‫الرئيسية‬ مقالات تَنسِيقِيّة القِوَى الدِيمُقرَاطِية المَدَنِيَة (تَقدُم) خَطْوَة لِلأمَامْ.. لكن تَنْتَظِرُهَا تَحَدِيَات جَمَّة
مقالات - 28 أكتوبر 2023, 14:58

تَنسِيقِيّة القِوَى الدِيمُقرَاطِية المَدَنِيَة (تَقدُم) خَطْوَة لِلأمَامْ.. لكن تَنْتَظِرُهَا تَحَدِيَات جَمَّة

يوسف مصطفى
(-) إن جاز لي تحوير مقولة الإمام على الشهيرة “أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يوما ما …. الخ ) لقلت (أيد رُؤية تنظيمك هونا ما ، عسى أن تنتقد مآلاتها يوما ما، وعارض رؤية خصمك هونا ما ، عسى أن تتفق مع مآلاتها يوما ما)، انطلاقا من هذا التحوير كان الأوجب على الفاعلين السياسيين المتبارين حول تأييد / نقض مخرجات الاجتماع التحضيرى لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) الذي انعقد في العاصمة أديس أبابا في الفترة من ٢٣ إلى ٢٦ أكتوبر، كان يتوجب عليهم ترشييد طاقات تأييدهم او تبخيسهم لمخرجات ذلك الاجتماع، الذي لم يزد على الاتفاق على هيكل تنظيمي للتنسيقية ، ووعد بعقد مؤتمر تأسيسى فى غضون شهرين من الآن، ورؤية سياسية لموقف تفاوضي لم يُعلن عنها بعد، و أخيراً نية بتنظيم لجان وورش لإعداد رؤى لمخاطبة محاور الأزمة يتم إعدادها وعرضها على المؤتمر التأسيسي إذا كُتب له الانعقاد خلال الفترة المحددة.
(-) إذن، إذا ما استثنينا الهيكل التنظيمي المقترح بنسبه المعلنة فلا رؤية واضحة المعالم، يمكن الاتفاق أو الاختلاف على تفاصيلها، إلا إذا ماحاكمنا النوايا والتوقعات استناداً على التجربة الفائتة للائتلاف التي يمكن أن تهدي أصحابها رُشداً أو غياً وهذا ما لا يمكن إدراكه الآن يقيناً تُبنى عليه الأحكام في فلاح (تقدم) أو خيبتها، تعقيباً على مخرجات الاجتماع التحضيري، ودعماً لتطوير خطوة (تقدم) التي يجب ان تُفضِي إلى تأسيس جبهة مدنية (كافية) لاستحقاق التعبير عن الصوت المدني الديمقراطي من أجل استعادة مسار الثورة والمُضِي قُدماً في إنجاز أهدافها ومهامها ، أعقب بالآتي:
– دعم فكرة التنسيقية التي تجاوزت فكرة أن (قحت) هي المعبر الأساسي عن قوى ثورة ديسمبر – إن لم يكن الوحيد – وذلك بفتح المجال عملياً وليس نظرياً لاستقطاب كل أو معظم القوى المدنية الديمقراطي مثل لجان المقاومة، المكونات المهنية، المدنية، الأهلية، حركات الكفاح المسلح ولفيف من الشخصيات الوطنية الديمقراطية المستقلة ذات الإسهام الفكري المرتبط بالثورة تنظيراً ودعماً، مما يعد ترجمة عملية لمطلب تأسيس جبهة مدنية عريضة لمجابهة خطاب الحرب والعسكرة في آن واحد.
(-) يتوجب على كل مهموم بإفساح أوسع مجال لقوى الثورة الحية غير الحزبية تهنئة القوى السياسية المنضوية في التنسيقية على التنازل عن هوس الهيمنة والاكتفاء بنسبة 30% فقط تمثيلاً في كافة هياكل التنسيقية ، لإفساح أكبر مجال لبقية قوى الثورة من غير الحزبيين، فقط يتوجب لفت نظر ( تقدم) هنا إلى توخي الحذر من رزايا نهج استغلال الكيانات المدنية والمهنية ( المُحَزبَنة) للالتفاف على هذه الخطوة المهمة تكبيراً (لكوم) الائتلاف الحزبي كما جرت عادة ممارستنا السياسية، هنا أو هناك!!
– على (تقدم) أن تنتبه جيداً إلى أن التبشير بالاتفاق على ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية والامنية بمايفضى الى جيش وطني، مهني، واحد ، لم يعد أمراً مسار اختلاف أو جدل، فلقد أصبح من البديهيات التي يتفق حولها الفرقاء قبل الأصدقاء، لكن الجدل كل الجدل سيكون حول مصير قوات الدعم السريع ما بين الحل، الدمج والتسريح ، مما يعني أن المسألة الجوهرية هنا التي تحتاج أن تقول فيها التنسيقية قولها تتمحور حول هذه المعضلة حيث يكمن شيطان التفاصيل.
– في ما يخص اعتماد د. عبدالله حمدوك لرئاسة الهيئة القيادية العليا للتنسيقية، ربما لا يثور جدال حول تأهيله وقدراته و علاقاته الدولية وحجم التأييد الشعبي الذي تمتع به خلال ترؤسه الإدارة التنفيذية لحكومتي الثورة، ولكن الجدال كل الجدال سيكون منصباً حول مدى تناقص حجم التأييد والالتفاف الذي تمتع به نتيجة سلسلة من التراجعات التي وسمت أداءه والتي تُوِجت بخيبة اتفاقه مع رأس انقلاب 25 أكتوبر، واختفاء صوته في مقاومة تطبيع الحالة الانقلابية فيما بعد، لذلك ومن أجل ترميم هذه الصورة واستعادة حجم التأييد الذي استحقه يتوجب عليه تقديم نقد ذاتي لتلك التجربة تطمئن جماهير الثورة أنه استفاد من الدرس، وتحصن من تكرار ذات الأخطاء واقترب أكثر من نبض الجماهير الثوري، غير ذلك سيكون إعادة الثقة فيه، إعادة لإنتاج الأزمة أكثر منها تجاوزاً لها، وسيكون مدعاة لوضع عراقيل لوحدة قوى الثورة أكثر من تعبيد مسارها وبلوغ غاياتها.
– في ما يخص تأكيد الاستقلالية وضمان السيادة الوطنية وتحصينها ضد أي شكل من أشكال الارتهان، أتى شكر أحد أعمدة قحت – اللواء فضل الله برمة ناصر – لدولة الإمارات لتمويلها للاجتماع التحضيري الذي لم أصادف نفياً له، أتى صادماً، ففضلاً عن الحساسية الأخلاقية والسياسية لمثل هذه الأمور غض النظر عن الدولة التي تقف خلفها ، فإن الشكوك التي تدور حول دورٍ ما لدولة الإمارات في دعم هذه الحرب يرفع قرون استشعار هذه الحساسية لأعلى مستوياتها ، كان يتوجب على الجهة المنظمة لهذا الاجتماع – إن تعذر إقامته داخل السودان أو تمويله ذاتيا للظروف المعلومة – أن تناشد البعثة الأممية لدعم الانتقال بتمويل هذه الفعالية التي تقع ضمن مجهودات دعم الانتقال المدني الديمقراطي الذي هو مناط تكليف البعثة ومحور عملها، فضلا عن أننا عضو في الأمم المتحدة التي عليها يقع عبء صيانة واستدامة الأمن والسلم الدوليين والإقليميين ، هذه المسألة يجب أن تشغل حيزاً معتبراً في بال التنسيقية وهى تتجه لإقامة مؤتمرها التأسيسى والذى قطعا سيحتاج دعماً لوجستياً مقدراً، وهذه أمور لا أعتقد أنها تفوت على فطنة من يديرون مشهداً سياسياً تتجاذبه الاستقطابات الإقليمية والدولية.
– ورد في طيات التقرير الختامي للاجتماع التحضيري إشارة عن العدالة الانتقالية ومحاسبة الضالعين في الحرب، وهنا يجب على التنسيقية أن تواجه معضلة محاسبة طرفي الصراع ومنع إفلاتهم من المحاسبة والعقاب، إن الاختباء خلف لعن فلول النظام البائد وتحميلهم مسؤولية الحرب – وهو حقيقة لا خلاف حولها – لن يصلح غطاءُ لطمس المسؤولية المباشرة عن طرفيها الفعليين، كما أن الإقرار بتجاوز فكرة الشراكة مرة ثالثة وخروج المؤسسة العسكرية من السياسة والاقتصاد لن يكون مقنعاً وإن أتى مشفوعاً باليمين ، ما لم تؤكد التنسيقية على عزمها وجديتها في هذا الصدد، صدد المحاسبة ! أما كيف ؟ ومتى ؟ فهذا ما ينتظره الآلاف إن لم يكن الملايين من المكتوين بنيران هذه الحرب اللعينة وقبلهم ضحايا الاعتصام والحراك الثورى بعد فض الاعتصام وانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر .
– فى خواتيم البيان الختامي للاجتماع التحضيري، ورد إقرار فحواه ” لن يتقدم السودان بغير وحدة وتنظيم وفاعلية قواه الديمقراطية ” استناداً على هذا الإقرار يجب بذل كل الجهود الممكنة وبعض المستحيلة ! من أجل العمل على ضم قوى الميثاق الثوري وتحالف التغيير الجذري، أو على الأقل التوافق على آليات للتنسيق بينهما إن تعذر التلاقي، كما يمكن أن تتم دراسة إمكانية تقديم رؤاهم السياسية ضمن فعاليات المؤتمر أن تعذر التلاقي أو التنسيق ، كما لابد من بذل أقصى درجات الجهد لاستصحاب حركات الكفاح المسلح غير الموقعة على اتفاقيات سلام جوبا ، وبالعدم إفساح مجال في المؤتمر لعرض ومناقشة مواقفهم التفاوضية ورؤاهم لسودان ما بعد الحرب.
(*) ختاماً، أعلاه مجرد خواطر مختصرة لشكل وحجم التحديات التي يجب الاستعداد لمخاطبتها خلال المؤتمر التأسيسي حتى لا يأتي مجرد فعالية فحواها وضع ضمادات معقمة على جروحٍ متقيحة !!!

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 3 / 5. Total : 2

كن أول من يقيم هذا المقال