
انهيار أسعار صادر الصمغ العربي… وخبير يعتبر ذلك خيانة عظمى من افراد
الخرطوم :مداميك
حذر رئيس شعبة مصدري الصمغ العربي من انخفاض أسعار صادر الصمغ العربي. وعزا في رسالة استغاثة وتحذير اسباب الانخفاض الي تخفيض اسعار الصادر بواسطة المصدرين لغياب التنسيق بينهم؛ اضافة لتعويض فاقد العائد الخاص الناتج عن تخفيض سعر الصادر، في ظل تضاعف تكلفة التخزين والشحن والمناولة والرسوم المتحصلة على صادر الصمغ وسعيهم للاستفادة من زيادة سعر صرف الدولار (من 593 جنيها الي 900 جنيها خلال الفترة من بداية العام وحتى نوفمبر 2023) .
ويعتمد مليوني شخص على الصمغ في معاشهم وتسببت الجرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في إغلاق البورصات عقب توقف عمليات التصدير. وانخفض سعر شراء الصمغ العربي بنسبة 100 بالمئة، حيث كان سعر القنطار (يساوي 41.6 كيلوغرام) قبل تفجر الصراع المسلح 30 ألف جنيه، نحو 50 دولاراً أميركياً، بينما يُطرح حالياً بـ15 الف جنيه وما زالت اسعاره تواصل في الانخفاض. وفقا لمتعاملين في _سوق النهود_ ثاني أكبر بورصة للصمغ العربي.
وقال الباحث في مجال الصمغ العربي عز الدين أحمد دفع الله : ” إن “منتجي الصمغ لم يكونوا في حاجة إلى محنة جديدة تطل عليهم، حيث كان يكفيهم ضعف أسعار المنتج مقارنة بالمعاناة الكبيرة التي تواجههم في عمليات الإنتاج التي تتم بطرق بدائية وتنضوي عليها مخاطر كبيرة”.
ويغطي حزام الصمغ العربي 13 ولاية في السودان ويتركز في أقاليم دارفور وكردفان والنيل الأزرق ومنطقة القضارف شرقي البلاد، ويمتد في مساحة 500 كلم، بينما تتراوح صادرات السودان من الصمغ العربي بين 90 – 100 ألف طن في العام، بمتوسط عائدات يبلغ 97 مليون دولار أميركي، وفق البيان الرسمية لوزارة التجارة الخارجية في البلاد، لكن عمليات التصدير الى الخارج والتي كانت تبلغ ذروة نشاطها في شهر مايو الجاري توقفت تماما بسبب الصراع المسلح الدائر في البلاد.
الي ذلك وضع مدير عام الغابات السابق د. عبد العظيم ميرغني إبراهيم بصفته كمواطن مراقب رسالة في بريد رئيس سلطة الامر الواقع بصورة لآخرين تحذر من ما يجري حالياً في قطاع الصمغ، معتبرا ان ما يجري في القطاع خيانة عظمى تستحق عقوبة في دساتير وقوانين العقوبات في مختلف دول العالم
واتهم رئيس شعبة مصدري الصمغ بمحاولة بتبرئة، نفسه بصفته الشخصية كأحد المصدرين من تهمة الخيانة العظمى، وبرأ منها كذلك جماعة المصدرين الذين يمثلهم بصفته الاعتبارية كرئيس لشعبتهم، وقال: ” لكن لا زالت هناك في تقديري ثمة شبهة تهمة خيانة عظمى عالقة تنتظر من توجه إليه هذه التهمة”.
وقدم مقترحا على ضوء التجربة البرازيلية حول كيفية الخروج من محنة الصمغ العربي الكارثية الحالية، بحل جميع مؤسسات الصمغ المتعددة القائمة حالياُ، وتجميع صلاحياتها واختصاصاتها المبعثرة في هيئة او مجلس بديل ينشأ بقانون (يعدل قانون مجلس الصمغ الحالي كأحد الخيارات) بحيث بنص على عدم مزاولة أي نشاط يتعلق بالصمغ في السودان إلا بموافقة هذه الهيئة او المجلس. وأن ينص القانون على عقوبة مشددة لمن يخالف ذلك .
نص رسالة مدير عام الغابات السابق لرئيس سلطة الامر الواقع
أسمحوا لي…. ان أقدم لكم قراءة متواضعة -بصفتي مراقب- في بعض ما يجري حالياً في قطاع الصمغ، من منطلق تجربتي وخبرتي السابقة في مجال الصمغ العربي.
كما تعلمون فإن من تعريفات الخيانة العظمى في دساتير وقوانين العقوبات في مختلف دول العالم أن الخيانة العظمى جريمة تتعلق بأي اعتداء يمس أمن الدولة واستقرارها أو الإضرار بها يرتكبها أي شخص طوعاً أو قسرا لأجل تحقيق مصالحه الخاصة ومصالح دولة أجنبية على حساب بلده ودولته. من هذا المنطلق فإن ما يجري في قطاع الصمغ العربي الذي يعتمد عليه قرابة خمسة مليون مواطن في معيشتهم وأمنهم واستقرارهم يرقى في نظري لتوجيه هذه التهمة الخطيرة.
بالأمس أطلق رئيس شعبة مصدري الصمغ العربي صرخة استغاثة وتحذير بسبب تباري المصدرين في تخفيض أسعار صادره لصالح “الخواجات” ودولهم الاجنبية كخدمة انسانية يقدمونها لهم على حساب دولتهم السودانية ومنتجي الصمغ وقاعدته الإنتاجية حسب رسالته التي ضمنها تلك الاستغاثة المحذرة.
عزا رئيس شعبة المصدرين أسباب تخفيض اسعار الصادر بواسطة المصدرين لغياب التنسيق بينهم؛ ولاستفادتهم من الزيادة في سعر صرف الدولار (من 593 جنيها الي 900 جنيها خلال الفترة من بداية العام وحتى نوفمبر 2023) في تعويض الفاقد من عائدهم الخاص الناتج عن تخفيض سعر الصادر، والذي ما كان له أن يحدث في الأصل بل يحدث العكس أن يزيد في ظل تضاعف تكلفة التخزين والشحن والمناولة والرسوم المتحصلة على صادر الصمغ كما أوضح ذلك بالأرقام.
يستنتج من رسالة رئيس شعبة المصدرين الآتي:
أولاُ، أن المصدرين هم المتحكمين في تحديد أسعار الصادر وليست الجهات الرسمية المختصة أو أي جهة محايدة موكل اليها أمر تمثيل جميع أصحاب المصلحة في الصمغ، بما في ذلك المنتجين الذين هم أكثر قطاعات الصمغ تضرراً والذين يجنون حوالي 20% فقط تنقص ولا تزيد من عائد الصادر.
ثانياً، طالما أن المصدرين هم المتحكمين في تحديد أسعار الصادر فمن المتوقع المزيد من التخفيض في أسعار الصادر في قادم الايام لصالح “الخواجات” ودولهم الأجنبية ومصلحة المصدرين الخاصة على حساب الدولة السودانية المنتجة للصمغ.
ثالثاً، بإضافة التخفيض المتوقع في أسعار الصادر لهذا الموسم، للتخفيض الذي حدث في الموسم السابق وبأكثر من ألف دولار من سعر صادر طن صمغ الهشاب ومائتي دولار من سعر صادر طن صمغ الطلح، ومع قلة الإنتاج المتوقع هذا الموسم بسبب الحرب، فإن عائد البلاد من صادر الصمغ مرشح لمزيد من التدني.
رابعاً، هناك ممارسة معتادة وشائعة في قطاع صادر الصمغ تتمثل في قيام المصدرين بالبيع للعملاء الأجانب بسعر أقل من السعر الرسمي المعتمد من الدولة، كأن يبيع المصدر مثلاً الطن بألفين وخمسمائة دولار في حين يكون السعر المعتمد ثلاثة آلاف دولار، ويكمل المصدر الفرق بين السعرين من جيبه الخاص، فيحقق بذلك مصلحته لأنه في كل الأحوال كسبان، ومصلحة زبونه الأجنبي كمان، على حساب دولته السودان.
بجانب ما تقدم من إشكاليات بشأن أسعار صادر الصمغ هناك إشكالية إضافية تتعلق بكم ونوع الصادر. على سبيل المثال، شهد العام 2017 أعلى صادر صمغ في تاريخ السودان، بجملة بلغت 79,536طن قيمتها 113,938,510 دولار، بمتوسط سعر للطن 1425 دولار، تفاصيلها كالآتي:
• 26,643 طن هشاب بقيمة 72,388,730دولار بسعر الطن 2722 دولار؛
• 52,893 طن طلح بقيمة 41,549,780 دولار بسعر الطن 784 دولار؛
• فإذا كان صادر صمغنا في العام 2017 كله من نوع صمغ الطلح فقط لكان عائدنا منه 60 مليون دولار؛
• وإذا كان الصادر في العام 2017 كله من نوع صمغ الهشاب فقط لكان عائدنا منه 218 مليون دولار؛
• وإن كان الصادر في العام 2017 كله من نوع صمغ الهشاب المصنع (8 آلاف دولار في المتوسط للطن من البدرة الرزازية) لكان عائدنا منه 640 مليون دولار.
• لكن عائد صادرنا في العام 2017 كان فقط 114 مليون دولا• يلاحظ أنه في حين بلغت صادرات صمغ الطلح 65 % من جملة كمية الصادر إلا أن عائدها بلغ 36 % فقط من جملة قيمة الصادر؛ وأنه بالمقابل في حين مثلت كمية صادر صمغ الهشاب 35 % من جملة كمية الصادر إلا أنها حققت 64% من قيمة جملة عائد الصادر؛ نتيجة لذلك إنه رغم تصدرنا عالم الصمغ إنتاجاً إلا عائدنا منه لا يتجاوز نسبة 10% من قيمة الصمغ المتداول عالمياً. باختصار فقدنا تميزنا وسيادتنا لعالم الصمغ.
يتضح مما تقدم أن الصمغ العربي في محنة حقيقية، رغم تاريخنا الطويل في تجارته وتسويقه، ورغم وجود مجالس ومؤسسات وهيئات ومراكز وتنسيقيات كثيرة ومتعددة، عليا وقومية، مختصة به، وفي ظل وجود استراتيجية وطنية مجازة ومعتمدة (2020 – 2030) حددت الأهداف ووزعت الأدوار والمهام.
لقد برأ رئيس شعبة مصدري الصمغ بصرخته تلك المحذرة، نفسه بصفته الشخصية كأحد المصدرين من تهمة الخيانة العظمى، وبرأ منها كذلك جماعة المصدرين الذين يمثلهم بصفته الاعتبارية كرئيس لشعبتهم، ولكن لا زالت هناك في تقديري ثمة شبهة تهمة خيانة عظمى عالقة تنتظر من توجه إليه هذه التهمة.
ختاماُ : إن تفضلتم بالسماح لي بإبداء رأي حول كيفية الخروج من محنة الصمغ العربي الكارثية هذه، فإني أقترح حل جميع مؤسسات الصمغ المتعددة قليلة الحيلة القائمة حالياُ، ولملمة صلاحياتها واختصاصاتها المبعثرة فيما بينها، وتجميعها في هيئة / مجلس بديل ينشأ بقانون (يعدل قانون مجلس الصمغ الحالي كأحد الخيارات) بنص على عدم مزاولة أي نشاط يتعلق بالصمغ في السودان إلا بموافقة هذه الهيئة / المجلس. وأن ينص القانون على عقوبة مشددة لمن يخالف ذلك. هذا المقترح المقدم لفخامتكم سيادة الرئيس يقوم على خلفية التجربة البرازيلية في أحد أوجه المجال الزراعي مما جعل البرازيل أحد أكبر دول العالم الزراعية.
وتقبلوا فائق الاحترام؛
د. عبد العظيم ميرغني إبراهيم
مواطن ومير عام سابق للغابات
صورة للسادة:
الوزراء المكلفين الموقرين في المالية والتجارة والزراعة والصناعة؛
ولاة الولايات الثلاثة عشرة المنتجة للصمغ؛
محافظ بنك السودان
مديري الهيئات والمؤسسات المهنية التنفيذية في الغابات والمواصفات والجمارك
رئيس مجلس الصمغ العربي؛
رئيس كرسي الصمغ العربي جامعة الخرطوم؛
مديري المراكز والمعاهد والمنسقيات المهنية العلمية والبحثية المتخصصة في الصمغ بالجامعات؛
الجمعيات الطوعية البيئية والاجتماعية.