28 مارس 2024
infinity
logistics
bookstore
ads
‫الرئيسية‬ مجتمع أخبار “سوق الدعم السريع” الجانب المظلم للحرب ومستنقع “النيقرز” وعصابات تنهش المنهوبات
أخبار - تحقيقات - 10 مايو 2023, 12:51

“سوق الدعم السريع” الجانب المظلم للحرب ومستنقع “النيقرز” وعصابات تنهش المنهوبات

الخرطوم – مداميك

سوق الدعم السريع كما أطلق عليه رواده تجار الحرب وعصابات “النيقرز”  لا مكان أو عنوان له حتى تقصده.. مستنقع لمعاملاتهم الإجرامية يضرب عليها سياج السرية وتعقد صفقاته الآثمة عبر الهاتف فقط مع متحدث مجهول الهوية.. عنوان هذا السوق الجانب المظلم من نكبة الحرب، تجري به صفقات مقززة تفوح منها رائحة الدم والخيانة من معتادي الإجرام  وسماسرة المال المسروق لزبائن بلا ضمير أو أخلاق ومشترين ينهشون في معروضات لجرائم ارتكبت في حق عزل تم سلبهم بالسلاح أو نهب ممتلكات لشركات عامة وخاصة أو منظمات دولية.

فطائر الكراسون تقودنا لسوق الدعم السريع

أثناء تجولنا لتحقيق عن خدمات المياه التقينا في منطقة جنوب الحزام  “إسماعيل”، وهو منهمك في عرض صناديق لفطاير كراسون قيمة الصندوق ألف جنيه مع العلم أن سعر القطعة الواحدة من المنتج أقل من سعر الصندوق الذي يحتوي على 20 قطعة فطيرة عندما سألناه عن مصدر بضاعته أجاب مترددا من “سوق الدعم السريع” !!  سألناه أين يقع هذا السوق لنتاجر فيه وحقك برة.. وبعد الاتفاق على ألف جنيه سهل إسماعيل اتصالا تلفونيا ل (مداميك) بأحد وسطاء ما يسمى ب “سوق الدعم السريع”. عرض هذا الوسيط على محرر (مداميك) ثلاجة جديدة بسعر ثلاثين ألف جنيه فقط وأيضا موبايل ماركة هواوي بخمسة آلاف. وأكد – أن كنا راغبين في التعامل – سيعرض علينا غدا حلي ذهبية وأشياء أخرى ثمينة. سألت (مداميك) الوسيط  لماذا هذه الأسعار؟ جاءت الإجابة بتهكم صادم “ما انت عارف جاية من وين من مخازن تسعة طويلة“.. وحول هل يرضي هذا ضميره؟ أجاب بدم بارد “انا ما الشريف الفاضل والمثل بقول لو دار ابوك خربت شيل ليك قناية” . سأله لماذا سمي السوق بالدعم السريع هل هم مشتركون معكم ؟… أجاب “يا زول انت ما فيك نكهة كلامك كتير ما بتاع  مصلحة وشراء.. دعم سريع شنو المشترك معانا هم فاضين للتجارة والا الدانات دا اسم جا بظرفوا بالله شوف ربك وين “.… وأنهى المكالمة .

الأمم المتحدة: نهب 17 ألف طن من المواد الغذائية في السودان - شفقنا العربي

لا يجوز شراء الأشياء المنهوبة 

لمحاربة هذه الممارسة الإجرامية والحد من النهب والسلب نشرت هيئة شؤون الأنصار فتوى دينية مفادها  لا يجوز شراء أي شيء من الأشياء المنهوبة  كما لا يجوز قبول أي شيء من الأشياء المنهوبة على سبيل الهبة أو الصدقة، وناشدت المجتمع أن يعمل قدر الاستطاعة على حماية أموال الغير من النهب، بتكوين لجان في الأحياء لتجميع ما وجدته منهوبا وحصره في كشوفات ووضعه في مكان آمن تحت حراسة حتى إعادته لأصحابه حين تنجلي هذه الغمة. 

فوضى عارمة وتبادل الاتهامات

اجتاحت الخرطوم فوضى عارمة وحوادث قتل واغتصاب وعمليات نهب وسرقة منظمة متزامنة مع احتدام المعارك واختفاء لقوات الشرطة وسط معاناة السكان من أوضاع كارثية وانعدام الوقود والمواد الغذائية مع عدم توفر الخدمات المصرفية وانقطاع خدمات الماء والكهرباء وتعطل خطوط الهاتف وعدم استقرار الاتصال بالإنترنت.

بينما يتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات في تنفيذ هذه الأعمال الاجرامية التي تستهدف الممتلكات الخاصة والعامة. يقول شهود العيان إن الانفلات يحدث أحيانا من مسلحي الطرفين خلال المعارك، لكن غالبية اعمال النهب تقوم بها عصابات منظمة استغلت الفوضى والاشتباكات وانشغال القوات الأمنية لتحقيق أكبر قدر من الفوضى ونهب الممتلكات وقالت أسماء مصطفي ل (مداميك) “غادرنا منزلنا في جنوب الخرطوم إلى قرية عشيرتي في ولاية نهر النيل طلبا للأمن هربا من حالة انعدام الأمن والفوضى التي تشير أحداثها إلى أنها  ستستمر طويلا “. وأضافت: “غادرنا المنزل فقط وبسرعة ولم نفكر في أي شيء سوى الأمن والسلامة”.

ودعا والي ولاية الخرطوم المواطنين إلى تجنب الخروج وإقامة المتاريس في الشوارع لحماية المنازل من النهب. وأعلن المكتب الصحفي للشرطة السودانية، خروج قوات الاحتياطي المركزي إلى الميدان -قبل ستة أيام- لتأمين الأسواق وممتلكات المواطنين التي تعرضت للنهب والسلب والتخريب، وفق بيان عبر صفحته بفيسبوك. وعلى مدار الأيام الماضية لم تظهر هذه إلا مرة واحدة في معركة مع قوات الدعم السريع تكبدت فيها الشرطة خسائر فادحة، لتستمر الفوضى وترتفع وتيرة السلب والنهب لتشمل عددا من البنوك والمصارف والشركات والمصانع ومنازل المواطنين في العاصمة التي يسودها تخوف بين المواطنين من اتساع رقعة عمليات النهب والسرقة مع اتساع واستمرار الاشتباكات.

وساطة إماراتية تعيد جنود مصر من السودان - جريدة الجريدة الكويتية

يقول شهود عيان إن عصابات “النيقرز” هي التي تقف خلف عمليات النهب والسرقة ثم بيعها مرة أخرى للمواطنين بأسعار زهيدة. تقدم السيدة أنوار التي تسكن حي كوبر شهادتها ل (مداميك) “نظرت من نافذة الشقة في الطابق الرابع بعد أن هدأت المعارك لأرى ما يحدث في الشارع.. رأيت مئات المسلحين من عصابات (نيقرز) يحملون عبوات زيوت طعام وصناديق منتجات أخرى يسيرون باطمئنان عائدين من المنطقة الصناعية بعد أن نهبوا مصانعها”. وتسألت أنوار “أين قوات الشرطة وما هو دورها في ضبط الأمن ومحاربة العصابات؟”.

 في يوم الإثنين الماضي أعلنت نقابة أطباء السودان عن مقتل استشاري الباطنية والجهاز الهضمي والمناظير بمستشفى سوبا بشرى بن عوف، إثر تعرُّضه لطعنات من عصابة “النيقرز” في منزله.
وبعيدا عن لغة البيانات الرسمية يروي سكان الخرطوم حوادث مروعة جراء الانفلات الأمني والانتهاكات من اقتحام المنازل واستباحة الحرمات والنهب الممتلكات العامة والخاصة وأصبح من المعتاد أن تطالع في أخبار  وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لنهب بنك أو سوق الشركة أو منزل أو حتى جريمة اغتصاب.
يقول أحمد في فيس بوك “عندما كنت أسير في شوارع حي كافوري بحثا عن خبز سمعت أنينا لامرأة وعندما التفت رأيت رجال مسلحين يغتصبون امرأة تمتهن بيع الشاري وسط أشجار وطلب من النساء عدم الخروج تحت أي ظرف كان”.

ويقدم عصام تية عصام شهادته ل (مداميك) فيقول  “صادفتني عصابات (النيقرز)، التي تتجول داخل أحياء مدينة الأزهري وأنا أبحث عن الماء فنهبوا هاتفي تحت التهديد، ولم تصدق العصابة أني لا أحمل معي أموالا  فتعرضت لإصابة بالسكين والضرب أدت لإصابات وجروح حملت بسببها إلى المستشفى”. وطالب بعودة الشرطة طرد عصابات (النيقرز).

عصابة النيقرز

عصابات “النيقرز” صنيعة جهاز أمن الفلول 

يتهم السودانيون جهاز أمن فلول النظام البائد بتكوين وصناعة عصابات النيقرز بهدف ابتزازهم لمقايضة حريتهم مقابل منع الفوضى وعدم الأمان، وتطلق عصابات النيقرز في أوقات معينة وأفرادها يحملون السواطير والأسلحة ينهبون المارة  على الطرق الرئيسية في وضح النهار.

ويقول الناشط طارق حمدان في إفادة ل (مداميك) “مصطلح النيقرز مرادف لمصطلحات البلطجية أو الشبيحة أو الشفارة في دول الجوار وهو سيناريو أمني معروف ومنهج لأجهزة أمن البلدان التي تحكمها الديكتاتوريات الفاشية”. ويضيف تابعنا “حدوث هذا السيناريو  في دول محيطة ثارت شعوبها ضد الانظمة الديكتاتورية”. وتابع “بخصوص ما يحدث اليوم من انفلات مدبر علينا الإجابة عن سؤال ألم يحدث مثل هذا التلفت بهدف الترويع من قبل؟”. واسترسل موضحا: “الجميع يذكر هجوم عصابات النيقرز  إبان أحداث هبة سبتمبر عام 2013 ، ثم اختفاؤها من الساحة بعد قمع الفلول للشعب، ثم عاودت هذه العصابات الظهور  لتمارس إجرامها ممارسة بشكل أوسع وأكثر تنظيماً إبان ثورة ديسمبر 2019. مستغلة الحراك الشعبي وبداية سقوط النظام، ثم ظهرت مرة أخرى قبل فض الاعتصام وبعده ودعت مكبرات الصوت في مساجد الأحياء السكان للتسلح لحماية أنفسهم من عصابات النيقرز، وأيضا خلقت عصابات النيقرز فوضى وروعت المواطنين قبل تشكيل الحكومة الانتقالية، وإذا تمعنا في هذا الظهور الإجرامي نجد أن هجمات هذه العصابات ملازمة بطريقة منظمة لكل حراك شعبي يصب في غير مصلحة فلول النظام البائد أو بغرض التغطية على مخططاتهم الإجرامية “.

بالصور.. عمليات نهب واسعة بالسوق العربي الخرطوم (جاكسون) ومواطنون يغلقون الشوارع المحيطة بالمتاريس — تاق برس

جزم مصدر أمني لمداميك بأن التنظيم الدقيق عصابات “النيقرز” يشير إلى وجود جهة أمنية نافذة من ورائها توفر لها الدعم والتدريب والحماية والغطاء. ويوضح  المصدر أن لكل عصابة منظومة تنظم عملها، ولها هيكل إداري يبدأ من الزعيم ويسمى بـ”البوس”. ويتدرج الهيكل نزولاً إلى درجة الأفراد، وتتم معاقبة كل من يخالف قانون العصابة بعقوبات تصل الى القتل حداً أقصى، ولكل مجموعة منطقة جغرافية محددة. تمتلك العصابة أسلحة متنوعة، معظمها بيضاء، ويتمتع أفرادها بزي معين وإكسسوارات تميزهم عن دونهم، وكذلك تتفاوت أعمارهم.

 ويكشف مصدر اخر  لمداميك عن انه كان يعمل  ضمن تيم للمباحث مكلف بالقبض علي هذه العصابات بعد فض اعتصام القيادة العامة وتنامي ظاهرة النهب والترويع في العاصمة. وعندما توصل التيم الي الخيوط التي تفك طلاسم تكوين هذه العصابات وحلقات الوصل بينها التي كانت تشير الي منسوبي الاجهزة الامنية وتحديدا شرطة الاحتياطي المركزي وهيئة العمليات بشكل مفاجئ جاءت الأوامر بإيقاف التحريات وتكليفنا بمهمة اخري تتعلق بمكافحة المخدرات وتم نقل افراد التيم الي ولايات وسط دارفور وتمت احالتي للمعاش ضمن كشوفات هيكلة الشرطة وبهذا تم قتل التحريات والمعلومات التي تحصل عليها تيم المباحث.

.شاهد.. عمليات سلب ونهب في السودان جراء الاشتباكات

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 3 / 5. Total : 2

كن أول من يقيم هذا المقال

لا يفوتكم