وجدى كامل
‫الرئيسية‬ مقالات بلد يحرق قلبها ويقدل فيها التافهون
مقالات - 25 مايو 2023, 8:42

بلد يحرق قلبها ويقدل فيها التافهون

وجدي كامل

ثبت الآن بالحرب وغيرها أن أسوأ السودانيين من تولوا امر قيادتنا، وأن أغبى الناس ممن التقيناهم في الحياة العامة ذات يوم، وشاركونا مقاعد الدرس ، وأحيانا السكن بالأحياء ونعرفهم عن قرب وكثب بتواضع القدرات هم من صعدوا ويحرقون قلب هذا البلد الآن. ومن غرائب الأحوال في السودان، وجراء مباغتات سياسية واقتصادية متعددة صارت منهم وبهدوء ومكر قيادات عسكرية، وأحيانا سياسية تأمر وتنهي وتحرك جيوشا من المتوحشين لخدمة أغراضهم ومصالحهم الرخيصة. ترى ماذا تكشف عنهم بعد الثورة؟ وماذا أكملت كشفه الحرب عنهم؟.

كشفت الثورة أنهم ككيزان ومعاونين ومرتزقة من عمل على تخريبها، وتصفيتها بما تأكد من ضلوع لهم في فض الاعتصام وقتل الثوار. وأكملت الحرب الحقيقة بأن عرفتهم وببساطة وإيجاز كمحض لصوص للمال العام، ليس في ضمائرهم ذرة من إيمان بدين أو وطن. إنهم من يشعلون هذه الحرب بالأصالة والوكالة معا لتنظيم الإخوان المسلمين وهم من قام بتربية الذئاب باسم حرس الحدود والدعم السريع وغيرها من ميلشيات لتأكلنا كشعب فلا يسرهم مجتمعين أن ترتقي الأوطان أو أن يهنأ الموطن بحياة مستقرة وآمنة. فما يهمهم حقا وفعلا تكديس الأموال والتباهي بتعاظم الثروات في حساباتهم واستمتاع أسرهم بالحياة المرفهة وتحطيمنا والتخلص منا للأبد.

لقد أخطأنا مرارا وتكرارا عندما لم نتحر الدقة في مستقبل علاقتهم بنا كشعب وكذبنا (الشينة) حتى أمطرونا حربا وتشريدا وإذلالًا وقتلوا الأحباب من الأهل والجيران والأصدقاء دون ذنب، ونهبوا البيوت وأرعبوا العجزة والأطفال. فهل هؤلاء بشر يمكن أو يجوز لهم مشاركتنا حق المواطنة في هذا البلد أم أنهم عصب وعصابات متوحشة وسفاكو دماء رمتهم غفلتنا وصنعتهم بأسباب شتى منها عدم الإقرار بالإصابة بالعمى السياسي والثقافي ومرض التاريخ. ما يحدث الآن بسببهم وبأياديهم فوق الوصف، ويتجاوز الخيال، ولا بد من عمل حيوي عاجل مشترك، وخريطة طريق نتفق عليها كسودانيين مدنيين أبرياء نسترد عبرها ما أهدر من كرامة وحقوق ووجود.

ولا بد لنا من وعي جديد كي ننجز المهمة الوطنية المقدسة ولأجل الاستفاقة من الأوهام الكثيفة التي تربينا في كنفها ورأيناها كحقائق، وعرفنا فيها أنفسنا كشعوب محصنة من الكوارث حتى إذا ما بلغ التصور للذات عند البعض منا أننا شعب استثنائي القدرات حتى كاد أن يقول بأنه شعب الله المختار. أي عدم مسؤولية عشنا ونعيش بها؟ أي عقل عبثي وتكوين نفسي مهترئ ذلك الذي لصق بنا وأوذينا به وبجوائحه السودان حتى صار بلدا يقدل فيه التافهون وينهب موارده ويتحكم في استراتيجياته الأجانب ويخرج اهله من ديارهم مكرهين ؟ إلا أنه ورغم ما سقناه من نقد فقد يبقى النقد ناقصا يذمنا ويبصق في وجوهنا إذا لم نقل إن هذه الحرب منا، خرجت من تحت ثيابنا، ومن ذات أساليب تفكيرنا، ومن مراكز العقول والنفوس بما امتلأت به من طاقات مدمرة وقاتلة للذات أولا قبل الآخر.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 4.8 / 5. Total : 4

كن أول من يقيم هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *