صيغة المناشدة البئيسة في بيانات وقف الحرب خطيئة لا محل لإعرابها في النحو الثوري .. !! .
بقلم / عمر الحويج
كبسولة : (1)
فصيل المنشية : انتهاكات جُنْدَ كيزان حميدتي بحكم عقيدتهم تتركز في جرائم القتل النهب الاغتصاب الخطف احتلال المستشفيات وبيوت المواطنين .. هكذا حربهم التخريب التدميري .
فصيل القصر : انتهاكات جُنْدَ كيزان البرهان بحكم عقيدتهم تتركز في جرائم القتل الثقافي التاريخي الوجودي حرق المتحف المكتبة الجامعة الوثيقة .. هكذا حربهم التخريب التدميري .
كبسولة : (٢)
كيزان المنشية : حالفين يا نحن يا أنتم واعتقلنا منكم الآن أعلاكم صوتاً أنس الخيبان والجزولي الداعشي وكرت – يان واعترافاتهم بدوركم في هذه الحرب السجال بيننا وبينكم .. والنصر لنا .
كيزان القصر : حالفين يا نحن يا أنتم غداً سنهزمكم ونفعل فيكم الأفاعيل يا صنيعة الترابي المتدثرون بمليشيا آل دقلو وجنده الغاصبون في هذه الحرب السجال بيننا وبينكم .. والنصر لنا .
شعب السودان : حالفين يا نحن يا أنتم وسنفضحكم وسط أجيالنا حاضرة وقادمة وسنعبئ ضدكم الراي العام العالمي وتنفقون بيدكم لا بيد غيركم بعد الحرب السجال بيننا وبينكم .. والنصر لنا .
***
الجميع رحب بمفاوضات جدة ، والوساطة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية والولايات الأمريكية المتحدة ومن خلفهما المجتمع الدولي بأغلبه ، لوقف هذه الحرب المخبوزة ومعجونة ، بالأيدي القذرة الملوثة ، المعلومة من نفايات النظام البائد ومشايعيهم ، ولكن تلاحظ أن أغلب البيانات التي صدرت داخلياً ، رحبت وشجبت وأدانت ، وخاصة بيانات أحزاب مركزية الحرية والتغيير ، وغيرها المعلنة ، والتي “تناشد !!” بالرجاء والمسكنة المنبوذة ، وعواقبها الوخيمة ، الموجهة إلى الجنرالين لوقف الحرب ، فإن كان الترحيب بالمبادرة نفسها مرغوبة ومطلوبة ، فإن المناشدة الذليلة للجنرالين ، موقف لا مكان له من الإعراب ، في “نحو” الثورات العظيمة ، فكيف تناشد من يريد قتلك ، وسلاحك شعبك ، أقوى وأكبر مما كان العدو يتصور ، فليست المناشدة هي دور الشعوب الناضجة ، خاصة شعب مثل شعب السودان ، بتاريخه الحافل بالمآثر الثورية ، وآخرها مأثرته المستمرة الديسمبرية القرنية ، التي خاض فيها معركة ثورته ذات الأربعة سنين ، عاشها “حب وحنين” لسودان جديد وناهض ، وسط البمبان ومسيلات الدموع ، وليس الدموع وحدها ، إنما اقتلاع العيون من محاجرها ، يعقبها رصاص الدوشكا والمطاطي والخرطوش المميتة جميعها . وفي الموت لا فرق بين أن يموت المواطن بهذا النوع من أدوات القتل المتعمد ، في المواكب والمظاهرات السلمية . أو الموت بقذف المدافع ، ومقذوفات الإنتينوف العابرة لأسطح المنازل وعماراتها ، ليقتل من هو على سريره .. نائم ، وهذه البيانات التي لم تكتفي بالإشادة بالمفاوضات وداعميها ، إذ قلنا أنها مرحب بها ومرغوب فيها ومطلوبة ، إنما غير المرحب به ، وغير مرغوب فيه ، بل يحتاج المواجهة بالرفض المغلظ والإدانة الأغلظ ، هو المناشدة ، التي تتقدم بها هذه البيانات ، إلى الجنرالين القاتلين المتقاتلين ، أو بالأحرى والدقة ، من هم خلفهم من الفئيتين الباغيتين الاسلامويتين الضالتين ، تناشدهم فيها هذه البيانات المفارقة ، لصوت الثورة والشعب ، وصيحتها الحاسمة # لا_ للحرب# . تناشدهم البيانات المشينة هذه ، لوقف الحرب الدائرة فوق رؤوس المواطنين ، وكأن لسان حال البيان يقول ” تُبنا لله ورسوله من شغل الثورات هذه ، فسامحونا وأعفوا عنا لا تقتلونا بالله عليكم ” .
أو كأن هذا الشعب المقدام هو الذي أَذِن لهم موافقاً ، بالنزول إلى ملعب الحرب الدائرة ، وطلب منهم قتله ، ودفع لهم حتى ثمن تذاكر الدخول لميدان المعركة ، ليتمتع بلعبتهم القذرة ، وكل يشجع فريقه الذي يختاره ، والذي فعلياً ، هم يحاولون تسويقه ، فبدل هي لله ، هي لله أصبح شعارهم هذه المرة ، المسروق من ملف شعارات أكتوبر وإبريل وديسمبر ، وتحوير معناه إلى باطل “جيش واحد شعب واحد” ، ليسقطوه بخبث ويطعنون به وطنية الشعب المغلوب على أمره ، ليضيقوا عليه خناق خياراته ، فإما أنت مع الجيش ، أو أنت الخائن بعينه ، وهم على دراية واعية “ولكنه الغرض” أن المواطن يعلم علم اليقين ، الذي لا يأتيه اللَبس من يساره أو يمينه ، أن الجيش جيش الشعب وليس جيش البرهان ولجنته الأمنية وجوقة الفلول النازيوإسلاموية التي تقاسم فلوليتها ، الطرفان المتحاربان ، بين المنشية أو القصر ، الجيش أو الدعم السريع ، البرهان أو حميدتي ، أيهما يحكم ويتسلط .
ومن مفارقات هذه الحرب القذرة ، من بين مجمل الحروب والصراعات الداخلية ، التي دارت في الأقاليم من حولنا ، وفي كثير من البلدان التي لاحقها التاريخ في حروبها الأهلية ، تلاحظ أن “حربنا” القذرة هذه التي يتبرأ شعبنا منها ، هي الوحيدة التي امتازت بأنها ، لم ينقسم الشعب فيها إلى فئتين متحاربتين ، كل منها حمل سلاحه ضد الأخر ، مؤيداً ومناصراً ” وإن طاش سهم ندائهم حين طالبوا المواطنين بحمل السلاح ” . وميزة أخرى امتازت بها “حربنا ” القذرة التي تبرأ منها شعبنا ، تلاحظ أيضاً وبوضوح تام ، في ذات الحروب الأهلية من حولنا ، أن حتى المجتمع الدولي ، كل حسب مصالحه ، انحاز لأحد الطرفين بسلاحه ، أو حتى الأطراف المتعددة إذا وجدت . أما في حربنا القذرة هذه ، فإن شعبنا بأغلبه طالب بوقفها ، إلا القلة القليلة من الطرفين اللذين أشعلاها ، والفلول الذين حملت تنظيماته الظلية والأمن شعبية سلاحها ، منحازة إلى الطرف الذي تمكنت من مفاصله ، منذ سنوات حكمها الثلاثيني ، الممتد حتى ساعتها ، ضد الطرف الآخر الذي كونته ومكنته وشكلته وخلقته من عدم ، مع ملاحظة أن حتى الجهات الخارجية ، التي كانت منحازة قبل الحرب لمصالحها الذاتية ، لطرف دون طرف ، سواء كان الطرف هو الجيش أو الدعم السريع ، فإن هذه الدول ، لم تتجرأ على إعلان انحيازها ، وأخفته بل بلعته خوفاً وإثرة للسلامة ، وذلك ناجم عن معرفة المجتمع الدولي بصلابة الشعب السوداني ، ورغبته الأكيدة وشغفه بالديمقراطية ، ومزاياها في نهضة الشعوب وتقدمها ، ودونكم أمريكا التي أبهرتها ثورتنا ، وأشاد بها وبكنداكاتها رئيسها بايدن شخصياً ، وأجبرتها للوقوف بتصميم لنصرة توقنا الفارع والصميم للديمقراطية ، وربما حتى بايدن وإثره للسلامة ، خوفاً من ضغط الراي العام العالمي وإعلامه ، الذي كان متماهياً دهشة مع ثورة السودان الفريدة ، وهنا وجب علينا ، وفي تقديري الخاص ، أن نتقدم بإشادة ، وإن كانت إشادة بحذر للحكومة المصرية ، أنها اختارت في تعاملها مع هذه الحرب القذرة ، بالتوجه الصحيح ، عن طريق وزارة الخارجية ، وليس عن طريق مخابرتها المركزية كما اعتادت ذلك ، طيلة سنوات علاقتها مع السودان منذ استقلاله . فعن طريق تحويل ملف السودان من المخابرات ، إلى وزارة الخارجية ، جنبت الحكومة المصرية نفسها الوقوع في إيقاظ حساسية الشعب السوداني ضدها في هذا الظرف الحساس من الحرب البشعة . وإن كنا نظل نلومها في فهمها المتأخر ، الذي مبعثه صالح أمنها القومي ، ولم يكن نتيجة استصحاب أمننا القومي معها ، حين إختبرته ونفذته ، وأعني بذلك فهمها لخطورة الإسلام السياسي عليها ، حين أحست باحتمالية انتقاله إليها ، فقررت لوقفه تأشيرة دخول ، كلفت النازحين السودانيين المتوجهين إليها ، رهقاً ووقتاً ومالاً . أما يوم حاصرته ثورتنا العملاقة “هذا الإسلام السياسي العنكبوتي” وكادت تقضي على وجوده ، مدت له المخابرات المصرية يدها بكل أريحية ، وإن كان بسوء نية ، وتمكنت مخابراتها ، من تثبيت حكمه بالدعم غير المشروط للبرهان ، وهي تعلم أن من خلفه وسنده وحاضنته ، هو إرهاب الإسلام السياسي ، وظلت ترتب له انقلاباته وجُل مؤامراته ، بل وأرفقتها ورافقتها ، تشكيلها جبهة كاملة ، من فلول النظام البائد وبعض الانقلابيين وغيرهم من الانتهازيين ، باسم الكتلة الديمقراطية ، معادل موضوعي ومنافس لمركزية الحرية والتغيير الرخوة ، التي انساقت عمياء ، وجعلت منها والكتلة الديمقراطية هم طرفا الصراع على الساحة السودانية لا غيرهم ، وأصبحا معاً : المركزي والكتلة ، قوى مناوئة ، لكتلة قوى الثورة الحقيقية والحية ، وهي في شوارعها التي لا تخون ، التي تم تجاهلها تماماً وكأنها غير موجودة وكأنها ليست هي الثورة بذاتها وصفاتها ، إلى أن بانت لهم خطورة ذلك التناقض المزروع بين الثورة والثورة المضادة ، الذي نظمته المخابرات المصرية وتصورت أنه الإجهاض النهائي للثورة ، حتى تفجر ، هذا التناقض داخل هذه التكتلات المصنوعة نفسها ، وكان هذا من أهم أسباب ، الذي أدى لنشوب هذه الحرب القذرة ، الذي تبرأ منها شعب السودان .
والسؤال المؤرق لنا ، كشعب جوار وأخوة وأشقاء ، وعلاقات أزلية كما هم يدعون ، ونحن من خلفهم ندعي ، والسؤال هو لماذا لا تمانع المخابرات المصرية ، أن يقتلنا إرهاب الإسلام السياسي ، ويعملون جهدهم لإبعاده عنهم ؟؟ ، لدرجة إصدار أحكام بالإعدام ، “أمس القريبة دي” ، على المرشد العام للأخوان المسلمين ، وبعضاً من قياداته ، وينتظر التنفيذ ، بعد عرض اوراقهم لمفتي الجمهورية ، ومن ثم توقيع رأس الدولة عليه ، علماً أن في بلادهم يرفل ويتواجد بالترحيب كله ، خادمهم قوش مدير الأمن القومي ، وإيلا آخر رئيس وزراء في حكومة الإسلام السياسي وغيرهم ، وهم يحيكون المؤامرات على مرمى جهاز كمبيوتر من أعينهم بل ومعاونتهم على التنفيذ ، ومنتهى نتائجها كانت هذه الحرب القذرة التي تبرأ منها شعب السودان .
ولو سمحت لي الحكومة المصرية أن أناشدها ، وهنا المناشدة في محلها ، لأنها ليست مناشدة أحزابنا الناعمة ، لوقف القتلة ، إنما مناشدتي هنا لوقف القتلة ، وربما هي نصيحة ، أكثر منها مناشدة ، وذلك بطلب إلغاء حكم الإعدام الصادر في حق المرشد العام للإخوان المسلمين ورفاقه ، لا حباً فيهم ، وإنما عظة من التجارب ، فعند إعدام عبد الناصر لسيد قطب لم يقتله الإعدام ، وإنما أحياه من جديد ، بإحياء فكره ، الذي عم القرى والحضر ، كما لم يقتل الإعدام الشهيد عبد الخالق محجوب ولا الشهيد محمود محمد طه ، بل أحياهما من جديد ، بإحياء فكرهما الذي عم القرى والحضر .
وأخيراً بدلاً من المناشدات الخائبة المنحى والنتيجة ، على قوى الثورة جميعها ، دون إقصاء لأحد ، “غير المؤتمر الوطني وإسلامييه ذوي الرؤوس المتعددة ، المتخفية وراء العديد من المسميات” .
أقول على كل قوى الثورة ، دون تشتت وبعيداً عن الانقسامات الأميبية ، بتوجهاتها الانتهازية والإقصائية والموروثة ، تشكيل الجبهة الوطنية لحماية الوطن والديمقراطية ، بداية وكضرورة عاجلة لوقف الحرب ، وثانياً لوقف انهيار السودان ، ونهوضه من جديد لنبنيه . و .. حنبنيهو ، ولكن بالعمل ثم العمل والإنجاز على الأرض ، لا بالبيانات والإدانات والمناشدات والخطب الحماسية .