تحذيرات من اندلاع حرب شاملة في دارفـور بعد انحياز حركات مسلحة مع الـجـيش
مداميك : شبكة عاين
بالتزامن مع إعلان حركات العدل والمساواة، وجيش تحرير السودان، وفصيل منشق عن قوى تجمع تحرير السودان، خوض المعارك إلى جانب الجيش السوداني في القتال ضد قوات الدعم السريع، تزايدت مخاوف المدنيين في دارفور من تحول القتال إلى عنف أهلي شامل في الإقليم الذي ظل يعاني الصراعات الأهلية طوال العشرين عام الماضية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تصاعدت فيه وتيرة المواجهات العسكرية بين طرفي القتال في ولاية شمال دارفور معقل الحركات المسلحة، التي شكلت قوة مشتركة لحماية المدنيين وتأمين القوافل الإنسانية والتجارية للإقليم، بعد اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم في أبريل من العام الماضي.
وتشهد ولاية شمال دارفور -الولاية الوحيدة التي تقع ضمن سيطرة الجيش من بين خمس ولايات- عمليات عسكرية متقطعة بين الجيش وقوات الدعم السريع أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى بين الطرفين بجانب استهداف طيران الجيش محليات كبكابية، ومليط التي والأحياء الشمالية الشرقية لمدينة الفاشر عاصمة الإقليم “وفقاً للجنة طواري الولاية”
إزاء ذلك قال الناطق باسم حركة تحرير السودان قيادة مناوي، الصادق علي لـ(عاين): إن “الدعم السريع تجري عمليات اعتقال ممنهجة في مواجهة قيادات ورموز مجتمعية، مؤكداً اعتقال (5) من عناصر حركة تحرير السودان جناح مناوي من بينهم رئيس مكتب الحركة بمدينة مليط قبل أن تطلق سراحهم لاحقاً”.
فيما قُتل شخصان في هجوم نفذه عناصر يتبعون الدعم السريع الأسبوع الماضي على بلدة “لبدو” بشرق دارفور، وتسببت الهجمات في نزوح جماعي لأهالي المنطقة بعد نهب البلدة، ونزوح قرى جديدة خوفاً من ردة فعل المليشيات المساندة للدعم السريع.
قتلى وموجة نزوح بعد تجدد اعمال عنف غرب دارفور
وفي الأسبوع الماضي، قاد “مني أركو مناوي” حاكم إقليم دارفور قوة ضخمة من ولاية نهر النيل شمال البلاد إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان غربي العاصمة الخرطوم معلناً الانخراط الفعلي في القتال إلى جانب القوات المسلحة ضد قوات الدعم السريع، لينضم إلى حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وزير المالية الاتحادية، وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور.
قوة مشتركة جديدة
وإزاء هذه التطورات برز اتجاه داخل الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا وما زالت تتخذ موقفا محايدا لتشكيل قوة مشتركة جديدة تضم تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، والتحالف السوداني بزعامة حافظ عبدالنبي علاوة على المجلس الانتقالي قيادة الهادي إدريس”. لمواصلة عملية حماية المدنيين وتأمين القوافل الإنسانية والتجارية في دارفور، لجهة أن انضمام مجموعة مناوي للقتال بجانب الجيش وضع القوة المشتركة في مواجهة مباشرة مع الدعم السريع الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع عنف أهلي شامل في الإقليم.
وبدوره عزا عضو القيادة العليا بمجموعة حركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي، نمر عبدالرحمن في تصريح لـ(عاين)، تكوين التحالف الجديد لتجنيب منطقة دارفور أعمال العنف الأهلي، مشيرا أن الوضع في المنطقة أصبح مهيئاً للعنف الأهلي من أي وقت مضى، وأن تبني أي موقف لدعم طرفي القتال من شأنه أن يهدد حياة المدنيين، ويقود إلى حرب شاملة في دارفور.
وجاء ذلك، بعد قرار رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس “السبت” الانسحاب رسمياً من القوة المشتركة العاملة على حماية المدنيين والقوافل الإنسانية والتجارية ومقرات المنظمات، وعزت الحركة قرار الانسحاب إلى عدم استرجاع ضباط وجنود يتبعون لها هربوا على متن سيارات قتالية، واحتموا بقيادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر .
منذ اندلاع القتال شكلت حركات دارفور الرئيسية الأربع الموقعة على اتفاق سلام جوبا في العام 2020 “تحرير السودان، تحرير السودان-المجلس الانتقالي، العدل والمساواة، تجمع قوى تحرير السودان” قوة مشتركة لحماية المدنيين في الإقليم، لتأمين وصول المساعدات الإنسانية وتأمين المقار والمؤسسات المهمة في الفاشر عاصمة شمال دارفور.
تعقيدات أكبر بدارفور
وبات واضحاً أن تأثير هذه التطورات لن يكون محدوداً على محاور القتال في ولايات وسط السودان التي تشارك فيها الحركات الثلاث، وإنما سيكون أكثر تأثيراً وتعقيداً في إقليم دارفور المعقل الرئيس للحركات المسلحة وقوات الدعم السريع.
وبدت المخاوف من أن تحول مشاركة حركة مناوي الحرب في الإقليم إلى طابع إثني، بين القبائل الداعمة للجيش، والقبائل العربية في دارفور المساندة للدعم السريع، على غرار أحداث العنف الأهلي التي شهدتها مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بعد شهر من اندلاع القتال.
الأسبوع الماضي، قاد “مني أركو مناوي” حاكم إقليم دارفور قوة ضخمة من ولاية نهر النيل شمال البلاد إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان
وتمركز قوات حركة تحرير السودان وقوات حركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم في مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، والتي تضم أيضاً الفرقة العسكرية الوحيدة للجيش بعد سيطرة الدعم السريع على أربع فرق عسكرية أخرى بجانب انتشاره في الجهة الشرقية والشمالية من مدنية الفاشر
ومنذ أسابيع وسعت قوات الدعم السريع نطاق انتشار قواتها في ولاية شمال دارفور، وحذرت في بيان اطلعت عليه (عاين) من تحرك قوات الحركات المسلحة تحت غطاء إيصال المساعدات الإنسانية، بجانب منع دخول شحنات المساعدات الإنسانية إلى مناطق شمال دارفور
وبالمقابل شهدت الولايات التي تسيطر عليها قوات الدعم دخول أول قوافل مساعدات إنسانية تقدر بنحو (50) شاحنة عبر ممر مدينة “أدري” التشادية إلى مدينة الجنينة؛ ومن ثم إلى ولايات وسط وجنوب وشرق دارفور
ويأتي ذلك بعد أسبوع من إعلان الدعم السريع رفضه دخول إلى مساعدات إنسانية إلى دارفور قادمة من الشمال، ويتهم قوات حركة تحرير السودان بالتآمر لإدخال عتاد عسكري إلى دارفور، ويعتبر ذلك أول ردة فعل عسكري من الدعم السريع حول بخصوص دخول المساعدات الإنسانية.
حرب أهلية
ويرى اللواء شرطة متقاعد علي محمد إيدام أن انضمام الحركات المسلحة للحرب بجانب الجيش سيعقد الأوضاع الأمنية إلى حد بعيد في ولايات دارفور لجهة أن أي مواجهة مباشر لقوات مناوي والدعم السريع في دارفور ستحول إلى مواجهات بين الكيانات الاجتماعية، ولا تقتصر على منطقة معينة، وسيكون أكثر تأثيراً خاصة في ولاية شمال دارفور معقل قواته.
دارفور: الآلاف يضطرون إلى نزوح عكسي لمناطق جبل مرة
أجبرت الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع الآلاف منالمدنيين على النزوح الداخلي واللجوء إلى دول تشاد وافريقيا الوسطى
ويقول الخبير العسكري إيداع في مقابلة مع (عاين)، إن الخطوة التي اتخذها مناوي سيدفع ثمنها الأبرياء في المحليات والقرى، لجهة أن ذلك بمثابة نهاية لعمل القوات المشتركة المكونة من الحركات المسلحة التي ظلت تؤدي دور حماية المدنيين خاصة في مخيمات النازحين لاسيما في ولاية شمال دارفور
ويضيف إيدام أن دارفور شهدت خلال العشرين عام الماضية أحداث عنف أهلي دامية، وذلك عندما استمال نظام الرئيس السابق عمر البشير القبائل العربية للقتال بجانب الجيش عندما قادت القبائل غير العربية التمرد في العام 2003؛ مما أشعل الحرب القبلية، وأدى إلى مقتل الآلاف وحرق مئات القرى، والآن يحاول البرهان استمالة نفس الحركات المسلحة، للقضاء على تمرد قوات الدعم السريع المسنودة من القبائل العربية، وهذا يجعل فرضية تحول القتال إلى عنف إثني في الإقليم أقوى.