‫الرئيسية‬ ثقافة اختفاء تمثال “أوزوريس” يحرج المتحف المصري الكبير ويفتح ملف فساد “الآثار”
ثقافة - 17 أبريل 2024, 5:46

اختفاء تمثال “أوزوريس” يحرج المتحف المصري الكبير ويفتح ملف فساد “الآثار”

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أخيراً ردود فعل واسعة على إثر انتشار تسريبات منقولة عن مواقع إخبارية محلية بإحالة قيادات في المتحف المصري الكبير إلى الجنايات، بسبب إخفائهم تمثالاً أثرياً خاصاً بالإله أوزوريس، واختلاس أصل المحضر الرسمي من إجراءات تسلّمه، في وقت أكدت مصادر  أن الواقعة “حدثت منذ نحو 12 عاماً، ومن دون إطلاع الرأي العام على تفاصيلها وقت اكتشافها”.

وأحيطت تفاصيل واقعة اختفاء التمثال وحقيقة التسريبات المتداولة على مواقع التواصل بتباين والتباس شديدين، خصوصاً بعدما نشر أحد المواقع المحلية خبراً تحت عنوان “أكبر قضية فساد إحالة قيادات الآثار إلى الجنايات لاتهامهم بسرقة المتحف المصري الكبير”، قبل أن يحذف سريعاً، مفاده بأن النيابة العامة المصرية أحالت عدداً من كبار المسؤولين من قطاع الآثار إلى محكمة الجنايات بتهمة سرقة تمثال أثري من المتحف المصري الكبير.

واكد مصدر  مسؤول في المتحف فضل عدم الإفصاح عن هويته ،  اختفاء التمثال منذ عام 2012″. وأوضح ان  “التسريبات المتداولة  الأن صِيغت بصورة غير دقيقة، وتضمنت معلومات منقوصة خرجت من سياقها، بخاصة أن الواقعة حدثت منذ ما يزيد على 10 أعوام، أي قبل بناء المتحف المصري الكبير، لافتاً إلى أن عملية الإخفاء جرت “أثناء نقل القطع الأثرية من أماكنها الأصلية إلى مركز الترميم الذي بُني قبل المتحف، وأن المسؤولين عن الواقعة حُوسبوا بالفعل”.

وفي شأن الجهود المتعلقة بطرق استرداد التمثال قال المصدر “نقوم بأدوار لاسترداد قطع خرجت على نحو غير قانوني لا يمكن الإفصاح عن تفاصيلها”.

ووفق الادعاءات التي ساقها الخبر المحذوف فإن المتهمين هم أمين عهد آثار ورئيس مخزن سابق ورؤساء أقسام حاليون في المتحف سرقوا تمثالاً برونزياً لإله أوزوريس من المتحف، مستندة إلى أمر الإحالة الذي أشار إلى أن المتهمين اختلسوا التمثال الذي يعود للعصر الفرعوني المتأخر من مخزن الآثار غير العضوية، إذ “كانوا مسؤولين عن حفظه، وكذلك سرقوا المحضر الرسمي الذي يثبت إجراءات تسلم التمثال، وحجبوا التمثال والمحضر عن تسليمهما إلى الجهة المختصة بقصد تملكهما وإخفائهما عن الجهات المسؤولة”.

وبمواجهة مسؤول المتحف المصري حول مدى صحة هذه التسريبات والطرق التي استُخدمت في عملية إخفاء التمثال نفى أن يكون التمثال سُرق من المتحف، موضحاً أنه “معلوم أن محتويات المتحف المصري الكبير جاءت من محافظات مصرية متعددة، وعملية إخفاء التمثال حدثت أثناء عملية انتقال التمثال إلى مركز الترميم، أي إن الفقد حدث خارج نطاق مركز الترميم، وليس كما يشاع”.

وحول طبيعة إخفاء محاضر تسليم التمثال، قال المصدر “التلاعب في الأوراق والكشوفات حدث بعد تنفيذ العملية التي وقعت عند نقل التمثال من مكانه إلى مركز الترميم، وكان التلاعب في المحاضر بغرض إخفاء الواقعة، والتمثال لم يصل من الأساس إلى مركز الترميم، وأي شيء داخل المتحف المصري الكبير لا يمكن التعدي عليه لوجود أكثر من 2500 كاميرا، مهمتها تأمين المتحف، المزود بأعلى أنظمة تأمين في العالم، ومن المؤكد لم تسرق أي قطعة داخله من إجمالي 60 ألف قطعة، ويجري التسويق للحادثة بصورة منافية للحقيقة”.

وفي المقابل، يقول رئيس اتحاد الأثريين العرب محمد الكحلاوي إن “اختفاء القطع الأثرية من الحوادث المألوفة في مصر، وليس الأمر جديداً، فمتحف الحضارة تعرّض لواقعة مشابهة، وتغيير القطع الأثرية يحدث أثناء نقلها إلى المخازن، إذ تجري عملية الاستبدال والتبديل، ولا تصل القطع الأصلية إلى المتحف أو تسجل إنما تقيّد أخرى غير أصلية، وتستبدل بعد الاتفاق مع الفريق العصابي من القائمين على المشروع أو المنوط بهم حفظ وسلامة هذه القطع، ويجري تسهيل عملية تهريبها”.

وبالعودة لتمثال أوزوريس فإن مسؤول المتحف الكبير كشف   “عن عدم التزام إجراءات التأمين خلال عملية نقل التمثال إلى مركز الترميم”، موضحاً أنه “كان من المفترض ألا تتحرك قطعة أثرية إلا برعاية الشرطة وعمل محضر تسلّم ومحضر لوصف القطع على نحو دقيق مدعوم بالصور، لكن ذلك لم يحدث”.

ويعود مسؤول المتحف المصري الكبير للحديث عن واقعة اختفاء التمثال، مؤكداً أنه “كان هناك تستر على الواقعة وقت حدوثها قبل نحو 12 عاماً، واكتشفنا الواقعة بعد ذلك، والتحقيقات المسرّبة تشير إلى وجود يقين بفقد التمثال ووجود خطأ إداري قوي، لكن توقيتها الآن سيئ، وأبلغنا جهات الاختصاص عند اكتشاف الواقعة، وليس المطلوب إعلان الواقعة للشعب”.

بينما أبدى الباحث في علم المصريات بسام الشماع دهشته من حدوث الواقعة عام 2012 من دون أن يعلم بها أحد ولم يكشف عن تفاصيلها للرأي العام، معتبراً أنه إذ صحت تسريبات سرقة تمثال يشترك فيها مسؤولون بهذا القدر فإنه أمر “يتطلب حلّ جميع مناصب وزارة الآثار والسياحة وتجديدها” ومشدداً على أهمية إعلان “تفاصيل متعلقة بمكان التمثال وهل جرى تهريبه من عدمه”.

واختلفت الروايات التي تتعلق بطريقة اختفاء التمثال، ومنها ما نشرته مواقع محلية من أنه جرى استبداله بعملة قديمة مقلدة، مما كان سبباً في الكشف عن عملية تورط قيادات تشغل مناصب رفيعة في قضية فساد وسرقة التمثال.

وإحالة المتهمين إلى الجنايات تشمل أمين العهد الأثرية ورئيس مخزن الآثار غير العضوية السابق (رقم 91) في مركز ترميم الآثار بالمتحف المصري الكبير، ورئيس قسم الآثار اليونانية والرومانية في المتحف ومدير إدارة المخازن الأثرية والتسجيل السابق بمركز ترميم الآثار ومدير إدارة اختيارات القطع الأثرية للعرض المتحفي في المتحف المصري الكبير ومدير شؤون الآثار والمعلومات ومسؤول قاعدة البيانات الإلكترونية السابق في المتحف المصري الكبير.

من جانبه اعتبر رئيس اتحاد الأثريين العرب أن المخازن المتحفية في مصر “تعاني مشكلة أنها أقرب إلى العشوائيات، ويجب أن تكون تحت رقابة وتوثيق علمي سليم، مصور ومحدد، وتكون عملية التخزين مراقبة بالكاميرات مع إدخال الوسائل الحديثة مثل الأشعة البنفسجية، لاكتشاف عمليات سرقات المخازن وتنبيه الأمن، وكل هذه الوسائل غير موجودة، ولا صحة لما يجري ترويجه بامتلاك أحدث وسائل التأمين في العالم، نظراً إلى عدم مواكبة الحداثة”.

وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة فإن تمثال الإله أوزوريس هو تمثال برونزي يعود لعام 700 قبل الميلاد، وأوزوريس هو إله الخصوبة والزراعة والبعث في هذه الفترة، مع الأمل في حياة جديدة بعد الموت. وبدأ أوزوريس الارتباط بدورات الطبيعة، بما في ذلك فيضان النيل وبدء زراعة محصول جديد، وكانت رسومات وتماثيل أوزوريس شائعة في الألفية الأولى قبل الميلاد.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 5 / 5. Total : 1

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *