صلاح الزين
‫الرئيسية‬ مفكرة الحرب صلاح الزين يكتب الحربُ حربان: هنا و هناك
مفكرة الحرب - مقالات - 9 مايو 2023, 7:03

صلاح الزين يكتب الحربُ حربان: هنا و هناك

ليس هناك حرب جيدة لشخص ما ” ماركيز

صلاح الزين

للجنرال حربه، وللجنرالين حرباهما، كما للحرب هي الأخرى حربها

حربٌ سهت زمنًا عن كونها حربًا فاستفاقت لتكون حربًا حتى تأوي لزريبة المصطلح والتعريف

لكل الحروب آباءٌ سريون وأمهات مقدودات من الريح والعدم. هكذا قالت الحرب لتكون بشجرة أنساب تُحيلُ إلى المجاور والغامض، فاستولدت ضرورةَ معرفةِ عروقِ شجرةِ النَسَب تلك وبلولةِ طينِها حتى تكون البذرة مخفية بضوء الشمس !!

للحرب، صِنوُ الموت والاندثارات، ما ينفي عنها ما تكونه كل حرب: المحو والانسهاك

بحنكةِ صيادٍ ماهرٍ ودُورِيٍّ بألفِ روحٍ وحياة، تأخذنا الحرب إلى سُرَّتها فلا نرى نَسَبًا لها إلا ما تُريهِ إيانا فتكون المرآة والناظر إلى جوفِها كخيبةٍ فاتَها شروقُ التعرُّفِ والاعتراف !!

هي إسفنجة بأنانية غزال يَرضع أُمَّهُ

تكون، الحرب، هنا والآن وتخفي أنها كانت هناك ومِنْ قبلٍ، مِن قبلٍ مديد، كما لم تكن حرب آن الخامس عشر من أبريل في عامها هذا، هي حربٌ كانت في آن غابر و”هُناكًا” بجغرافية واختلاف شهيات وصبوات صلوات

تهاجرُ الحربُ إلى ما توده شهياتُها وحدوسُها، كما العِباد والطيور، حتى تكون بكينونةٍ تسترُ عورةَ التاريخ عندما تقسو عليه جغرافياه ورائحة الشجر. فتكون حرب “الهُنا” بغير بِشرة حرب “الهُناك” ولكنهما بذات طول المشيمة وسُمكها كما امرأة أضعتها فما ضاع أريجُ أنفاسِها ولا قسوة تقطيبة العتاب !!

كما للحقل لونه والسماء علوها، للحرب ذكاء مقيم كآلهة بمخلوقات. بها حياءُ الوردةِ من قُبلةِ النحلة ورحيقِ التخلُّقِ وميلادِ الشهدِ في الموسم المواتي. فتكون ولا تكون، كشَبحٍ ملعون، في ذات الضحى والظهيرة

الإمساكُ بحفرة ولادتها و زِي قابلتها كقبلة من خلف زجاج !! فالزجاج هو الماثلُ بينما القبلةُ تبحث عن شفاهٍ من جِلدٍ ودمٍ لتكون كنهرِ فضة لا يعدمه سماء

هكذا هي الحرب، كالحقيقة، تتخفَّى عندما تتجلَّى ولا تكون عندما تكون.
هي نعلُ التاريخ لتُقيهِ قيامَ القيامة والسقوطَ في بهو العدم. لها حراسها ووصيفات بلاطها وكمنجات طربها ونبيذ معتق.
وفي غموضها ذاك تُستَبان، كشمسٍ، لمن لا بعينه رمد

فكان أنْ صارت عندنا حربان في قِمط حربٍ واحدة كانت هناك، هناك من قبل.
ضجُرت الحربُ من “هُناكِها” وأزيائه فغرقت في لُعاب “الهُنا” الممدود في كرمٍ بغير إنهاكٍ، فتحققت توأمة التاريخ والجغرافية !! حربٌ بتاريخ وجغرافية، وجغرافيةٌ بتاريخٍ وحرب، ما فيش زمكان أحسن من زمكان !!

والحرب، مِثلُ زوجَيْ حَمام، يلزمها، حتى تكون، بعضًا مِن صفاتِ بداهة انقياد الغيم برسن الريح

وتبقى حربُنا على الحرب تلك حربًا على البداهة، بداهةَ أنْ يُدخِل الشبَّاك ما يود من هواء يعبر تحتَه، أو شرفةً تنقصها مهارة تأمُّلِ سربِ ظباءٍ تحتها أضاع رائحة النبع وقطيع الذئاب !!

كما الممارسة، ذات الحرب حربٌ على المُتَبدِّه في المعاش والمكرور لتصير، ككل الحروب، حربًا يفنيها حلمُ المختلفِ المثابرِ والعنيد.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 1 / 5. Total : 1

كن أول من يقيم هذا المقال

تعليق واحد

  1. رغم مأساة الحرب و الدمار يبقى دائمآ الأمل ! ومن رحم المعاناه تخرج إلينا كتابات بتلك الروعه ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *