري من محكمة الدمازين بولاية النيل الازرق، كما قضت محكمة القضارف بإلاعدام على أحد الأشخاص بتهمة تقديم معلومات استخباراتية لقوات الدعم السريع، تضمت معلومات عسكرية عن المدنية الواقعة شرقي السودان، وايضا وجهت حكما بالاعدام على أحد المحامين بتهمة التخابر مع قوات الدعم السريع.
اعتقال غير مشروع
وفي خطوة غير قانونية اعتقلت الاستخبارات العسكرية الطبيبة نائبة أخصائي الطب النفسي فاطمة حسن محمد، في ولاية نهر النيل لتحسب ضمن الانتهاكات الصارخة في مواجهة المدنيين، حيث تم اعتقالها منذ حوالي أسبوعين في مدينة أبو حمد، ولم يتم التحقيق معها قبل أن يتم تحويلها لمدينة شندي، وحملت اللجنة التمهيدية للاطباء الاستخبارات المسؤولية الكاملة عن سلامتها، وطالبت بإطلاق سراحها والتوقف عن التضييق على الأطباء والمنشآت الصحية.
انتهاكات متكررة
وتشهد عدد من المدن الواقعة ضمن سيطرة الجيش حملات اعتقالات واحتجاز دون أوامر من القضاء، على أيدي الاستخبارات العسكرية سيئة السمعة، في ولايتي سنار والنيل الأبيض مع عمليات دهم وتفتيش لعدد من المنازل.
وكشفت مصادر أمنية لـ(مداميك) أن بعض المعتقلين المفرج عنهم أعيدوا للسجن مرة اخرى دون أسباب ولم توجه لهم أي تهم، واكدت المصادر ان اعداد المعتقلين بسنار تجاوزت المئات، وحول نقاط احتجازهم قالت المصادر ان المعتقلين موزعون على مكاتب الاستخبارات والدفاع الجوي وجامعة سنار وبمواقع اخرى، واستدركت ان الاعتقالات تمت بالتنسيق مع كتائب البراء بن مالك التابعة للنظام المخلوع، واشارت الى أن من بين المعتقليين نازحون تم اعتقالهم من نقاط التفتيش.
ونبهت الى ان المعتقلين تعرضوا لانتهاكات واسعة بواسطة ضباط يتبعون للاستخبارات ويشرفون على عمليات التعذيب، وأوضحت ان المحامي خوجلى بشير، والمهندس ادم قرشي من ضمن المعتقلين، كما تم إعادة اعتقال الناشط محمد الهادي بشرى للمرة الثانية.
تمييز عرقي
واقدمت الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن “المخابرات العامة” بمدينة الدندر بحسب بيان صادر عن لجان مقاومة الدندر، على اعتقال مجموعة من المدنيين والسياسيين والناشطين وبعض الأشخاص على أساس عرقي وإثني من بينهم المحامي عثمان حسن عبد القادر ود الخبير، وعضو لجنة المعلمين فيصل الجراي، والنشطاء المدنيين، معاوية علي طه، أبو عبيدة رجب، نصر الدين حسن طه، والمواطن الصافي أدم ابرص، ومحمد شمس الدين، كرهينة بدلاً عنه لإجباره على تسليم نفسه، وإبن أخت الناشط إبراهيم شاويش بدلا عنه.
انتقام وتشفي
ومن جهتها قالت عضو مجموعة “محامو الطوارئ” بالسودان، رحاب مبارك لـ(مداميك) إن معظم الأحكام الصادرة حاليا ضد الناشطين والمتطوعين تهدف إلى الانتقام من الكوادر التي شاركت في الثورة على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وأشارت إلى أن اغلب الأحكام الحالية تصدر من قضاة أبعدتهم حكومة الثورة من مناصبهم، بحجة انتمائهم إلى حزب المؤتمر الوطني المحلول، قبل أن تتم إعادتهم إلى الخدمة بعد انقلاب الجيش على الحكومة المدنية في 25 أكتوبر 2021.
ولفتت إلى أن “تلك الأحكام تستهدف كثيرا من الناشطين الذين يعملون في تقديم الإغاثة إلى النازحين، والذين ينادون بوقف الحرب، وأوضحت ان الأحكام التي صدرت ضد بعض المتهمين استندت إلى منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، أو لمقاطع فيديو بهواتف المتهمين، بعضها عن المعارك المشتعلة في السودان.
وفي السياق اكدت رحاب ان العلاقة بين الجيش وقوات الدعم السريع لا تزال متداخلة، واشارت لوجود ضباط من الجيش يعملون في صفوف قوات الدعم السريع، كما توجد قوة مشتركة من الطرفين موجودة في السعودية ضمن عاصفة الحزم. ورأت انه ليس من المنطقي أن تتم ملاحقة المدنيين بتهم التعاون مع الدعم السريع، بينما هناك ضباط بالجيش لهم علاقة مع تلك القوات.
وأكدت أن “الأحكام التي تلاحق الناشطين تأتي ضمن سياق التضييق على الذين يرفضون الحرب، ويعملون على إيقافها، ولفتت إلى تورط الاستخبارات العسكرية في اعتقال الناشطين وتعرضهم للمعاملة القاسية.
وفي خضم ذلك تبقى الاوضاع الانسانية بالسودان رهينة بوقف آلة الحرب وابعاد طرفيها من العمل السياسي، مع ضرورة تقديمهم للمحاكمات وفقا لمطالبات ثورة ديسمبر التي يواجه داعموها صلف الآلة العسكرية بشقيها المليشي والنظامي، في ظل ارتفاع ويترة الانتهاكات التي تصل حد الاعدام والاعتقال غير المبرر.