المتمرد وتصورات التقسيم!

في احدى التسريبات التي قامت بها مونتي كارو، كانت هناك محاولة انقلابية داخل الدعم السريع، حينها وبخ حميدتي، ابناء عمومته، انهم منقسمون بين مطاردة ابناء النفيدي، وبين كافيهات الخرطوم 2 والعمارات، وأنهم لا يقدرون مجهوداته في محاولته للحكم و الصعود للسلطة.

حميدتي ومن خلال جميع تحركاته، كان يحاول ان يصبح شخص يبحث عن مكان ما داخل تركيبة الحكم و الدولة، ولكن للأسف تاريخ الدولة و رجال الدولة في السودان، دائما ما يعيد مأساته وفق شروطه، فما حلقت طائرة الحكم والا عصفت بها شروط الدولة، فمن قبله من هم أشد رسوخا، في العلم و الحكم ولكن عصفت بهم رياح الاستواء.

حميدتي لا يمتلك تصور للسلطة و الدولة، وهو أمر وفق شروط الصعود أمر واقعي، شخص بلا مشروع نشأ في كنف تركيبة المليشيا، و اقتصاديات الحرب، ومن ثم لم يحاول ان يستفيد من فرصة الصعود لعمل اعادة إنتاج لشخصه أو حتى مشروعه، وهذا كان مستحيلا، فهو ذراع خارجي، و حوله ( بنات أوى) من نخبة فقيرة، مرتزقة بلا أخلاقيات او نوازع أصيلة.

استلف حميدتي تصوراته للسلطة من بنية نظام المؤتمر الوطني فبدأ بمحاولة خلق تحالفات أهلية، بل لم يحاول ان يستقطب الاداراة العليا، لعلمه بالشروط و الظروف التي تحكم المؤسسة الأهلية، لذلك حاول ان يأتي بقيادات من الصفوف الوسطى للإدارة وبعض الذين يحاولون الصعود اما لشعور استحقاق او لمحاولة الصعود للغنى. وتبقى له مرتزقة التهريب في حربه الحالية.

استلف نموذج اخر لمؤسسته من جهاز الأمن، أراد حميدتي لمؤسسة الدعم السريع ان تسيطر و تمتلك الاقتصاد وتمتلك القدرة الأمنية، ان يكون حميدتي صلاح قوش في ثوب البشير، ان يمزج ما بين الأمن و السياسة، و الاقتصاد، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل حاول أن يتجه الى الصفقات العابرة، سنجد انه حاول رعاية اتفاق سلام أطراف جنوب السودان، ومن ثم حاول أن يمتد الى افريقيا الوسطى، كل ذلك، وحميدتي في دوائره فساد، و ساسة مرتزقة، واللاثقة دائما كانت نوازعه في كل شيء.

اشتعلت الحرب وحميدتي يمني نفسه الانتصارات، ولكن مجازر الجنينة، وانتهاكات في قرى دارفور، ونهب الخرطوم، وتشريد الأهالي، وسرقة البنوك، والاغتصاب، فتحولت قواته التي حاول نزع كدمولها، الذي ارتداه اول شخص هو ، في صباح الخامس عشر، الى عصابات، تمني نفسها بالتغنيم، فينهار نموذج تاريخه كما بدأ مهرب يحمي تجارته.

ويعود حميدتي لإستلاف نموذج الحرب، التي لم يكن فيها الا مخرب، وقاطع طريق، وهذه المرة، يأخذ نموذج حفتر مع خطاب سياسي عدت وصفته منذ لقاء (اولاد أوى) في اديس ابابا، وكنت اتوقع ان تصبح هذه الخطوة أكيدة بعد فشل القبض على القائد العام للجيش، والسيطرة على سلاح المدرعات او أسلحة الجيش، ولكن ما لا يعلمه حميدتي ان تصوراته دائما تخفق والسبب ان الإقتصاد مختلف، وما الخرطوم الا مستهلك و سوق قد تبدد دمه بين مدن السودان.

ودارفور التي يريد لك مستشار الإرتزاق باب خروج سياسي قد اغلقت لك من اوسع ابوابها، وان حمل اخوك الإثم فسيذوقك من سمه لا محالة، خصوصا في ظل الخلافات المالية التي اعترضت القوني بعد القرارات الأمريكية، وخوف الافارقة من الاحتراق بكم.

إن اعلان حكومة يا حميدتي لا يتطلب سيطرة او حتى اعتراف من اتحاد افريقي، فدونك عبد الواحد قد اعلن قبل اسبوع او اكثر حكومته الإقليمية، فهل سيذهب الى الامم المتحدة ليلقي خطابه، ام تراه عين سفيرا له في تل أبيب، ومن السذاجة ان يصرخ (اولاد اوى) في صفحاتهم، وهم يعلمون ان لا حكومة منفى ستنجح او حكومة السيطرة لاشاويس الدم السريع مفيدة.

البرهان قد إستحوذ على شرعية فوق محاولة الاستيلاء على السلطة كما سمت 25 أكتوبر الادبيات الغربية سواء في الصحافة او في الخطابات الرسمية لرؤساء العالم، وقد دعي بعدها الى بريطانيا لحضور مراسم عزاء الملكة، والأمم المتحدة، ولكن موسى فكي لم يستوعب الدرس وهاهو الآن يلتقي بمرتادي الزنكية و المختلين، يندب فعلته.

عموما ليعلن حميدتي حكومته، فعلى ما يبدو انها ستشبه اسد بورتسودان الذي تادولته بعض الصفحات، لذلك ستكون حكومة حميدتي اقرب الى هذا النموذج، مثل كل قراراته السابقة في الحرب، ومسارها. ولن ندعو او ندعم اي محاولة للتفاوض او مشروع وجود سياسي او عسكري، حتى لو هدت الخرطوم، فوق النيل الأزرق دعك من احتراق الكلادن. فعسى أن يعاد تصميمها وعمرانها على نسق الشرق، هذه المرة، و يكون النيل أقرب لشانغهاي من مانشيستر