مستشفيات أسوان تتكدس بجثث السودانيين الهاربين من جحيم الحرب
حلفا: مداميك
تتزايد بصفة يومية أعداد السودانيين الهاربين إلى مصر برا للنجاة من حرب المتصارعين العسكريين، بحثا عن الأمان وهم يسلكون طرقا وعرة وشمس حارقة ويواجهون عصابات إجرامية وسماسرة يستغلون ظروفهم الصعبة لينهبوا كل ما لديهم من مدخرات، ويتركونهم في العراء منهم من مات من ضربات الشمس الحارقة وآخرون تنقلب بهم السيارات ليلقوا حتفهم في الصحراء بينهم أسر وأطفال وكبار السن.
ويتعرض العديد من المهاجرين بطرق غير شرعية إلى حوادث مختلفة، وشهدت مستشفيات مدينة أسوان استقبال العديد من حالات الحوادث، إلى جانب امتلاء مشرحة مستشفيات أسوان بالموتى السودانيين.
وكشفت تقارير صحفية أن جملة الوفيات الأسبوع الماضي بلغت ٢٤ حالة، وهناك أنباء عن حالات أخرى في الطريق إلى مستشفيات أسوان، وتكدست مشارح مستشفى أسوان والصداقة بالوفيات يومي الخميس والجمعة الماضيين.
وأدى استمرار الحرب لهروب الآلاف من الأسر عبر الحدود السودانية المصرية بسبب صعوبة الحصول على تأشيرة الدخول من القنصليات المصرية في بورتسودان ووادي حلفا، والتي تستغرق الحصول على موعد لتسليم الجواز للسلطات بالقنصلية مدة تتراوح ما بين ٣ إلى ٤ أشهر نتيجة تزايد عدد المقيدين في سجلات القنصليات بحلفا وبورتسودان، وأصبح التفكير في مسار التهريب مخرجا سهلا في ظل عروض أصحاب السيارات العاملين في مجال التهريب.
فيما أكد الناجون منهم انتشار الجثث في الصحراء لأسباب ربما تعود سبب الموت إلى الحوادث أو تعطل المركبات أو العطش في العتمور والتوهان، ومع تزايد نشاط المهربين في فصل الصيف ونتيجة لارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقه هذا العام تزايدت حالات الوفيات في أوساط القادمين بالتهريب.
وتشهد مدينة أسوان بشكل يومي استقبال أكثر من وفاة عقب دخولهم المناطق الآمنة بسبب تعرضهم خلال الرحلة إلى هواء مصحوب بالحر وضربات الشمس خاصة وسط كبار السن والأطفال وذوي الأمراض المزمنة.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي للسودانيين الموجودين في أسوان نداءات متكررة عن حالات وصول سودانيين متوفين وضرورة تقديم المساعدات اللازمة وخاصة بينهم من يأتون دون علم ذويهم لعدم التواصل عقب دخولهم الأراضي المصرية، وبينهم من يصلون بأوضاع إنسانية سيئة جدا وفي حاجة إلى الرعاية الطبية حال وصولهم مدينة أسوان، والخوف من التردد على المستشفيات الحكومية بأسوان لتشدد الإجراءات والمساءلة القانونية مما يستدعي تدخل المنظمات وشركائها لإنقاذهم وتقديم العون والاسناد لهم تجاه السلطات المصرية.
ونتيجة لتزايد حركة التسلل إلى مصر عبر طرق غير برية نبهت القنصلية السودانية بأسوان المواطنين السودانيين وأسرهم في البلاد من مخاطر التهريب، وأولها حوادث المركبات المستخدمه والتوهان في الصحراء والابتزاز والنهب من عصابات تجار البشر والتعرض للاعتقال والحبس.
وأكدت القنصلية أن الفترة السابقة شهدت حوادث مرورية ادت إلى وفاة العديد من الأشخاص بخلاف تعرض الاخرين لإصابات بالغة.
وشهدت أسوان الخميس الماضي مأساة أسرة تضم الزوج والأم وابنتيهما وطفل صغير قضوا نحبهم بسبب التوهان والعطش، وتم ترحيلهم بمركبة تكتك، وقام صاحبها بالتخلص من الجثامين في محيط حي سكني ولاذ بالفرار خوفا من المساءلة القانونية.
فيما ناشدت أسرة أخرى في حي الصداقة بمساعدة سودانيين قادمين عبر التهريب وهم في حالة سيئة توفي أحدهم حال وصوله والآخر في حاجة إلى عناية طبية، وتناشد كثير من منصات التواصل ضرورة تدخل السلطات السودانية والمصرية في الحد من هذه الظاهرة، فيما نصح الكثير ذويهم بضرورة التوقف عن الدخول إلى مصر عبر التهريب هذه الأيام لسوء الاحوال والطقس الرديء، وهك أسر تسأل عن فقدان ذويهم ومعرفة أخبارهم ولم يصلوا إلى أسوان لأكثر من يومين، فيما كشف الناجون من حوادث التهريب أن هناك حالات موت كتيرة مقبورين في الصحراء.
فيما أكد آخرون أن هناك ما يتجاوز ١٠٠ شخص يعانون من العطش والتوهان وأعطال المركبات وهم عالقون الآن ومنتشرون في الصحراء الممتدة ما بين الحدود السودانية مع جنوب مصر، موضحين أن الرحلة أصبحت تشكل خطرا على الجميع.
وكشف دكتور امتياز مناوب في مستشفى أسوان أن مايقارب ٨ حالات وفاة استقبلتها طوارئ المستشفى ضمن وردية واحدة غالبيتهم من كبار السن والأطفال، بسبب ضربات الشمس والجفاف، وهم وقادمون من الصحراء بطرق برية، وناشد قائلا (رجاء الما عايز يموت في الشارع ما يطلع في اليومين دي ما يغشوكم المهربين الكل همهم مصلحتهم وقروشكم وبس).
وأكد قنصل عام السودان بأسوان السفير عبدالقادر عبدالله أن المتوفين تعرضوا لضربات شمس وهم في طريقهم للدخول إلى مصر بطرق غير قانونية.
وقال في تصريحات صحفية، إنه منذ ثلاثة أيام وصلت إلى المستشفى العديد من الجثامين بعضهم بسبب ضربات الشمس، وبعضهم بسبب العطش وبعضهم بسبب الحوادث المرورية وكانت خسارة وفقد كبير.
و دعا القنصل المواطنين إلى عدم استخدام الطرق غير القانونية في الدخول والخروج من مصر، لأنهم يعرضون حياتهم لمخاطر جَمة وصعوبات بالغة، داعيا الجميع بعدم المخاطرة الكبيرة والجلوس في السودان حيث هناك عدد من الولايات مستقرة وأسهل من الدخول بهذة الطريقة.