الآن تفرض الحرب واقعها وتتحدث لغته
من أشعلوا الحرب كانوا يستندون إلى توقعات وقراءات تصب في صالحهم وبعد أن أشعلوها واتضح لهم خطأ قراءاتهم و لم تتبق لهم سوى الأماني، فالفعل لم يعد بيدهم و الحرب تتحدث بلغتها وتفرض واقعها ولا تستجيب لأماني وأحلام أي طرف فمن يشعل الحريق في غابة لا يمكنه أن يتحكم فيه و يمنعه عن شجرة دون أخرى أو يستثني شبرا.
واقع الحرب الآن يقول إنه لا يوجد طرف يتقدم على الآخر و لو نسبيا رغم الانتصارات و الإنجازات الإسفيرية الدعائية ويبقى المواطن عالقا في الوسط يدفع الثمن الباهظ ويتحمل نتائج أخطاء كارثية تسبب فيها سياسيون و عسكر كانوا ولا يزالون دون قامة الهم الوطني تحركهم مصالح و حسابات خاصة هي أهدافهم الحقيقية.
بين النزوح الداخلي صارت هناك أحياء شبه خالية من سكانها وصارت المنازل ثكنات لقوات الدعم السريع ولم تسلم السيارات التي استولى عليها أيضا عسكر الدعم السريع الذين يرددون ما تم تلقينه لهم وهو محاربة الكيزان والمدنية في حين أن المتضررين هم المواطنون الذين خرجوا من قبل وأسقطوا الكيزان في سلمية لم تدنسها إلا أعمال العنف والقتل من طرف الشرطة التي تلاشت اليوم تماما ومعها جهاز أمن الإنقاذ وتشاركهم ذات القوات التي تحارب الكيزان اليوم وتبشر بالمدنية. خطاب كذوب أكد انعدام أي فكرة أو هدف للدعم السريع الذي يحاول الاختباء خلف شعارات الثورة، وهي منه براء.
أما من الجهة الأخرى نجد أن الحرب قد أوضحت تماما ما يعانيه الجيش جراء نتيجة لعملية الهدم التي طالته خلال عهد البائدة الإنقاذ والأمر لا يحتاج إلى إثبات و تكفي جولة في شوارع العاصمة لتوضح حجم انتشار الدعم السريع و ندرة وجود الجيش.
الموقفان أعلاه يبينان أن الحرب قد فرضت واقعها الذي لا يتحكم أحد أطرافها و هو َضع خطير يفتح المجال لحالات اقتتال على أسس جهوية و قبلية و بالتالي توسع رقعة انعدام الأمن.
و يستمر غياب الجبهة المدنية العريضة التي يفترض أن تكون هي الفاعل الأساسي و تظل أطراف النزاع المسلح هي التي تتقاتل وهي التي تتفاوض.