‫الرئيسية‬ مقالات الذكرى الثانية لمجزرة ١٧ نوفمبر
مقالات - 20 نوفمبر 2023, 6:13

الذكرى الثانية لمجزرة ١٧ نوفمبر

تاج السر عثمان بابو

تهل علينا الذكرى الثانية لمجزرة ١٧ نوفمبر الوحشية التي نفذتها السلطة الانقلابية بمدينة بحرى في مليونية 17 نوفمبر 2021 ، التي راح ضحيتها (15) شهيدا بينهم الشهيدة ست النفور بكار ، وإصابة العشرات في جريمة ضد الإنسانية تُضاف إلى جرائم: مجزرة فض الاعتصام، ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر، وجرائم الإبادة الجماعية، التي قادت لجرائم الحرب الجارية حاليا بين الجيش والدعم السريع التي أدت لنزوح الملايين ومقتل الآلاف من الأشخاص والإبادة الجماعية في غرب دارفور، وحالات الاغتصاب، وتدمير البنيات التحتية آخرها مصفى الجيلي وكبري شمبات وجسر جبل أولياء. الخ.
وبهذه المناسبة نعيد نشر هذا المقال عن تلك المجزرة الوحشية.
1
خرجت السيول البشرية الهادرة في مواكب 17 نوفمبر التي دعت لها تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم ،وتجمعت في “المؤسسة” بمدينة بحري بعد ان التحمت معها بقية المواكب رفضا للتسوية التي أعلنت عنها قوى الحرية والتغيير في مؤتمرها الصحفي في 16 نوفمبر التي أعطت العسكر جواز المرور للافلات من المحاكمة والمحاسبة ، واستمرار هيمنة العسكر والانقلاب العسكري ، وإعادة إنتاج الأزمة المستمر لأكثر من 66 عاما بعد الاستقلال.
كانت الشعارات : “الشعب أقوى والردة مستحيلة”، “اسقاط الانقلاب” و”دولة مدنية كاملة”، “العسكر للثكنات” ، و”الرفض لتسوية قوى الحرية والتغيير مع قادة الانقلاب العسكري”، و ” ورفض الافلات من المحاكمات والعقاب “،. الخ.
جاءت المليونية لتخليد الذكرى بشهداء المجزرة الوحشية التي نفذتها السلطة الانقلابية بمدينة بحرى في مليونية 17 نوفمبر 2021 ، التي راح ضحيتها (15) شهيدا بينهم الشهيدة ست النفور بكار، وإصابة العشرات في جريمة وحشية ضد الانسانية تُضاف الي جرائم : مجزرة فض الاعتصام، ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، وجرائم الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وغيرها.
خرجت المليونية رغم إغلاق الكباري والشوارع الرئيسية والحشود الأمنية الضخمة ، وتعرضت لقمع وحشي بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي ، الغاز المسيل للدموع، القنابل الصوتية ، خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، والدهس بالمدرعات، مما أدى لإصابة أكثر من 25 في العاصمة.
2كما جاء رد المظاهرات في العاصمة والأقاليم حاسما ورافضا للاتفاق الإطاري الذي اعلنته قوى الحرية والتغيير في 16 نوفمبر علي مرحلتين. الأولى تشكيل الحكومة المدنية، وإرجاء بنود العدالة والمحاكمات والاصلاح العسكري لمرحلة ثانية.
الاتفاق الإطاري في جوهره يقوم على الآتي:
– مراوغة للإفلات من العقاب باسم العدالة الانتقالية، وترك موضوع المحاسبة في ورش للأسر وانسحاب الدولة منها.
– إعادة الشراكة مع العسكر في الحكم بديلا عن كامل الحكم المدني الديمقراطي، واعطائهم الحصانة من المساءلة والمحاكمة، وتكريس اتفاق جوبا والدم السريع في جهاز الدولة.
-عدم تدخل الحكومة المدنية في إعادة هيكلة الجيش والقوات النظامية.
– عدم إجراء التغييرات الجذرية في جهاز الدولة ليصبح ديمقراطيا بإلغاء القوانين المقيدة للحريات ، واستقلال القضاء وحكم القانون ، والاصلاح القانوني والقضائي.
– تعطيل التفكيك الناجز للتمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وعودة شركات الجيش والدعم السريع الأمن والشرطة لولاية وزارة المالية، وحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني وجيوش الحركات المسلحة وقيام الجيش القومي المهني الموحد.
هذا اضافة لمواصلة التدخل الدولي الكثيف للإسراع في التسوية كما في : اللقاء بين بعثة الاتحاد الاوربي مع قوى الحرية والتغيير لدعم التسوية ، وتصريح السفير البريطاني بأنه متفائل بالتوصل لتسوية ، كل ذلك بهدف تصفية الثورة ، والخوف من وجود نظام ديمقراطي يؤثر على شعوب المنطقة ويدفعها لحماية ثرواتها وسيادتها الوطنية ، والاستمرار في نهب ثروات البلاد التي يضمنها لهم وجود العسكر في السلطة.
3
لقد أصبح إسقاط الانقلاب العسكري ملحا، فأي تسوية معه جديدة تكرس هيمنة العسكر واتفاق جوبا بديلا للحل الشامل والعادل بعد فشله وتحوله لمحاصصات وفساد، ووجود الدعم السريع ، والافلات من المحاسبة في الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية، بعد التجارب المريرة للانقلابات العسكرية ، يعني المزيد من دمار وخراب البلاد، والتفريط في سيادة ووحدة البلاد ونهب مواردها.
السلطة الانقلابية الحالية لا تملك أي شرعية في اتخاذ قرارات كبيرة في غياب المؤسسات التشريعية المركزية والولائية المنتخبة كما في نهب الأراضي والتصرف فيها مثل :
– مشروع الهواد ، واعطاء 500 مليون فدان في ابوحمد لاستثمارات اسامة داؤود . الخ .
– قيام ميناء “ابو عمامة ” الإماراتية علي البحر الأحمر التي سوف تدمر موانئ بورتسودان وسواكن وشراءها بأثمان بخسة ، مما يعني التفريط في السيادة الوطنية ، بالا يكون للسودان سيادة علي موانئه.
– العقد لأنشاء خط سكك حديدية من بورتسودان الي أدري ( بتشاد) مع شركة الخليج للبترول بنظام ( البوت) بتكلفة 15 مليار دولار بطول 2467 كلم، بتكلفة حوالي 6 مليون دولار للكيلو متر ، وفقا لقانون الشراكة مع القطاع الخاص الذي أجازته حكومة حمدوك. في ظل ضعف الحكومة الانقلابية الراهنة سوف تبرز عيوب نظام (البوت)، كما في التكلفة العالية للاستثمار، واستخدام معدات قديمة، وضعف العمالة المحلية ، وعدم حماية الدولة لمصالح العاملين بحجة عدم التدخل من الدولة ، وفي النهاية عدم الالتزام بصيانة المشروع قرب استلام الدولة له بعد الفترة المقررة لإدارة الشركة للمشروع.
4
هذا إضافة لاستمرار تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية ، واستمرار الاضرابات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات كما في : اضراب عمال السكة الحديد من أجل تعديل الأجور ومستحقات أخرى ، واعتصام العاملين في ميناء يشائر للتعويض عن الأراضي والتوظيف، والوقفة الاحتجاجية للعاملين بمستشفى الشعب بالخرطوم لتحسين الأجور وبيئة العمل ، واضراب المعلمين المقرر في 28 نوفمبر لتحسين الهيكل الراتبي . وغير ذلك من الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، من أجل تحسين الاوضاع المعيشية التي لا يمكن أن تتم في ظل وجود الانقلاب العسكري الحالي أو في تسوية معه كما حدث في الفترة الانتقالية بعد الوثيقة الدستورية، مع نهب ثروات البلاد ، وسيطرة شركات الجيش علي أكثر من 82 % من موارد الدولة، و70 % من الميزانية للأمن والدفاع، بحيث لن تبقي نسبة تذكر للتعليم والصحة والتنمية والخدمات ، بل المزيد من الضرائب والجبايات التي اصبحت لا تطاق ، مما يعني صب الزيت علي النار ، واستمرار المقاومة الجارية حتى الإضراب السياسي العام والعصيان المدني لإسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 0 / 5. Total : 0

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *