لأوَّل مرَّة في حياتي
بابكر الوسيلة
أخطو على شارع في المدينة وحدي
لا أحدٌ
لا اتِّجاه..
وربما لا تربةٌ تحت لَحْدي..
أحنُّ لضوء يُساندني في شتاتي
إلى قطرات مياه..
ولا صوتَ في الكون من أيِّ شيء
ولو فجأة على الخوف يقفز من ذكرياتي.
كأنَّ الطريقَ يمتدُّ يمتدُّ
إلى لا نهاية..
كأنَّ الأماكنَ حوليَ لم يكتبْ بَنُوها البُيُوت..
ولم ترسمْ خيوطُ أحبَّتِها
على الأرض خطَّ البداية.
أخطو وأخطو
في هَيُولى الدُّخان..
“حضرتُ ولم أجدْ بيتاً على اللَّبلاب..
لم أجد حتَّى في مخيِّلتي شُقُوقَ الباب..
غير أنِّي وجدتُ طيوراً أسفل الجدران..
تحتمي من قعقعة القتلِ بالنَّملِ،
وتبحث عن عُشِّها
ولو في كفُّ إنسان..
فتبَّاً لذاكرة بلا ذكرى
وتبَّت يدا هذا السُّكُوت”.
أنا أحدٌ من بني وطني..
سأمشي إلى الله حافي اليقين..
لا أميل شمالاً،
وليس لي رغبةٌ، أبداً، في اليمين..
أنا أحدٌ عاشقٌ من بقايا الحنين..
إذا سأل النِّيلُ عنِّي وعن بلدي ذاتَ حين..
سيعرِفُ الحقلُ في حَيِّنا
بماذا يَجُبُّ النَّدى،
وماذا يُجيبُ الرَّنين.
اللوحة بريشة: زبيدة الشواف