
مدني عباس: المؤسسة العسكرية واستنفاذ فرص الحكم
بقلم: مدني عباس
(١)
استنفذت المؤسسة العسكرية في السودان فرصها للحكم، بعد ٦٧ عاماً من الاستقلال، حكم الجيش فيها ٥٤ سنة، كان نتاجها انقسام السودان، اشتعال الحرب الأهلية في ثماني ولايات واشتعال التوتر الاثني في شرق السودان، وعلى المستوى الاقتصادي السودان من الدول الأقل نمواً وتتجاوز نسبة الفقراء فيه أكثر من ثلثي السكان .إذن بيان بالعمل -بلغة الجيش – لا يمكن لعاقل أن ينبني فكرة مشاركة الجيش في العملية السياسية دعك من التحكم فيها، انقلاب ٢٥ أكتوبر كان تأكيد بأن مستقبل الحكم في السودان لا يتضمن وجود المؤسسة العسكري في هياكله، صحيح أن جل القادة العسكريين لم يصلوا إلى هذه القناعة بعد على الرغم من مضيهم في مسار تسوية سياسية، لكن قناعاتهم غير مهمة، فمسار التحول الديمقراطي في السودان مسار حتمي من يعانده فقد اختار الخيار الخاطئ، لمصلحة المؤسسة العسكرية ولصالح الوطن أن يكون خيار الجيش للثكنات خير استراتيجي لا مناورة بالنسبة للجيش.
(٢)
دولة ما بعد الاستعمار في السودان تلفظ أنفاسها الأخيرة ولا زال بعد سدنتها يتمسكون بها، حرصاً على مكتسبات الماضي، بعض قيادات الإدارة الأهلية وبعض الشخصيات الدينية وقد ارتبطت بنظام الحركة الإسلامية المحلول تحاول أن ترد دين الامتيازات التي منحها إياها النظام البائد، لاعبة بكرت الاستقطاب السياسي والديني ووالغة في مستنقع العمالة للخارج، هذه القيادات تبنت معارضة الانتقال الديمقراطي صراحة بالتعاون مع القيادات العسكرية وبالتواطؤ مع بعض دول الجوار، ارتفعت أصواتها وهي التي لم تعلي أصواتها منذ الاستعمار، وهي توقن إن الثورة السودان هي ثورة حقيقية وستؤدي إلى تغيير سياسي واجتماعي عميق، لا محال فيه للانتهازيين والمتاحرين بقضايا المناطق والإقليم، فرفرتهم الأخيرة لن تنقذهم بل ستعحل بكنسهم إلى المكان الذي يستحقون.
(٣)
منذ بدايات ثورة ديسمبر وحتى يومنا هذا لم نصل بعض لتحقيق أماني السودانيين، لكن ما لاشك فيه أننا قطعنا شوط طويل، لا محال فيه للرجعة لما كنا عليه، لن يحكم السودان بطاغية مرة أخرى، لن يكون المتأسلمون جزءا من مستقبل الحكم في السودان، ولن يتحكم المتاجرين باسم القبيلة في مستقبل الوطن ، مستقبل هذا الوطن يصنعه أبناؤها بنضحية تفوق الخيال، وصبر لا ينقضي، المستقبل لهم لا لكهنة الماضي وسدنته.