طارق جبريل
‫الرئيسية‬ مقالات آراء السلطة المدنية للاتصالات
آراء - مقالات - 21 يناير 2023, 15:51

السلطة المدنية للاتصالات

طارق جبريل
تؤكد التجربة الكيزانية الفاسدة والمحاصصات الحزبية المجربة بعد الثورة في التعامل مع ملف الاتصالات، ومن قبلهم، ومنذ أن أدخل سعادة “الباشا” المستعمر خطوط التلفونات إلى السودان في عام 1884م من أجل التحكم في الشعب السوداني وإحكام السيطرة على موارده هو نفس السبب القائم الآن وبعد مرور كل هذه السنين، وتؤكد أيضاً أن فلسفة معظم النخب السياسية السودانية، ومنذ الاستقلال في الحكم لا تختلف اختلاف نوع في تعاملها الانتهازي مع موارد البلاد، عن فلسفة المستعمر، وإنما تتفاوت في مقدار الانتهازية، وتتجاوز المستعمر شراهة في أحيان كثيرة.
كما أن التطور النوعي الذي شهدته الاتصالات في عهد الإنقاذ لم يكن بالضرورة معتمدا على دهاء تاج السر مصطفى أو عبقرية عبدالعزيز عثمان أو تجليات مهندس الشر عماد الدين حسين، بل كانت طفرة عالمية تأثر بها السودان كغيره من الدول، واجتاحته فتوحات الاتصالات وتقنية المعلومات في التسعينيات والألفينيات في تزامن مع ظهور الثعلب في ثياب الواعظين.
فلا ينسب الفضل لهم، كما يدّعون، بل على العكس تماما، هم مسؤولون عن السرقة والفساد وعن كثير من التقصير في جعل الاتصالات وتقنية المعلومات أداة أساسية من أدوات ازدهار البلاد ورفاهية شعب السودان، بدلا من التجسس على الشعب وتدمير اقتصاده. وتركيز الخدمات في أماكن منفعة تنظيمهم بعيدا عن مناطق الحاجة الفعلية للوطن والمواطن.
في الحقيقة ما قام به (علي) والأربعين حرامي هو استيلاء على قطاع الاتصالات وتخصيصه لأنفسهم وأستجلاب التقنية بعمولات فلكية التكلفة المادية والأمنية، فأكملوا دائرة النهب ب(الأتمتة) و(الأمننة) لسرقة موارد الدولة.
ولم يتحدث أي من أعضاء الأحزاب المحاصصة أثناء الانتقالية عن تفكيك تنظيم الكيزان داخل قطاع الاتصالات على أهميته، أو عن استراتيجية أحزابهم أو برامجها ورؤيتها لقطاع الاتصالات أو أي قطاع استراتيجي آخر . كان كل همهم اقتطاع نصيبهم من الكيكة والمحاصصة.. وسجل (الحزب الاتحادي) الذي استوزر على الاتصالات في عهد الإنقاذ نموذجاً ممتازا لذلك، وكان أعظم إنجاز قدمه الاتحادي للاتصالات في عهد الإنقاذ وبرعاية الوزير الاتحادي هو الاحتفال المهيب الذي قدمته وزارة الاتصالات بمناسبة إنشاء بريد إلكتروني للوزارة.. (الصلاة على النبي)
ثم استوزر الحزب الاتحادي الاتصالات مرة أخرى بعد الثورة ليهدي الثورة وزيرا لم يصدر ولا قرارا واحدا في صالح الثورة السودانية أو حتى السيرلانكية..
إن النأي بقطاع الاتصالات وكل القطاعات المدنية الحيوية والاستراتيجية بعيدا عن التناحر السياسي والمطامع الحزبية هو ضمان لقومية التصرف في أمن وموارد البلاد قبل أن يكون حقاً مشروعاً للشعب… من أجل عيون أطفال السودان ووفاءً لشهدائه…
فالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، هي أحد أقوى وأهم وسائل حماية الفترة الانتقالية و الديموقراطية و الحفاظ على مدنية الدولة، وقد قامت هذه الثورة المجيدة من أجل الحرية والسلام والعدالة ولا تكتمل إلا بإيصال حق الاتصال والانترنت لكل مواطن سوداني في كل ربوع الوطن الحبيب، وتمكينه من حقه في الوصول للخدمة واستخدامها بكل حرية وسلام وعدالة في ما يحقق حماية وجوده ونماء مصلحته المشروعة وتطوّره ورفاهية حياته..
نقترح على “مولانا “رجال المقاومة إدراج حق الاتصال في المادة الأولى ضمن حرية التعبير والإعلام لكل مواطن سوداني في الدستور السوداني.. لكي نضمن ترجمته إلى تغيير في قانون الاتصالات الحالي و(إنشاء) كيان مدني جديد يحفظ حقوق السودانيين الفردية والقومية في الإتصالات وهو (المجلس الأعلى للإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات) وليس وزارة أخرى تصبح عبئاً على كاهل المواطن السوداني..
وبذلك يجسد السلطة الوحيدة المخول لها أخذ القرار نيابة عن الشعب السوداني في قطع الانترنت ومنح الرخص والتحكم في قطاع الاتصالات والتحكم في الفكر الجمعي السوداني ويحقق مدنية الاتصالات..
أتمنى من كل قلبي ان يشارك الأخوة في مجال الاتصالات والإعلام والصحافة بإدلاء الرأي ومعاونة لجان المقاومة لرسم خارطة طريق لقطاع الإعلام الإتصالات بصورة قومية يمكن أن تكون ملامحها.
١. إنشاء المجلس الأعلى للإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات وهو مجلس مدني منتخب مثال.. من الكيانات المهنيه (5)يضاف إليهم ممثلون للجان المقاومة (3) ممثل حقوق المستهلك (1) ممثل مجلس الوزراء (3) ممثل بنك السودان (1) ممثل شركات الاتصات (4) وممثل الإعلام المقروء (٣)، ممثل الإذاعة التلفزيون (2)، ممثل الجامعات البحث العلمي (2) ممثل اتحاد العمل (1)ممثل للمرأة (1) ممثل للريف (3) ممثل الطلاب (1) ممثل الشباب (1) ممثل الطفل (1) … يكون مساءلاً من البرلمان ويتم إنشاء قانون خاص به.
٢.إلغاء وزارتي الإعلام والاتصالات
٣. إعادة هيكلة جهاز تنظيم البريد والاتصالات ومنح سلطاته للمجلس الأعلى للإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات، ليكون إحدى الهيئات التي تعمل بتوجيه من المجلس.. مثلا في ما يخص قرار قطع الانترنت
٤.إنشاء هيئة قياس الفكر الجمعي السوداني وأداء الاعلام المحلي التقليدي والبديل والتعامل الرأسي مع المجلس والبيني مع السلطات التنفيذية والقانونية ضمن هيكلة المجلس..
٥.العمل على توزيع المهام التنفيذية لقطاع الاتصالات و البيانات القومية للسودان عن طريق وزارتي البنية التحتية والحكومة الإلكترونية.
٦. . إعادة تنظيم الحقوق والسلطات للمخارج العالمية والأنظمة الإلكترونية القومية.
٧. مراجعة أوضاع شركات الاتصالات العاملة في السودان والرخص والتوكيلات الممنوحة وإعادة تقييم حقوق الدولة وصلاحياتها في الشركات العاملة في القطاع.
ختاما، نعيد ونقول إن موقع السودان الاستراتيجي يؤهله لأن يكون من أهم مواقع إنزال الكابلات البحرية الحاملة للإنترنت للربط والربط البديل بين القارات الثلاث عن طريق الألياف الضوئية. كما يمثل موقعاً استراتيجياً لإقامة مراكز بيانات ذات سعات هائلة تكون جاذبة لعمالقة الانترنت والتكنلوجيا. وتكتمل الدائرة بإطلاق الأقمار الصناعية السودانية للاتصالات والتي تحمل أسماء شهدائنا.. ويصبح السودان أهم دولة في المنطقة للبحث وللاستثمار في الاتصالات وتقنية المعلومات كواحدة من أهم دواعي الازدهار.
عزيزي المشترك هذا المنشور مستهدف به أنت، فإذا كنت من لجان المقاومة، تكرم بتمريره للقيادات وإذا كنت من أهل الأحزاب، فاسأل قيادة حزبك عن استراتيجية الحزب للإتصالات وتأمل الإجابة وقل رأيك بشجاعة.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 4.8 / 5. Total : 5

كن أول من يقيم هذا المقال